موسكو توثق الشراكة مع حفتر: دعم عسكري وهيكلة فاغنر والتوغل بأفريقيا

26 اغسطس 2023
تنوي روسيا استخدام ليبيا كقاعدة انطلاق نحو عمق أفريقيا (Getty)
+ الخط -

يتجه الدعم العسكري الروسي لمعسكر اللواء المتقاعد خليفة حفتر إلى مرحلة جديدة، في سياق اضطرار موسكو إلى إعادة هيكلة وجودها في أفريقيا، على خلفية تمرد مجموعة فاغنر العسكرية، ثم مقتل قائدها يفغيني بريغوجين، أخيراً.

ووصل نائب وزير الدفاع الروسي، يونس بك يفكوروف إلى معسكر حفتر في أول زيارة روسية معلنة ورفيعة المستوى. وبالتزامن أعلن الأخير، مساء الجمعة، إطلاق عملية عسكرية "في النطاق الحدودي الجنوبي، تأميناً لحدود الدولة"، بحسب بيان للمتحدث الرسمي باسم قيادة حفتر، أحمد المسماري. 

وقالت مصادر عسكرية وأمنية في بنغازي الليبية إن اللقاءات التي أجراها نائب الوزير الروسي، كانت في أكثر من مكان بين بنغازي وقاعدة الرجمة، وانتهت إلى الاتفاق على تطوير الشراكة العسكرية بين الطرفين.

ومنذ الثلاثاء الماضي، وعلى مدى ثلاثة أيام، تنقل يفكوروف بين بنغازي والرجمة، ضمن سلسلة لقاءات مع حفتر وعدد من قادته العسكريين المقربين منه، برفقة وفد عسكري رفيع، ما يؤشر على أهمية الزيارة، خصوصاً أنها الأولى من نوعها منذ بدء الارتباط بين موسكو وحفتر مطلع 2017، عندما ظهر الأخير على ظهر حاملة الطائرات "أدميرال كوزنيتسوف" الروسية قبالة شواطئ بنغازي، ولاحقاً استُقبِل كشخصية رسمية ليبية في موسكو، وحظي بلقاءات مهمة مع وزير الدفاع سيرغي شويغو، ووزير الخارجية سيرغي لافروف.

وفيما لم يعلن الجانبان تفاصيل واضحة للزيارة، سوى أنها جاءت "في إطار التعاون العسكري والأمني ومحاربة الإرهاب والجريمة العابرة للحدود"، كشفت مصادر عسكرية وأمنية من بنغازي لـ"العربي الجديد"، أن الجانب الروسي وافق على مطالب حفتر لبناء ورش لصيانة معدات عسكرية في قاعدة جمال عبد الناصر في طبرق، وقاعدة الجفرة، مشيرة إلى أن الجانب الروسي لا يزال في مرحلة التفاوض بشأن مطالب أخرى من جانب حفتر تتعلق بتحديث منظومة تسليح مليشياته بطائرات سوخوي 24 ومنظومات الدفاع الجوي إس 400 التي سبق أن تحصّل على قطع منها. بالإضافة إلى ذلك، يسعى حفتر للحصول على طيران مسيّر وبناء ورش لتدريب قواته على استخدامها، حسب المصادر.

وفي مقابل ذلك، سيتولى حفتر مسؤولية شرعنة الوجود العسكري الروسي من خلال اتفاق أمني معلن في مجلس النواب والحكومة المكلفة منه، لتسهيل تأمين النشاط العسكري الروسي في الأراضي الليبية، وفقاً للمصادر نفسها.

وأشارت المصادر إلى أن إعلان حكومة مجلس النواب دعمها لعملية حفتر العسكرية بمثابة خطوة لاحتضان شرعية الشراكة بين حفتر والجانب الروسي. 

ولفت أحد المصادر إلى أن الزيارة الروسية أُعدَّ لها منذ أسابيع بطلب من حفتر، موضحاً أن "نشاط الوفد الروسي لم يقتصر على اللقاءات في بنغازي والرجمة، بل زار بعض مرافقي نائب الوزير الروسي قاعدة الجفرة أيضاً والتقوا ضباطاً من فاغنر داخل القاعدة للترتيب والإشراف على تمركزات المجموعة العسكرية خارج القاعدة، وخصوصاً في مناطق الجنوب الليبي".

وقال المصدر إن عمليات نقل وانتشار جديد تجري في مناطق الجنوب بالتنسيق بين قيادة حفتر والجانب الروسي على علاقة بتلك الاجتماعات. 

وأضاف المصدر أن "وحدات من الجيش (مليشيات حفتر) برفقة مجموعات من فاغنر انتشرت في محيط قاعدة لويغ ونقلت عتاداً عسكرياً في المناطق القريبة منها، وأيضاً انتقلت وحدات من قاعدة براك الشاطئ إلى قاعدة السارة قرب الحدود التشادية". 

ويرى عادل عبد الكافي، المستشار العسكري والاستراتيجي للقائد الأعلى للجيش الليبي سابقاً، أن موسكو تتجه فعلياً لإعلان وجود في ليبيا، وأن زيارة يفكوروف تأتي في هذا السياق.

وقال عبد الكافي لـ"العربي الجديد"، إن روسيا بدأت بخطط هيكلة مجموعة فاغنر والسيطرة على قرارها وتحركاتها، ومنها مجموعاتها الموجودة في ليبيا، على أن تتحرك من الأخيرة في اتجاه ساحات أفريقية مجاورة. 

وأضاف: "لم يعد بالإمكان إنكار موسكو تبعية فاغنر لها، فهي موجودة في قواعد الجفرة وبراك الشاطئ وتمنهنت والسارة والخروبة، وانطلقت منها العديد من عمليات التدخل العسكري في مالي وتشاد والسودان. كل هذا لم يعد سراً".

ولفت إلى أن التوسع الروسي في الدول الأفريقية في ظل الاستراتيجية القارية التي تنفذها موسكو وصل إلى مرحلة تقتضي إعلان تبنيها فاغنر والبدء بإعادة هيكلة قياداتها للسيطرة المباشرة عليها. 

وتابع أن موسكو تتعامل مع حركات التمرد الأفريقية لإيجاد أنظمة موالية لها، مشيراً إلى أن شراكتها مع حفتر تأتي في هذا السياق، "لكونه (حفتر) متمرداً عسكرياً على كل القيادات والشرعية في ليبيا".

وأضاف: "جاءت زيارة نائب الوزير الروسي لمعسكر الرجمة لعقد شراكة بهدف تأمين مواقع فاغنر في مناطق الجنوب لتسهيل وصولها عبر الحدود إلى الدول الأفريقية التي تمتلك فيها نفوذاً"، معتبراً أن العملية العسكرية التي أعلنتها قيادة حفتر أمس الجمعة جاءت لتحقيق هذه الأهداف. 

ورجح أن يكون الهدف المقبل لموسكو دولة تشاد، وقال: "من المهم تأمين مناطق الجنوب لتسهيل استمرار وصول فاغنر إلى العمق النيجري من جهة، وتأمين المنطقة الحدودية مع تشاد من جهة أخرى".

المساهمون