موسكو تحتفي بوفد حزب "البديل" المتطرف في ظل فتور العلاقة مع برلين

10 ديسمبر 2020
الاجتماع يبعث برسالة واضحة لدعم اليمين المتطرف الأوروبي (Getty)
+ الخط -

لافتة هي الزيارة التي يقوم بها وفد من حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني الشعبوي إلى موسكو، والذي يضم الرئيس المشارك لحزب "البديل"، تينو شروبالا، والمتحدث باسم السياسة الخارجية للكتلة البرلمانية للحزب أرمين باولس هامبل، من حيث التوقيت والأسلوب، إذ تأتي في مرحلة تمر فيها العلاقات الثنائية بين القيادة السياسية في ألمانيا وروسيا في حالة فتور وتباعد كبيرين بعد تسميم المعارض الروسي أليكسي نافالني.

ووفق التحليلات، فإن استقبال كبير الدبلوماسيين الروس، سيرغي لافروف، لحزب البديل اليميني الشعبوي، هو أكبر بكثير من مجرد لفتة مجاملة، مع منحه الوقت لسياسيين معارضين من دولة أوروبية، وجلوسه معهم لمدة ثلاث ساعات تخللها غداء عمل، وهذا ليس بديهياً بأي حال من الأحوال، على أن يلتقيا خلال الزيارة أيضًا بأعضاء من مجلس الدوما الروسي، قبل أن يعودا غداً الخميس إلى ألمانيا.

وفي السياق، أشارت "شبيغل أونلاين"، إلى أن لافروف لم يتردد خلال اللقاء في القول إنه "من الطبيعي" أن يلتقي مسؤولون روس بسياسيين معارضين، متحدثاً بامتنان عن اهتمام "البديل" بالاجتماع، واشتكى من محاولات برلين نسف الاجتماع وعرقلة الرحلة، ولم يشرح ما كان يقصده بالعقبات التقنية والبروتوكولية "التي وضعتها الحكومة الفيدرالية".

استقبال كبير الدبلوماسيين الروس، سيرغي لافروف، لحزب البديل اليميني الشعبوي، هو أكبر بكثير من مجرد لفتة مجاملة

ونقلت "تاغس شبيغل" عن الباحث السياسي في شؤون المتطرفين اليمينيين الأوروبيين وعلاقاتهم بروسيا، أنطون شيخوفتسوف، أن هناك سببين لاجتماع لافروف بممثلي أكبر حزب معارض في البوندستاغ، والذي يعد واجهة اليمين الشعبوي في ألمانيا؛ الأول هو ممارسة الكرملين طويلة الأمد المتمثلة في معارضة تصرفات الغرب ومواقفه تجاه روسيا، وهذا جزء منها، أي الرد على الطريقة الألمانية في التعامل معها، وقضية نافالني مثال واضح؛ أما السبب الآخر، فهو أن موسكو تحاول تصوير نفسها على أنها قوة شعبوية عالمية تدافع عما تعتبره قيماً تقليدية لمهاجمة الليبرالية الغربية وتحدي النخب العالمية، ومن هذه الخلفية، فإن الاجتماع يبعث برسالة واضحة لدعم اليمين المتطرف الأوروبي، وفق تعبيره.

تقارير دولية
التحديثات الحية

ورأت الصحيفة نفسها في استقبال لافروف لسياسيي البديل رداً على الدور الألماني في قضية تسميم زعيم المعارضة الروسية نافالني خلال شهر أغسطس/آب الماضي، والذي زارته لاحقاً المستشارة أنغيلا ميركل في مستشفى شارتييه البرليني، إذ طالبت الحكومة الألمانية السلطات الروسية بتقديم توضيحات حول العملية، لكن دون جدوى. في المقابل، تطالب موسكو بتزويدها بمعلومات شاملة عن قضية نافالني.

وعن المعاملة التفضيلية التي تلقاها البديل في موسكو، أبرز موقع "هايزه" الاخباري أن لافروف، الذي لا يسلك طريق مجلس الدوما (البرلمان الروسي) إلا نادراً، وذهب إلى المجلس المذكور للقاء البرلمانيين الألمان المعارضين، يبدو واضحاً أنه يريد تعزيز الروابط مع قادة "البديل" وتطويرها. من جهة ثانية، اعتبر الخبير الألماني في شؤون الشرق، ألكسندر راهر، أن الهيكلية والأهداف بين حزب الكرملين وحزب البديل مختلفة تماماً، لكن مع بروز المشاكل في الآونة الأخيرة بين المحافظين الألمان وروسيا في السياسة الخارجية، جاءت المبالغة في طريقة استقبال "البديل"، وهي ليست إلا صفعة متعمدة في وجه المؤسسة السياسية الألمانية التي تتجنب التواصل الودي مع موسكو قدر الإمكان.

عضوا الوفد الألماني، شروبالا وهامبل، أوضحا في تصريحاتهما أمام الاعلام أنهما يتشاركان مع روسيا الموقف بشأن القضايا الرئيسية بينها وبين الغرب

تجدر الإشارة إلى أن عضوي الوفد الألماني، شروبالا وهامبل، أوضحا في تصريحاتهما أمام الاعلام أنهما يتشاركان مع روسيا الموقف بشأن القضايا الرئيسية بينها وبين الغرب. وفي ما يخص قضية المعارض الروسي نافالني، الذي تم تسميمه في موسكو ونقل على عجل إلى ألمانيا للمعالجة، اعتبر عضوا البديل أن رواية التسميم بغاز الأعصاب "نوفيتشوك" لا تصدق، كما وانتقدا بعد الاجتماع عقوبات الاتحاد الأوروبي ضد روسيا، وربط مشروع "نورد ستريم 2" الأساسي لأمن الطاقة بقضية نافالني، معتبرين أن ذلك "لا يخدم سوى المصالح الأميركية".

واعتبرا كذلك أن الحكومة الألمانية "انتهكت الثقة"، وأن بلادهم يمكن أن تكسب الكثير في حال عدم تدخلها في أمور خارجية، وهذا ينطبق على أزمات أوكرانيا وبيلاروسيا وناغورنو كاراباخ، وهي المشاكل التي رأوا أن موسكو وحدها من يتعين عليها التعامل معها، على أن تجد ألمانيا طريقها للعودة إلى السياسة الواقعية التي تقوم أساساً على مصالحها الخاصة. إضافة إلى ذلك، شدد الوفد على أن أوروبا يجب أن تظهر كلاعب مستقل في العالم.

دلالات
المساهمون