موريتانيا: سجال بين الحكومة والرئيس السابق بشأن الحريات

19 نوفمبر 2021
طلبت الحكومة من ولد عبد العزيز التفرغ لملفه عن الفساد المالي المعروض أمام القضاء (Getty)
+ الخط -

تبادل الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز، والناطق باسم الحكومة الحالية وزير الثقافة المختار ولد داهي، اتهامات بشأن "التضييق على الحريات"، على خلفية تمرير البرلمان قانون "حماية الرموز الوطنية".

ورأى ولد عبد العزيز أنّ تمرير البرلمان قانون "حماية الرموز الوطنية" يعد انتكاسة للمكتسبات الديمقراطية وتضييقاً غير مسبوق على حرية التعبير والنشر، فيما رأت الحكومة على لسان الناطق باسمها أنّ "الحريات لم تكن مصونة في عهد الرئيس السابق، وأنّ عليه التفرّغ لملفه المعروض أمام القضاء".

وكانت الجمعية الوطنية (البرلمان) صادقت، في 10 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري على "قانون حماية الرموز الوطنية" الذي أثار جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والحقوقية في البلاد، فيما انسحب نواب المعارضة (28 نائباً من أصل 157) عن جلسة التصويت على القانون المذكور.

الجدل بشأن قانون "حماية الرموز الوطنية" انتقل هذا الأسبوع إلى سجال بين الرئيس السابق ولد عبد العزيز، والناطق الرسمي باسم الحكومة.

انتكاسة للمكتسبات الديمقراطية

الرئيس السابق وصف "قانون حماية الرموز الوطنية"، بأنّه "أخطر قانون تمت المصادقة عليه منذ اعتماد النظام الديمقراطي في البلد".

وقال ولد عبد العزيز، في بيان سربه من داخل سجنه في نواكشوط، مساء الأربعاء، إنّ نظام الرئيس الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني "فشل فشلاً ذريعاً في القيام بمسؤولياته على جميع الصعد".

واعتبر ولد عبد العزيز أنّ "قانون حماية الرموز الوطنية" شكّل انتكاسة حقيقية للمكتسبات الديمقراطية تضاف إلى سابقاتها، إذ ستنسف حرية الانتقاد وحرية التعبير وحرية النشر وحق المعارضة في الآن ذاته".

وذكر أنّ "الحريات التي طالما دافعنا عنها بكل قوة هي صمام أمان النظام الديمقراطي الذي نسعى إلى ترسيخه في وطننا، وهي مفتاح الرقي والتقدم. ولم يكن دفاعنا عن الحريات من دون ثمن، تحملناه أثناء مقامنا في السلطة واليوم نتحمله من داخل السجن".

ووصف هذا القانون بـ"الخطير"، معتبراً أنه "يؤسس لإرهاب الدولة وللقمع السياسي الذي نتعرض له ويتعرض له مئات الشباب الأحرار وقادة الرأي".

ودعا ولد عبد العزيز المواطنين إلى "رفض هذا القانون شكلاً ومضموناً، لما يشكله من خطر على الوطن، ولما سيترتب عليه من فساد ومن استخدام تعسفي وغاشم للسلطة ومن خنق لكل أصوات النقد والاحتجاج".

واعتبر ولد عبد العزيز أنّ النظام الحالي "اعتدى على كل المبادئ الأساسية للنظام الديمقراطي في البلد، من فصل بين السلطات ومن حريات فردية وجماعية، وتم تدمير حقل الصحافة الحرة من خلال اعتماد سياسة الترهيب بالتهديد المباشر والترغيب من خلال شراء المواقع الإخبارية والذمم من أموال الدولة"، على حد تعبيره.

تضييق على الحريات خلال العشرية

ورداً على بيان الرئيس السابق، اعتبر وزير الثقافة الناطق باسم الحكومة الحالية المختار ولد داهي، أن الحريات لم تكن مصونة في عهد الرئيس السابق.

وقال في مؤتمر صحافي مساء الأربعاء: "القوانين لم تكن مطبقة خلال العشرية (السنوات العشر التي أمضاها الرئيس السابق في السلطة 2009- 2019)، مشيراً إلى أنه تضرر من عدم تطبيق القانون سياسيون وصحافيون ومواطنون عاديون.

وأضاف أنّ من الأفضل لمن لديه ملف أمام القضاء أن يتفرغ له، في إشارة إلى الاتهامات التي وجهها القضاء للرئيس السابق، ومن بينها "تبديد الأموال العمومية".

وكان قاضي التحقيق المكلف بالجرائم الاقتصادية أحال الرئيس السابق ولد عبد العزيز إلى الحبس لمواصلة التحقيقات معه، بعدما كان يخضع لإقامة جبرية في منزله منذ إبريل/نيسان الماضي.

وفي 28 أغسطس/آب الماضي، أيدت المحكمة العليا في موريتانيا قرار قاضي التحقيق بحبس ولد عبد العزيز، لحين استكمال التحقيقات معه في اتهامه بملفات "فساد مالي" خلال رئاسته.

ووجهت النيابة العامة، في 11 مارس/آذار الماضي، إلى ولد عبد العزيز و12 من أركان حكمه تهماً، بينها غسل أموال ومنح امتيازات غير مبررة في صفقات حكومية، وهو ما ينفي المتهمون صحته.

ودعم ولد عبد العزيز، في انتخابات الرئاسة يونيو/حزيران 2019، الرئيس الحالي الغزواني الذي شارك معه في انقلاب 2008، وبدأ الأخير بالفعل ولاية رئاسية من خمس سنوات، مطلع أغسطس/آب من العام ذاته.

ويضم قانون "حماية الرموز الوطنية" ثماني مواد، ويسعى وفق مادته الأولى إلى "تجريم ومعاقبة الأفعال المرتكبة عن قصد باستخدام تقنيات الإعلام والاتصال الرقمي، ومنصات التواصل الاجتماعي، المرتبطة بالمساس بهيبة الدولة، ورموزها، وبالأمن الوطني، والسلم الأهلي، واللحمة الاجتماعية، والحياة الشخصية، وشرف المواطن"، وتعتبر قوى معارضة أن القانون "خطير على الحريات العامة".

لكن الحكومة قالت عقب مصادقتها عليه، في يوليو/تموز الماضي، إن القانون "يأتي لسد الثغرات التي تم رصدها في المنظومة الجنائية؛ لمنح القضاة والمحققين آليات قانونية واضحة لفرض سيادة القانون واحترام قيم الجمهورية".

(الأناضول)

المساهمون