مناورات روسية في البادية السورية: توسع أم رسائل للأميركيين؟

01 يناير 2022
يرغب الروس في تأمين البادية السورية (ياسر الخطيب/الأناضول)
+ الخط -

تأتي المناورات العسكرية المشتركة التي أجرتها القوات الروسية بمشاركة قوات النظام في بادية السويداء، جنوبي سورية، لتفتح باب التساؤلات حول مصير محافظة السويداء أولاً، ورغبة الروس والنظام بالتوغل أكثر في البادية التي تشكل مساحتها حوالي نصف مساحة البلاد، انطلاقاً من الخاصرة الجنوبية.

غير أن تلك المناورات خطفت الضوء لأمرين. الأول أن منطقة المناورات تواجه قاعدة التنف في ريف حمص الشرقي، التي تُعتبر أكبر قاعدة للتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة في البلاد، وتحوي قوات من جنسيات مختلفة.

أما الأمر الثاني فلأن تلك المناورات تزامنت مع مناورات أخرى، أجراها التحالف بالتشارك مع فصيل "جيش مغاوير الثورة" التابع للمعارضة السورية، والذي يشارك في حماية القاعدة في محيطها البري.


الروس يريدون القيام بدور أكبر في المنطقة الجنوبية

وانتهت أول من أمس الخميس مناورات الروس والنظام، التي بدأت قبل حوالي أسبوع من ذلك.

وأشار موقع "السويداء 24" المختص بنقل أخبار محافظة السويداء ومحيطها، إلى أن سبع عربات عسكرية روسية وصلت إلى قرية شنوان في ريف السويداء الشمالي الشرقي، التي يتخذ منها النظام السوري قاعدة عسكرية منذ طرد تنظيم "داعش" من المنطقة، واستقرت تلك القوات في مدرسة القرية وبدأت بإجراء تدريبات مع الفرقة "15 قوات خاصة" التابعة لقوات النظام السوري.

مناورات مشتركة بين الروس وقوات النظام

وبحسب الموقع، فإن القوات الروسية والسورية أجرت مناورات مشتركة وتدريبات بالذخيرة الحية في حقل الرماية شرقي تل أصفر، وسمع سكان المنطقة أصوات انفجارات من مكان المناورات وتحليقاً للطيران الحربي في بعض الأحيان.

ونقل الموقع عن مصدر عسكري في قوات النظام، قوله إن "المناورات تحاكي الحروب الصحراوية ومواجهات مع الجماعات المسلحة المدعومة من واشنطن التي تنتشر في البادية السورية".

ومع نهاية المناورات نقل الموقع عن مصدر عسكري آخر من قوات النظام قوله إن "اليوم الأخير شهد تدريبات للجنود على تحرير مستوطنة من جماعات مسلحة"، مضيفاً "أن الجنود السوريين والروس حققوا عملاً جماعياً جيد التنسيق للعمليات اللاحقة".

وبالتزامن مع تلك المناورات، كانت قوات التحالف تجري مناورات مشابهة بالتشارك مع فصيل "مغاوير الثورة" في محيط قاعدة التنف العسكرية، الواقعة عند مثلث الحدود السورية الأردنية العراقية، وفي منطقة تسمى "55 كيلومتراً"، التي تضم القاعدة وانتشاراً عسكرياً للمعارضة السورية من خلال "مغاوير الثورة" ومخيماً للنازحين السوريين.

ونشر حساب "مغاوير الثورة" على وسائل التواصل صوراً للمناورات، معتبراً أن "العمل الجماعي ضروري للاستعداد للمهمة، جنود من جيش مغاوير الثورة والقوات الأميركية خلال تدريب على الأسلحة".

وشارك حساب للتحالف الصور نفسها، مشيراً إلى أنه "سنبقى على أتم الاستعداد والالتزام مع شركائنا في جيش مغاوير الثورة لحرمان فلول داعش من أي فرصة للعودة، وسنواصل العمل معاً لتحقيق الاستقرار والأمن في المنطقة".

وقال المسؤول الإعلامي في "جيش مغاوير الثورة" عبد الرزاق المحيا، في حديثٍ مع "العربي الجديد"، إن تدريباتهم اعتيادية وتهدف لزيادة مهارات المقاتلين، وسهولة العمل المشترك مع القوات الأميركية.

وأضاف المحيا: "بالنسبة لنا في جيش مغاوير الثورة، نحن على أهبة الاستعداد وبشكل دائم وذلك بسبب وجودنا في منطقة مهمة استراتيجية في سورية وتتعارض أهدافنا مع أهداف من لا يريدون تحقيق السلام والأمن في المنطقة، ونأخذ كل التهديدات المحيطة بنا على محمل الجد".

وأشار المحيا إلى أن "خطر داعش قائم، إذ يوجد لديه خلايا في البادية السورية، في المناطق التي تخضع لسيطرة نظام الأسد، وهي تعمل ضمن مجموعات صغيرة تعتمد على مبدأ حرب العصابات، مع العلم أنها غير قادرة على الوصول لمنطقة الـ55 بسبب الكمائن والدوريات الدائمة لجيش مغاوير الثورة".

وأشارت مصادر لـ"العربي الجديد" من داخل السويداء، إلى أن هناك توجهاً دولياً لكبح نشاط تهريب المخدرات من سورية إلى الأردن من خلال البادية. وهو ما دفع الروس لزج النظام في تنظيم عملية ضبط الحدود، بعد إجرائهم جولات تفقدية على الحدود في الأيام الماضية، على الرغم من الاتهامات للنظام بتسهيل عمليات تهريب المخدرات، من خلال وحدات مقاتلة محسوبة على إيران.


المناورات تحاكي مواجهات مع جماعات مدعومة من واشنطن

لكن مصادر أخرى قالت إن المناورات جرت لإثبات الوجود الروسي في الخاصرة الجنوبية من البادية، في رسالة لواشنطن التي تعتبر التنف قاعدتها الأهم في سورية.

من جهته، رأى الصحافي والكاتب نورس عزيز، المتحدر من محافظة السويداء، أن المناورات المشتركة بين قوات النظام والروس في البادية، جاءت بعد عدة تطورات في سورية.

وكشف عزيز أن الروس باشروا منذ 25 ديسمبر/كانون الأول الماضي مناورات حربية في شمال شرقي سورية، واستخدموا مطار القامشلي كمطار داعم لمطار حميميم. وكذلك بدأ الضباط الروس بإعادة تأهيل بعض قطع النظام العسكرية من خلال تدريب عناصر وضباط تلك القطع.

وأشار عزيز إلى أنه "في بادية السويداء وبعد تطورات الملف الأمني في محافظة السويداء ونشر حواجز وتعزيزات جديدة خصوصاً من قوات حفظ النظام، وكذلك عودة عناصر الفرقة 15 من المهمات القتالية في درعا، قام الروس مطلع الأسبوع الماضي بإجراءات تدريبات مع عناصر الفرقة 15، في خطوة لإعادة تأهيلها وتثبيت حضورها العسكري داخل المحافظة، وزيادة نفوذها على حساب الفصائل المحلية ومليشيا الدفاع الوطني المدعومة إيرانياً".

مناورات في قاعدة التنف

أما بالنسبة لتزامن المناورات مع مناورات التنف، قال عزيز "لا شك في أن الروس يريدون إظهار دور أكبر في المنطقة الجنوبية، خصوصاً بعد وجود تشكيلات محلية بدعم قاعدة التنف تحت مسمى (محاربة داعش في بادية السويداء)، وهنا أتحدث عما يعرف بقوة مكافحة الإرهاب الجناح العسكري لحزب اللواء السوري".

وحزب "اللواء السوري"، حزب أسسه ناشط إعلامي من محافظة السويداء هو مالك أبو خير، على أنه حزب سياسي محلي في السويداء لاستقطاب أبناء المحافظة، بعد تطورات ساخنة شهدتها المحافظة التي انتفضت بوجه النظام على خلفية تردي الأوضاع المعيشية من خلال تظاهرات تبددت حدتها شيئاً فشيئاً.

غير أن المعلومات تشير إلى أن الحزب بات يدير جناحاً عسكرياً لمكافحة الإرهاب وتحديداً لمحاربة تنظيم "داعش" في البادية القريبة من السويداء، بالتنسيق مع واشنطن.