حذر نيكولاي ملادينوف، مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط، من ارتفاع عدد الإصابات بفيروس كورونا في الأراضي الفلسطينية المحتلة، مؤكداً في الوقت ذاته أن عمليات الاستيطان وهدم البيوت لم تتوقف على الرغم من إجراءات الوقاية المتعلقة بالفيروس.
وجاءت تصريحات ملادينوف، خلال إحاطته الشهرية التي قدمها، مساء الثلاثاء، أمام مجلس الأمن الدولي حول الوضع في فلسطين المحتلة.
وركز ملادينوف في إحاطته على قضية المستوطنات وقدم تقريره حول تنفيذ قرار مجلس الأمن 2334 للعام 2016 المتعلق بسياسات الاحتلال الاستيطانية.
وناقض ممثل الأمين العام للأمم المتحدة نفسه عندما رحّب وأيّد المزاعم بأنّ الاتفاق بين سلطات الاحتلال الإسرائيلي من جهة والبحرين والإمارات من جهة أخرى "ساعد على وقف علميات الضم التي كان الجانب الإسرائيلي قد أعلن عنها في وقت سابق من السنة".
وبدا التناقض واضحاً عندما تحدث ملادينوف عن سلسلة طويلة من خروقات حقوق الإنسان والتوسع الاستيطاني التي تفرض الأمر الواقع، بما في ذلك استمرار مصادرة الأراضي الفلسطينية وهدم بيوت الفلسطينيين.
وحول قرار مجلس الأمن رقم 2334 (2016) قال ملادينوف إنه يدعو إسرائيل إلى "الوقف الفوري والكامل لجميع الأنشطة الاستيطانية في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية، والاحترام الكامل لجميع التزاماتها القانونية في هذا الصدد".
وعلّق قائلاً إنّ إسرائيل لم تتخذ أي خطوات تحترم القرار، ولفت الانتباه إلى استمرار عمليات الهدم والاستيلاء على المباني المملوكة للفلسطينيين من قبل السلطات الإسرائيلية في جميع أنحاء الضفة الغربية والقدس الشرقية بحيث وصلت إلى أعلى معدل لمستويات هدم بيوت الفلسطينيين خلال السنوات الأربع الماضية.
وأكد ممثل الأمين العام للأمم المتحدة أنه "من شبه المستحيل للفلسطينيين في بعض المناطق، وخاصة في القدس الشرقية، الحصول على تراخيص بناء وتقوم السلطات الإسرائيلية بهدم بيوت الفلسطينيين بحجة عدم وجودها".
ولفت الانتباه إلى أنه وخلال الأشهر الأخيرة فقط تم هدم أو الاستيلاء على 250 مبنى وبيتاً فلسطينياً، مما أدى إلى تشريد 360 فلسطينياً على الأقل، من بينهم 179 طفلًا و87 امرأة. ومن بين المباني التي هدمت، 181 في المنطقة (ج) و69 في القدس الشرقية.
وقال ملادينوف إنه "في 32 حالة، أُجبر الفلسطينيون على هدم منازلهم بأنفسهم حتى لا يتكبدوا رسوم الهدم الإسرائيلية الباهظة". وأشار إلى هدم مرافق صحة وأخرى لتزويد المياه، فضلاً عن الهياكل الزراعية، مما أثر على خدمات وعيش حوالي 2000 فلسطيني آخرين.
وأشار ملادينوف كذلك إلى قيام قوات الأمن الإسرائيلية بقتل أربعة فلسطينيين، ضمنهم طفل، وجرح أربعين آخرين خلال الفترة التي يشملها التقرير في القدس المحتلة والضفة.
وتحدث كذلك عن استمرار عنف المستوطنين تجاه الفلسطينيين في الضفة الغربية خلال الأشهر الماضية. وقال إنّ مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) سجل في هذا السياق 73 اعتداء على الفلسطينيين من قبل مستوطنين إسرائيليين، أدت إلى وقوع 30 إصابة نتيجة تلك الحوادث.
قلق أوروبي بشأن الأنشطة الاستيطانية
إلى ذلك، دعت كل من ألمانيا وبلجيكا وفرنسا وإستونيا وأيرلندا، وهي دول الاتحاد الأوروبي الأعضاء في مجلس الأمن في دورتيه الحالية والقادمة، إسرائيل إلى احترام وتنفيذ قرار مجلس الأمن 2334، المتعلق بالمستوطنات.
وأعلنت هذه الدول، في بيان، عن قلقها البالغ إزاء "الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية، بما في ذلك الإجراءات المتخذة في هذا السياق، مثل عمليات النقل القسري والإخلاء وهدم ومصادرة المنازل في الأرض الفلسطينية المحتلة. وهي أنشطة غير قانونية بموجب القانون الدولي وتشكل عقبة أمام السلام وحل الدولتين المتفاوض عليه".
ودعا البيان الذي وصلت إلى مكتب "العربي الجديد" في نيويورك نسخة منه، إسرائيل إلى "الوقف الفوري لعمليات الهدم غير القانونية ووقف التوسع الاستيطاني المستمر، بما في ذلك القدس الشرقية، لا سيما في المناطق الحساسة".
وجاء ذلك تعقيباً على تقرير الأمم المتحدة الذي ورد فيه أنّ الفترة من مارس/ آذار إلى أغسطس/ آب 2020 شهدت أعلى معدل هدم لبيوت الفلسطينيين خلال السنوات الأربع الأخيرة. كما أعرب البيان عن قلقه جراء الأزمة المالية التي تواجهها وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا".