لن تكون معركة استعادة مدينة الموصل العراقية من تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، التي انطلقت أمس الإثنين، مجرد فصل جديد من الحرب ضد التنظيم. المعركة التي تأتي بعد أكثر من سنتين على سيطرة التنظيم على المدينة، والتي أعلن زعيم "داعش" أبو بكر البغدادي منها في عام 2014 إقامة "دولة خلافة" في العراق وسورية، ستكون حاسمة في ما يتعلق بجهود القضاء على التنظيم في أبرز معاقله.
عند الخامسة من فجر أمس، انطلقت بشكل رسمي معركة تحرير آخر معاقل "داعش" في العراق، وأظهرت الساعات الأولى بداية ناجحة للمعارك مع تحقيق تقدّم سريع للقوات المشاركة في العملية على محاور مختلفة. إلا أن ذلك لم يلغِ الهواجس من أن تطول المعركة، في ظل معلومات عن تحضيرات كبيرة قام بها التنظيم، إضافة إلى منعه أكثر من مليون وربع مليون مدني من مغادرة المدينة واتخاذهم دروعاً بشرية. ولم يحجب انطلاق المعارك، الخلافات السياسية والمخاوف من تغييرات ديمغرافية أو انتهاكات بحق المدنيين، وخروج المليشيات المشاركة في العملية عن أوامر القائد الأعلى للقوات المسلحة رئيس الحكومة حيدر العبادي.
وفي دلالة على أهمية هذه المعركة، أعلنت وزارة الدفاع الفرنسية أمس الإثنين أن أبرز وزراء دفاع الدول المشاركة في التحالف الدولي ضد تنظيم "داعش" سيشاركون في اجتماع يعقد في 25 الحالي في باريس لبحث الهجوم على مدينة الموصل بشكل خاص. وأفادت وكالة "فرانس برس" أن وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان سيستقبل 12 وزيراً بينهم وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر في اجتماع باريس.
تقدّم ميداني سريع
كشف مسؤولون في مكتب العبادي أنه حتى الساعات الأخيرة لما قبل الإعلان الرسمي عن انطلاق معركة استعادة الموصل، كانت القيادات السياسية والعسكرية في بغداد تأمل أن يعلن تنظيم "داعش" الانسحاب من المدينة وتجنيبها مصيراً مشابهاً لمدن الفلوجة وتكريت والرمادي في حرب محسومة النتائج مسبقاً لصالح بغداد وقوات التحالف الدولي، غير أنها ستكون قاسية على المدنيين. إلا أن ذلك لم يتحقق على الرغم من الإشارات المتعمدة من قبل الحكومة وإقليم كردستان حول موعد بدء الهجوم أملاً بتحقق هذا الانسحاب.
وبدأ الهجوم الجوي بأكثر من 80 غارة جوية نفذتها مقاتلات متعددة الجنسيات أميركية وفرنسية وعراقية، تلتها عمليات قصف مدفعي للتحالف الدولي والجيش العراقي وصاروخي للبشمركة استمر ساعة ونصف قبل أن تتقدّم القوات المشتركة من سبعة محاور في وقت واحد. ووفقاً لمراسلي "العربي الجديد" الذين يرافقون قوات الجيش العراقي، فإن القوات البرية لم تواجه صعوبة كبيرة في استعادة السيطرة على عدد كبير من القرى ونحو 40 كيلومتراً من الأراضي الزراعية المحيطة بالموصل (في المحاور السبعة) وهو ما سمح لها بأن تقترب إلى مسافة تُقدّر بنحو تسعة كيلومترات من أسوار المدينة، غير أن سيطرتها على المناطق الجديدة ما تزال مهددة.
محاور سبعة للهجوم
والمحاور السبعة للهجوم هي: محور الخازر وجبل زردك شرق الموصل (البشمركة)، محور مخمور جنوب شرق الموصل (البشمركة والجيش العراقي)، محور القيارة جنوب الموصل (الجيش العراقي ومليشيات الحشد والشرطة الاتحادية)، محور تل سقف شمال الموصل (البشمركة ووحدات من المتطوعين المسيحيين)، محور آسكي وانه شمال غرب الموصل (الجيش العراقي والبشمركة)، محور سد الموصل شمال غرب الموصل (الجيش العراقي والبشمركة)، ومحور بعشيقة شمال شرق الموصل (البشمركة والعشائر العربية).
وأكد قائد عمليات الجيش اللواء الركن نجم الجبوري، لـ"العربي الجديد"، أن "القوات المشتركة حققت تقدّماً كبيراً تمثّل بتحرير عدد من القرى والبلدات"، مشيراً إلى وجود "ارتباك واضح في صفوف تنظيم داعش"، معتبراً أن "النتائج المحققة في اليوم الأول ممتازة".
وأصبحت خارطة المعارك مع انتهاء اليوم الأول على الشكل التالي: استعادة تسع قرى من سيطرة "داعش" في محور الخازر شرق الموصل. وقدّر قائد وحدات 70 في قوات البشمركة جعفر مصطفى المساحة التي تمت استعادتها في محور الخازر بأربعين كيلومتراً مربعاً، ووصلت القوات إلى قرب منطقة برطلة الواقعة على بُعد 25 كيلومتراً شرق الموصل.
أما في محور مخمور جنوب شرق الموصل، فتمت استعادة ست قرى من سيطرة "داعش"، وهي ابراهيم الخليل، العدلة، كان حرامي، عباس رجب، الجديدة، ووصلت قوات الفرقة التاسعة في الجيش العراقي والبشمركة إلى قرب قرية بلاوات التي تبعد 37 كيلومتراً عن الموصل. أما في محاور شمال وشمال غرب الموصل، فتم قصف مواقع "داعش" جواً بواسطة الطيران وبالمدفعية، لكن لم تكن هناك هجمات برية.
وكشف مصدر في قيادة عمليات الجيش العراقي، أن طيران التحالف الدولي وجّه ضربات جوية مكثفة على معاقل التنظيم في الموصل، مشيراً إلى قيام مسلحين مجهولين بحرق عدد من المقرات التي غادرها عناصر "داعش" داخل الموصل.
اقــرأ أيضاً
ووفقاً للمعلومات المتوفرة، فإن القوات التي تشارك في الهجوم هي الجيش العراقي وقوات مكافحة الإرهاب وقوات البشمركة والشرطة الاتحادية وأبناء العشائر، إضافة إلى مليشيات "الحشد الشعبي"، بمجموع قوات تبلغ 41 ألف مقاتل تقريباً. فيما تتركز المشاركة الغربية البرية بواقع 500 جندي ومستشار أميركي من الفرقة 101 المجوقلة، و60 جندياً من جنسيات غربية مختلفة ضمن التحالف الدولي، إضافة إلى كتيبة مدفعية أميركية وكتيبة مدفعية فرنسية وأخرى كندية، وتغطي طائرات سلاح الجو الأميركي والفرنسي والعراقي تلك القوات.
فيما أوضح رئيس أركان قوات البشمركة الفريق جمال محمد، في تصريح إلى "العربي الجديد"، أن "العدد التقريبي لمسلحي داعش في الموصل يتراوح بين 10 و15 ألف مسلح"، معلناً أن "المعركة ما تزال في بداياتها ومن المبكر الحديث عن توقيت أو موعد اقتحام المدينة"، مضيفاً "أننا نقوم الآن بتثبيت مواقعنا داخل القرى التي تمت استعادتها للتقدّم إلى مواقع أخرى".
وقام مسلحو "داعش" بإشعال النيران في عدد من آبار النفط الموجودة شرق مدينة الموصل، فضلاً عن إشعال أخاديد من النفط الخام قاموا بتحضيرها مسبقاً. كما كثّف التنظيم من العمليات الانتحارية في محاور القتال في ورقة توضح عجزه عن القتال في المناطق المفتوحة ومواجهة القصف الجوي المكثف. وقال المستشار العسكري لغرفة عمليات الموصل العميد أحمد الحمداني لـ"العربي الجديد"، إن "الهجوم بدا ناجحاً في اليوم الأول وداعش فشل في استيعاب القصف الجوي أو ما يعرف بالصدمة الأولى". وأوضح أن "القصف الجوي يمثّل الورقة الرابحة في المعارك الحالية، ونأمل أن يكون تحرير المدينة سريعاً، كما نأمل ألا يكون هناك ضحايا من المدنيين بعد استخدامهم من قبل داعش"، موضحاً أن "حسماً قريباً غير وارد الآن، والخطة على عدة مراحل، لكن من مجريات اليوم الأول يمكن القول وبثقة إن الموصل ستحرر في وقت قياسي، وقد يكون تحريرها أسرع من مدن سابقة في العراق كانت خاضعة للتنظيم".
توقعات بمعركة طويلة
هذا التقدّم المهم للقوات المشتركة على حساب "داعش" لم يلغِ التوقعات بأن تطول المعركة، وهو ما عبّر عنه بشكل واضح قائد عملية "العزم التام" التي ينفذها التحالف الدولي، ستيفن تاونسند، الذي قال إن هذه المعركة قد تكون طويلة وصعبة. وأوضح تاونسند في تصريحات صحافية أمس أنه "من المرجح استمرار المعركة لاستعادة السيطرة على المدينة لأسابيع، وربما لفترة أطول".
من جهته، أكد وزير الدفاع الأميركي أشتون كارتر، استعداد الولايات المتحدة وباقي دول التحالف الدولي لدعم العراق في ما وصفها بـ"المعركة الصعبة". وقال في بيان إنها "لحظة حاسمة في الحملة لإلحاق هزيمة دائمة بتنظيم "الدولة الإسلامية"، وإننا واثقون أنّ شركاءنا العراقيين سينتصرون في مواجهة عدونا المشترك".
أما رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البرزاني، فأوضح أن "هذه هي المرحلة الأولى من العمليات، ومعركة تحرير الموصل طويلة". وقال في كلمه أمام قواته الموجودة في محور خازر شرقي الموصل، إن "هذه هي المرة الأولى التي يبذل البشمركة والجيش العراقي دماءهم في جبهة واحدة وضد عدو واحد، وهذا مشجع لصورة التعاون بين أربيل وبغداد مستقبلاً". وأعلن أنه "لم يتم تحقيق اتفاق سياسي مع بغداد لمستقبل الموصل، ولكن تم تشكيل لجنة عليا مشتركة كبديل ستتولى معالجة أي مشكلة قد تظهر أثناء تحرير الموصل وبعدها"، مضيفاً أن "التنسيق بين بغداد وأربيل ضرورة". وحول المناطق المتنازع عليها التي يسيطر عليها البشمركة قال "أمر بقاء البشمركة في منطقة ما سيكون بالتفاعل مع بغداد وبلا مشاكل، وسنسعى لعودة أهالي القرى التي يتم تحريرها".
تركيا حاضرة
هذه التطورات ترافقت مع تشديد تركيا على أنها لن تغيب عن المعركة فيما توجّه وفد من وزارة الخارجية التركية أمس الإثنين، إلى بغداد، لمناقشة التطورات الأخيرة في العراق مع المسؤولين العراقيين. ووفق وكالة "الأناضول"، من المتوقع أن تناقش اللقاءات وضع القوات التركية الموجودة في معسكر بعشيقة، والعملية العسكرية لتحرير الموصل، والمسائل الإقليمية التي تهم البلدين.
وأكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في كلمة خلال افتتاح مؤتمر إسطنبول الدولي للقانون أمس، أن تركيا ستكون داخل عملية تحرير الموصل وستشارك في المفاوضات التي تخص شؤون المنطقة. ورداً على مطالبة بعض الأطراف لتركيا بعدم الدخول إلى مدينة الموصل، قال أردوغان: "كيف لا ندخل ولنا حدود مع العراق على طول 350 كيلومتراً ونحن مهددون من تلك الحدود".
وتطرق إلى مطالبة الحكومة العراقية للقوات التركية بإخلاء معسكر بعشيقة القريب من الموصل والخروج من الأراضي العراقية، قائلاً: "لا ينبغي أن ينتظر أحد منا الخروج من بعشيقة، نحن في بعشيقة وقمنا حتى اليوم بجميع أنواع العمليات ضد داعش هناك وسنستمر في القيام بذلك، والمحاولات الحثيثة لإبقاء بلدنا خارج عملية الموصل، جاءت لأنهم يدركون أن ذلك من شأنه إغلاق الباب أمام صراع مذهبي يُراد افتعاله بذريعة داعش".
من جهته، أعلن نائب رئيس الوزراء التركي، المتحدث باسم الحكومة، نعمان قورتولموش، أن تركيا دربت حوالي 4 آلاف من العناصر المحلية في الموصل من العرب والتركمان والأكراد والأزيديين، يشارك منهم حوالي 3 آلاف عنصر في عملية تحرير الموصل. وأكد في تصريحات أمس، أن تركيا تتابع بدقة ما يحدث في الموصل، مضيفاً أن بلاده تعمل للحيلولة دون حدوث مزيد من التمييز المذهبي في المنطقة. وشدد على ضرورة الحرص على عدم الإضرار بالمدنيين، وعدم تغيير الموازين الديموغرافية والمذهبية في المدينة، محذراً من أنه في حال استغلال عملية تحرير الموصل من أجل تغيير الموازين الديموغرافية والمذهبية في المدينة، فإن ذلك سيؤدي لنتائج كارثية.
اقــرأ أيضاً
عند الخامسة من فجر أمس، انطلقت بشكل رسمي معركة تحرير آخر معاقل "داعش" في العراق، وأظهرت الساعات الأولى بداية ناجحة للمعارك مع تحقيق تقدّم سريع للقوات المشاركة في العملية على محاور مختلفة. إلا أن ذلك لم يلغِ الهواجس من أن تطول المعركة، في ظل معلومات عن تحضيرات كبيرة قام بها التنظيم، إضافة إلى منعه أكثر من مليون وربع مليون مدني من مغادرة المدينة واتخاذهم دروعاً بشرية. ولم يحجب انطلاق المعارك، الخلافات السياسية والمخاوف من تغييرات ديمغرافية أو انتهاكات بحق المدنيين، وخروج المليشيات المشاركة في العملية عن أوامر القائد الأعلى للقوات المسلحة رئيس الحكومة حيدر العبادي.
وفي دلالة على أهمية هذه المعركة، أعلنت وزارة الدفاع الفرنسية أمس الإثنين أن أبرز وزراء دفاع الدول المشاركة في التحالف الدولي ضد تنظيم "داعش" سيشاركون في اجتماع يعقد في 25 الحالي في باريس لبحث الهجوم على مدينة الموصل بشكل خاص. وأفادت وكالة "فرانس برس" أن وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان سيستقبل 12 وزيراً بينهم وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر في اجتماع باريس.
تقدّم ميداني سريع
وبدأ الهجوم الجوي بأكثر من 80 غارة جوية نفذتها مقاتلات متعددة الجنسيات أميركية وفرنسية وعراقية، تلتها عمليات قصف مدفعي للتحالف الدولي والجيش العراقي وصاروخي للبشمركة استمر ساعة ونصف قبل أن تتقدّم القوات المشتركة من سبعة محاور في وقت واحد. ووفقاً لمراسلي "العربي الجديد" الذين يرافقون قوات الجيش العراقي، فإن القوات البرية لم تواجه صعوبة كبيرة في استعادة السيطرة على عدد كبير من القرى ونحو 40 كيلومتراً من الأراضي الزراعية المحيطة بالموصل (في المحاور السبعة) وهو ما سمح لها بأن تقترب إلى مسافة تُقدّر بنحو تسعة كيلومترات من أسوار المدينة، غير أن سيطرتها على المناطق الجديدة ما تزال مهددة.
محاور سبعة للهجوم
والمحاور السبعة للهجوم هي: محور الخازر وجبل زردك شرق الموصل (البشمركة)، محور مخمور جنوب شرق الموصل (البشمركة والجيش العراقي)، محور القيارة جنوب الموصل (الجيش العراقي ومليشيات الحشد والشرطة الاتحادية)، محور تل سقف شمال الموصل (البشمركة ووحدات من المتطوعين المسيحيين)، محور آسكي وانه شمال غرب الموصل (الجيش العراقي والبشمركة)، محور سد الموصل شمال غرب الموصل (الجيش العراقي والبشمركة)، ومحور بعشيقة شمال شرق الموصل (البشمركة والعشائر العربية).
وأكد قائد عمليات الجيش اللواء الركن نجم الجبوري، لـ"العربي الجديد"، أن "القوات المشتركة حققت تقدّماً كبيراً تمثّل بتحرير عدد من القرى والبلدات"، مشيراً إلى وجود "ارتباك واضح في صفوف تنظيم داعش"، معتبراً أن "النتائج المحققة في اليوم الأول ممتازة".
وأصبحت خارطة المعارك مع انتهاء اليوم الأول على الشكل التالي: استعادة تسع قرى من سيطرة "داعش" في محور الخازر شرق الموصل. وقدّر قائد وحدات 70 في قوات البشمركة جعفر مصطفى المساحة التي تمت استعادتها في محور الخازر بأربعين كيلومتراً مربعاً، ووصلت القوات إلى قرب منطقة برطلة الواقعة على بُعد 25 كيلومتراً شرق الموصل.
أما في محور مخمور جنوب شرق الموصل، فتمت استعادة ست قرى من سيطرة "داعش"، وهي ابراهيم الخليل، العدلة، كان حرامي، عباس رجب، الجديدة، ووصلت قوات الفرقة التاسعة في الجيش العراقي والبشمركة إلى قرب قرية بلاوات التي تبعد 37 كيلومتراً عن الموصل. أما في محاور شمال وشمال غرب الموصل، فتم قصف مواقع "داعش" جواً بواسطة الطيران وبالمدفعية، لكن لم تكن هناك هجمات برية.
وكشف مصدر في قيادة عمليات الجيش العراقي، أن طيران التحالف الدولي وجّه ضربات جوية مكثفة على معاقل التنظيم في الموصل، مشيراً إلى قيام مسلحين مجهولين بحرق عدد من المقرات التي غادرها عناصر "داعش" داخل الموصل.
ووفقاً للمعلومات المتوفرة، فإن القوات التي تشارك في الهجوم هي الجيش العراقي وقوات مكافحة الإرهاب وقوات البشمركة والشرطة الاتحادية وأبناء العشائر، إضافة إلى مليشيات "الحشد الشعبي"، بمجموع قوات تبلغ 41 ألف مقاتل تقريباً. فيما تتركز المشاركة الغربية البرية بواقع 500 جندي ومستشار أميركي من الفرقة 101 المجوقلة، و60 جندياً من جنسيات غربية مختلفة ضمن التحالف الدولي، إضافة إلى كتيبة مدفعية أميركية وكتيبة مدفعية فرنسية وأخرى كندية، وتغطي طائرات سلاح الجو الأميركي والفرنسي والعراقي تلك القوات.
فيما أوضح رئيس أركان قوات البشمركة الفريق جمال محمد، في تصريح إلى "العربي الجديد"، أن "العدد التقريبي لمسلحي داعش في الموصل يتراوح بين 10 و15 ألف مسلح"، معلناً أن "المعركة ما تزال في بداياتها ومن المبكر الحديث عن توقيت أو موعد اقتحام المدينة"، مضيفاً "أننا نقوم الآن بتثبيت مواقعنا داخل القرى التي تمت استعادتها للتقدّم إلى مواقع أخرى".
وقام مسلحو "داعش" بإشعال النيران في عدد من آبار النفط الموجودة شرق مدينة الموصل، فضلاً عن إشعال أخاديد من النفط الخام قاموا بتحضيرها مسبقاً. كما كثّف التنظيم من العمليات الانتحارية في محاور القتال في ورقة توضح عجزه عن القتال في المناطق المفتوحة ومواجهة القصف الجوي المكثف. وقال المستشار العسكري لغرفة عمليات الموصل العميد أحمد الحمداني لـ"العربي الجديد"، إن "الهجوم بدا ناجحاً في اليوم الأول وداعش فشل في استيعاب القصف الجوي أو ما يعرف بالصدمة الأولى". وأوضح أن "القصف الجوي يمثّل الورقة الرابحة في المعارك الحالية، ونأمل أن يكون تحرير المدينة سريعاً، كما نأمل ألا يكون هناك ضحايا من المدنيين بعد استخدامهم من قبل داعش"، موضحاً أن "حسماً قريباً غير وارد الآن، والخطة على عدة مراحل، لكن من مجريات اليوم الأول يمكن القول وبثقة إن الموصل ستحرر في وقت قياسي، وقد يكون تحريرها أسرع من مدن سابقة في العراق كانت خاضعة للتنظيم".
توقعات بمعركة طويلة
هذا التقدّم المهم للقوات المشتركة على حساب "داعش" لم يلغِ التوقعات بأن تطول المعركة، وهو ما عبّر عنه بشكل واضح قائد عملية "العزم التام" التي ينفذها التحالف الدولي، ستيفن تاونسند، الذي قال إن هذه المعركة قد تكون طويلة وصعبة. وأوضح تاونسند في تصريحات صحافية أمس أنه "من المرجح استمرار المعركة لاستعادة السيطرة على المدينة لأسابيع، وربما لفترة أطول".
أما رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البرزاني، فأوضح أن "هذه هي المرحلة الأولى من العمليات، ومعركة تحرير الموصل طويلة". وقال في كلمه أمام قواته الموجودة في محور خازر شرقي الموصل، إن "هذه هي المرة الأولى التي يبذل البشمركة والجيش العراقي دماءهم في جبهة واحدة وضد عدو واحد، وهذا مشجع لصورة التعاون بين أربيل وبغداد مستقبلاً". وأعلن أنه "لم يتم تحقيق اتفاق سياسي مع بغداد لمستقبل الموصل، ولكن تم تشكيل لجنة عليا مشتركة كبديل ستتولى معالجة أي مشكلة قد تظهر أثناء تحرير الموصل وبعدها"، مضيفاً أن "التنسيق بين بغداد وأربيل ضرورة". وحول المناطق المتنازع عليها التي يسيطر عليها البشمركة قال "أمر بقاء البشمركة في منطقة ما سيكون بالتفاعل مع بغداد وبلا مشاكل، وسنسعى لعودة أهالي القرى التي يتم تحريرها".
تركيا حاضرة
هذه التطورات ترافقت مع تشديد تركيا على أنها لن تغيب عن المعركة فيما توجّه وفد من وزارة الخارجية التركية أمس الإثنين، إلى بغداد، لمناقشة التطورات الأخيرة في العراق مع المسؤولين العراقيين. ووفق وكالة "الأناضول"، من المتوقع أن تناقش اللقاءات وضع القوات التركية الموجودة في معسكر بعشيقة، والعملية العسكرية لتحرير الموصل، والمسائل الإقليمية التي تهم البلدين.
وأكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في كلمة خلال افتتاح مؤتمر إسطنبول الدولي للقانون أمس، أن تركيا ستكون داخل عملية تحرير الموصل وستشارك في المفاوضات التي تخص شؤون المنطقة. ورداً على مطالبة بعض الأطراف لتركيا بعدم الدخول إلى مدينة الموصل، قال أردوغان: "كيف لا ندخل ولنا حدود مع العراق على طول 350 كيلومتراً ونحن مهددون من تلك الحدود".
وتطرق إلى مطالبة الحكومة العراقية للقوات التركية بإخلاء معسكر بعشيقة القريب من الموصل والخروج من الأراضي العراقية، قائلاً: "لا ينبغي أن ينتظر أحد منا الخروج من بعشيقة، نحن في بعشيقة وقمنا حتى اليوم بجميع أنواع العمليات ضد داعش هناك وسنستمر في القيام بذلك، والمحاولات الحثيثة لإبقاء بلدنا خارج عملية الموصل، جاءت لأنهم يدركون أن ذلك من شأنه إغلاق الباب أمام صراع مذهبي يُراد افتعاله بذريعة داعش".