معاناة أهالي الفلوجة: شهادات عن القصف والجوع

02 يونيو 2016
معارك عنيفة شهدتها محاور الفلوجة أمس (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -
تشتد المعارك على محاور الفلوجة مع محاولة القوات العراقية ومليشيات "الحشد الشعبي" اقتحام المدينة واستعادة السيطرة عليها من تنظيم "الدولة الإسلامية"(داعش). ومع التركيز على نتائج المعارك، بات المدنيون المحاصرون في المدينة شبه منسيين، وسط ارتفاع في أعداد القتلى في صفوفهم. وفيما تدخل المعارك اليوم الخميس يومها الحادي عشر على التوالي، تشارف المدينة على استهلاك آخر رغيف خبز، غير أن الهاجس الأكبر للسكان يبقى كيفية البقاء بعيداً مسافة كافية عن الصواريخ والقذائف.
وارتفعت حصيلة الضحايا بين المدنيين، حتى منتصف يوم أمس الأربعاء، وفق مستشفى الفلوجة، إلى 255 قتيلاً وجريحاً جراء المعارك والقصف، من بينهم 148 طفلاً وامرأة، بعد وفاة الطفلة سلمى حميد الزوبعي (4 سنوات) متأثرة بجراح أصيبت بها بفعل قصف صاروخي طاول منزل عائلتها في حي الأندلس وسط الفلوجة يوم الاثنين بعد أن قضت والدتها واثنان من إخوتها بالقصف ذاته.
وتمكنت "العربي الجديد" من التواصل مع مواطنين داخل مدينة الفلوجة، أكدوا أن عددهم الإجمالي يصل إلى أكثر من 100 ألف مدني موزعين على كل أحياء المدينة البالغ عددها 23 حياً سكنياً. وروى أهالي الفلوجة لـ"العربي الجديد" تفاصيل المعاناة التي يمرون بها جراء القصف ونقص المواد الغذائية.
ووصف سعدون محمد (66 عاماً)، في اتصال مع "العربي الجديد" من داخل الفلوجة، الأوضاع داخل المدينة المحاصرة بـ"الكارثية". وأضاف: "الكثيرون قتلوا بالصواريخ وبطونهم خاوية، من أطفال ونساء ورجال، وبعضهم ما زالت جثثهم تحت الأنقاض على الرغم من مرور أيام على وفاتهم، فلا توجد معدات يمكن أن ترفع الأنقاض من فوقهم". وتابع: "الصواريخ تسقط علينا من كل جانب منذ تسعة أيام، ولا يمكننا الخروج ولا منافذ آمنة مع حقول الألغام ومنع داعش خروجنا، كما أن الحكومة تضحك على الإعلام الغربي والعربي ومنظمات حقوق الإنسان بالمنشورات التي تلقيها لنا فهي تضع عبارة اتصل على الرقم 195 لمساعدتك، فيما تقطع الاتصالات عنا منذ ما يزيد عن عام كامل"، لافتاً إلى أن "البعض دُفنوا خارج المقبرة لامتلائها بالقتلى".


فيما قالت فاطمة عبدالله "إننا محاصرون من كل جانب والصواريخ تنزل علينا"، مضيفة أن "بعض الصواريخ لا تنفجر فيأتي داعش ويأخذها ليستغل المتفجرات التي فيها ليعاود استخدامها مرة أخرى". وقال أكرم حسين من سكان الفلوجة لـ"العربي الجديد"، إن "أحداً لم يعد يهتم للجوع بعد الآن، إذ بات الهاجس الوحيد هو الهروب من الصواريخ".
أما عن سير المعارك، فكشفت مصادر عسكرية عراقية أن محاور الفلوجة شهدت منذ الساعة الثانية من فجر أمس الأربعاء ولغاية الثامنة صباحاً من اليوم نفسه، معارك عنيفة حاولت خلالها قوات الجيش ممثلة باللواء الأول المدرع ولواء المشاة الثاني ولواء دبابات "برامز" و"تي 72" مدعومين بعدد من فصائل مليشيات "الحشد"، اختراق السور الجنوبي من الفلوجة عند حاجز النعيمية، إلا أن حقول الألغام وخطوط الصد لمقاتلي "داعش" عرقلت الهجوم، على الرغم من القصف الجوي المكثف للطيران الأميركي والعراقي. وأشارت المصادر إلى مقتل وجرح العشرات من مقاتلي تنظيم "داعش" والجيش العراقي والمليشيات على حد سواء.
فيما تستمر المعارك من المحور الغربي على نحو أفضل للقوات العراقية والمليشيات، إذ بدا "داعش" أضعف من أن يستمر بالمقاومة طويلاً في مناطق زراعية مفتوحة في بلدة الصقلاوية شمال المدينة. كما نجحت القوات العراقية بتحقيق استقرار واضح في المناطق التي سيطرت عليها شمال وشمال شرق الفلوجة في منطقتي السجر والمعامل، الواقعة على بُعد أربعة كيلومترات من أول أحياء مدينة الفلوجة وهما حيّا العسكري والجغيفي.
وعلمت "العربي الجديد" أنه كانت هناك نية أمس لاستئناف الهجوم مرة أخرى على المحور الجنوبي للفلوجة بعد توقّفه لعدة ساعات، بالتزامن مع وصول تعزيزات جديدة إلى محيط المدينة، ووصول رئيس الوزراء حيدر العبادي إلى مقر غرفة العمليات المشرفة على الهجوم البري والجوي على المدينة. وذكرت المصادر أن العبادي اجتمع مع قيادات عسكرية في الجيش قبل أن يجتمع مع عدد من قادة المليشيات.
وقال العقيد الركن سامي الأحبابي من الجيش العراقي، لـ"العربي الجديد"، إن "العبادي ركّز على جوانب كثيرة بالزيارة من بينها تصرفات المليشيات والدعوات والشعارات الطائفية التي تطلقها عبر أفلام فيديو تُنشر على مواقع التواصل"، واصفاً ذلك بـ"المؤذي للحمة الوطنية والمسيء لعملية تحرير المدينة الأهم في الجزء الغربي من البلاد"، على حد وصفه.
فيما أعلن المكتب الإعلامي للعبادي في بيان إن رئيس الحكومة اطّلع على سير المعارك، من دون ذكر مزيد من التفاصيل. وكانت المهلة التي قطعها العبادي على نفسه أمام البرلمان البالغة 48 ساعة قد انتهت أمس الأول الثلاثاء من دون اقتحام المدينة، إذ كان العبادي قد أعلن في كلمة أمام البرلمان الأحد الماضي أنه سيتم الدخول إلى الفلوجة خلال 48 ساعة، غير أن سير المعارك الحالية لا ينبئ بنهاية قريبة للمعركة.