معارك شرقي سورية: حقول النفط عصيّة على النظام وأتباع إيران

10 اغسطس 2024
من معارك شرقي سورية في 6 سبتمبر 2023 (بكر قاسم/الأناضول)
+ الخط -

لا تزال معارك شرقي سورية مستمرة بين قوات العشائر العربية المدعومة من المليشيات الإيرانية والدفاع الوطني من جهة، وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) من جهة أخرى، وذلك بعد أن شنت الأولى هجوماً مباغتاً منذ الأربعاء الماضي على مواقع "قسد" في مناطق متفرقة من محافظة دير الزور. وبات التصعيد في معارك شرقي سورية يطاول المدنيين، بعد أن أوقع القصف المتبادل ضحايا منهم في مواقع سيطرة أو انتشار كل طرف، كما أن وقوع الاشتباكات في محيط حقلي العمر وكونيكو النفطيين، اللذين يعتبران من أهم القواعد الأميركية في سورية، ينذر بمزيد من التدخّل الأميركي لصالح "قسد"، لا سيما أن سلاح الطيران الأميركي تدخّل منذ الساعات الأولى للاشتباكات موجهاً ضربات لمجموعات العشائر التي كانت تهاجم "قسد" في محيط حقل العمر النفطي في دير الزور.

عمر البوكمالي: هناك صعوبة في اقتراب مقاتلي العشائر ومليشيات النظام من حقول النفط

مجزرة في ريف دير الزور

وقُتل 11 مدنياً في مجزرة ارتكبتها المليشيات الموالية لإيران فجر أمس الجمعة، معظمهم من الأطفال والنساء، جراء استهدافها بقذائف الهاون بلدة الدحلة ضمن مناطق سيطرة "قسد" بريف دير الزور الشرقي. من جهتها، زعمت وسائل إعلام تابعة للنظام السوري أن تسعة أشخاص أُصيبوا بينهم أطفال، أمس الجمعة، جراء قصف بقذائف الهاون مصدره قوات "قسد"، استهدف منزلاً سكنياً في قرية البوليل المقابلة لقرية الدحلة على الضفة الأخرى من نهر الفرات بريف دير الزور الشرقي. بالتزامن، حاولت مجموعات من جيش العشائر التابع لشيخ قبيلة العكيدات إبراهيم جدعان الهفل، بالاشتراك مع مجموعات من الدفاع الوطني المدعومة من إيران، التسلل إلى نقاط "قسد" في بلدة الجنينة بريف دير الزور الغربي، لتندلع اشتباكات بين الطرفين، أدت إلى وقوع جرحى، من دون إحراز أي تقدم يذكر.

وكان مقاتلو العشائر العربية بإسناد من مجموعات الدفاع الوطني شنّوا، فجر الأربعاء الماضي، هجوماً موسعاً من سبعة محاور انطلاقاً من مواقعهم العسكرية في البادية الشامية غرب نهر الفرات، ضد نقاط تابعة لـ"قسد" على الضفة الأخرى من النهر بريف دير الزور الشرقي، ما أسفر عن قتلى وجرحى من الطرفين بالإضافة إلى سقوط مدنيين. وتقول "قسد" إن هجوم العشائر هذا "نُفّذ بأوامر من حسام لوقا"، رئيس جهاز الاستخبارات العامة لدى النظام، وفق مدير المركز الإعلامي لـ"قسد" فرهاد شامي، الذي اعتبر أن الهجوم فشل في تحقيق أهدافه.

ونقلت وكالة "نورث برس" المهتمة بنقل أخبار المنطقة الشرقية من سورية، عن مصدر عسكري من قوات النظام السوري، أن قوات "الفرقة الرابعة"، التي يقودها شقيق رئيس النظام ماهر الأسد، استقدمت تعزيزات تضمنت مدافع هاون نُصبت على ضفة نهر الفرات وأحد الجبال المحيطة، أمس، ما ينذر بتدخل أكبر للنظام في معارك شرقي سورية وتفاقم أكبر لحدتها. وقال الناشط جاسم علاوي، وهو من أبناء محافظة دير الزور، إن "المدنيين هم من يدفعون الثمن في صراع الطرفين"، مضيفاً في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "الوضع الميداني متوتر مع القصف المتبادل على ضفتي النهر ودائماً ما يكون الضحايا من المدنيين". من جهته، أشار الناشط الإعلامي عمر البوكمالي إلى أن هناك صعوبة في اقتراب مقاتلي العشائر ومليشيات النظام من حقول النفط، معتبراً في حديثٍ لـ"العربي الجديد" أن "ذلك سيكون نهايتهم، وقد رأينا كيف تدخّل الطيران الأميركي لصالح قسد لمجرد وجود اشتباكات في محيط حقل العمر النفطي".


سعد الشارع: مقاتلو العشائر يريدون تحييد الدور الأميركي لجهة استمالته

أسباب معارك شرقي سورية

وعن معارك شرقي سورية، رأى المحلل سعد الشارع أن المنطقة متأثرة بالمعركة التي اندلعت العام الماضي بين العشائر و"قسد"، لافتاً إلى أن الهجمات لم تتوقف، وإن كان بشكل محدود ومتقطع. وأضاف في حديثٍ لـ"العربي الجديد" أن هذه المعركة نتج عنها خروج قوات العشائر من منطقة شرق الفرات إلى غربه حيث مواقع قوات النظام والمليشيات الإيرانية. وكشف أنه "خلال الفترة الماضية، جرى ترتيب صفوف هذه المجموعات العشائرية، ونشرها على طول ضفة النهر من شرق مدينة دير الزور وحتى مدينة البوكمال، وذلك على امتداد نحو 100 كيلومتر، ومع المعركة الأخيرة، عبرت مجموعات من مقاتلي العشائر إلى الضفة الشرقية من نهر الفرات، بنيّة السيطرة، باتجاه بلدة ذيبان التي تعتبر معقل قائد مجموعات العشائر الشيخ إبراهيم الهفل". ولفت الشارع إلى أن بلدة ذيبان لا تبعد سوى عشرة كيلومترات عن حقل العمر النفطي، وهو أهم القواعد الأميركية في سورية، قائلاً: "الاشتباكات لم تصل إلى حدود الحقل، لكن دارت في محيطه، غير أن مقاتلي العشائر يريدون تحييد الدور الأميركي، وذلك كان واضحاً من خلال الخطاب الذي استخدمته العشائر منذ المعركة الأولى العام الماضي، بالمطالبة بدور إيجابي للقوات الأميركية، لضمان حقوق المكون العربي الذي يشكل غالبية المنطقة".

وأشار الشارع إلى أن معارك شرقي سورية "يحركها طرفان، الأول المليشيات الإيرانية والنظام اللذان يدعمان مقاتلي العشائر، والثاني قسد التي تضم في صفوفها مقاتلين من أبناء العشائر على الضفة الأخرى، وفي حال استمر هذا الوضع، فمن المتوقع أن تطول المعركة". لكنه لفت إلى أن "محاولة دفع النظام والمليشيات الإيرانية مقاتلي العشائر للاقتراب من حقول النفط والقواعد الأميركية من شأنه استخدام الحزم الأميركي وإنهاء المعركة، فسابقاً تعاملت القوات الأميركية بحزم ضد مليشيات فاغنر الروسية التي اقتربت من معمل غاز كونيكو، عندما قصفت بشدة تلك المليشيات وأنهت كامل القوة التي كانت تحاول السيطرة على المعمل"، وذلك في 7 و8 فبراير/شباط 2018.

المساهمون