معارك الأنبار تستنزف المئات من القتلى

27 يوليو 2015
توقعات أن تطول المعارك بالأنبار (فرانس برس)
+ الخط -

سرعان ما خفتت الأضواء حول مدينة الفلوجة التي فشلت القوات العراقية ومليشيا الحشد من اقتحامها طيلة الأسبوعين الماضيين، حيث تحولت المعارك نحو مدينة الرمادي عاصمة محافظة الأنبار تماشياً مع رغبة واشنطن في استعادتها كونها أكثر سهولة من الفلوجة بالوقت الحالي.

وتدور المعارك في ثلاثة محاور من مدينة الرمادي بين القوات العراقية النظامية، ممثلة بالجيش العراقي (الفرقة السابعة والأولى)، وقوات الشرطة الاتحادية، وجهاز مكافحة الإرهاب بواقع 8 آلاف مقاتل، فيما يتواجد نحو 10 آلاف مقاتل من مليشيات الحشد ممثلة بحزب الله فرع العراق وكتائب الابدال والعصائب وأبو الفضل العباس والسلام وبدر، فضلاً عن صحوات العشائر المتواجدة بالأنبار، ووجود ضعيف للحرس الثوري لا يتجاوز 200 مقاتل يرتدي زي مليشيات الحشد المعروف باللون الصحراوي المرقط.

وتمكنت تلك القوات من تحقيق تقدم ملحوظ في معارك الرمادي خلال الساعات الثمانية والأربعين الماضية، تمثلت بالسيطرة على قرى ومناطق بالمحور الشرقي المجاور لمدينة الخالدية، 10 كيلومترات شرق الرمادي، فضلاً عن المحور الشمالي والغربي، إلا أن هذا التقدم لا زال قلقاً وفقاً لمصادر عسكرية عراقية، حيث اعتمد تنظيم الدولة الإسلامية على أسلوب المناورة وسحب الخصم لمناطق قتال ضيقة غير مفتوحة، كبد فيها القوات المهاجمة خسائر كبيرة لعل أبرزها جامعة الأنبار، التي وقعت القوات العراقية داخلها بكمين كبير أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 60 من تلك القوات وجرح عشرات آخرين قبل أن تضطر للانسحاب من أجزاء واسعة منها جراء معارك جرت فجر الإثنين.


وقال ضابط بالجيش العراقي إن القوات العراقية تمكنت من التقدم باتجاه جامعة الأنبار قادمة من منطقة (الكيلو خمسة) بصحراء الرمادي، ونجحت بشكل سهل من اقتحامها، إلا أنه وبعد ساعات من ذلك قوبلت القوات بمجاميع مسلحة كانت متخفية داخل مباني وحدائق الجامعة وتحديداً الحرم الجامعي وكلية الآداب وكلية الهندسة، وغالبيتهم جنسيات أجنبية يعرفون بكتائب "الانغماسين"، وأوضح قائلاً: "دارت معارك عنيفة فجر الإثنين استمرت نحو 7 ساعات اضطرت قواتنا إلى الانسحاب من أجزاء واسعة من الجامعة والتمركز في مباني المكتبة المركزية وكلية التربية".

وأضاف أن دخول القوات العراقية للجامعة كان في إطار كمين من "داعش"، بما أن التنظيم لا يجيد القتال بالمناطق المفتوحة كونها ستؤدي إلى إبادة عناصره بالطائرات المروحية المساندة، مشيرا أن "داعش": "تمكن من قتل ما لا يقل عن 60 مقاتلاً من القوات المشتركة وجرح عشرات بينهم آمر الفوج الثاني العقيد حسين عودة".

وتابع الضابط العراقي موضحاً أن "التقدم موجود في محاور عدة لكن هناك خسائر بنفس الوقت وداعش لا يسعى للأرض في هذه المعركة بقدر ما يسعى لاستنزاف القوات المهاجمة وقتل أكبر عدد ممكن منها، لذا هو ينسحب من أي منطقة تتقدم عليها القوات العراقية ثم يعود لمهاجمتها مرة أخرى ويمكن القول إنها معركة مرتبكة للغاية للطرفين والخسائر بلغت خلال الأيام القليلة الماضية أكثر من 450 جندياً وأكثر من هذا العدد للجرحى".

كما أكد أن خسائر داعش هي الأخرى مرتفعة وغالبيتهم من العرب والأجانب.

من جانبه، قال رئيس مجلس محافظة الأنبار، صباح الكرحوت، لـ "العربي الجديد" إن "القوات العراقية ستدخل الرمادي ولو بعد حين والمعارك حالياً تؤتي أكلها".

وأوضح الكرحوت أنه أبلغ "الجانب الأميركي بضرورة السيطرة على الحدود مع سورية في هذا الوقت لمنع وصول تعزيزات لتنظيم داعش ومحاولة عزلهم داخل المدينة عن محيطهم الخارجي وأكدوا أنهم يعملون على ذلك".

وتقع جامعة الأنبار خارج الحدود الإدارية لمدينة الرمادي في منطقة التأميم على مساحة إجمالية تبلغ 16 كيلو متراً مربعاً وتحيطها معامل للزجاج والسيراميك ومخازن لوزارة التجارة العراقية تقابلها عمارات سكنية عالية ومتوسطة لموظفي الجامعة، وفي حال تمكنت القوات العراقية من معالجة خلايا "الانغماسين" التابعة لـ "داعش" الموجودة حالياً داخل الجامعة وتأمينها، فإنه من المرجح أن تكون مقراً عسكريا لتلك القوات أسوة بما حدث مع جامعة تكريت عندما تحولت أول أيام الهجوم إلى مقر عسكري تنطلق منه الهجمات على مركز المدينة.

في السياق ذاته، قال الخبير بالشأن الأمني العراقي، العميد الركن المتقاعد سالم العبيدي، لـ "العربي الجديد" إن "القوات العراقية ومن معها نجحوا في كبح جماح "داعش" ومنعها من التقدم إلى مناطق أخرى لكنهم بنفس الوقت أوقعوا أنفسهم بحرب استنزاف على ما يبدو إنهم يفضلونها كأفضل الخيارات المتاحة لديهم فتركهم يعني التوجه إلى بغداد".

وتابع "الجانب العراقي غير مكترث بعدد أو حجم الخسائر البشرية ويعتبر معركة الأنبار مصيرية لذا عندما عجز عن الفلوجة تحولت قواته إلى الرمادي أملاً بالسيطرة عليها لتحقيق نصر مادي ومعنوي ومن ثم وهذا الأهم عزل الفلوجة عن مدن أعالي الفرات ممثلة بهيت والقائم وسبعة مدن أخرى تعتبر الطريق الأهم لها إلى سورية".

وعبر عن اعتقاده بأن تطول المعارك لنحو شهرين قبل أن تتضح صورة المسيطر الفعلي على الأرض.

اقرأ أيضاً: القوات الأمنية العراقيّة تستهدف نازحي الأنبار وتضيّق الخناق عليهم

المساهمون