شارك المئات من أبناء حيي الشيخ مقصود والأشرفية شرقي حلب، شمالي سورية، اليوم الأحد، في مظاهرة للاحتجاج على الحصار الذي تفرضه قوات "الفرقة الرابعة" التابعة للنظام السوري على تلك الأحياء الخاضعة لسيطرة "قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، منددين باستخدام النظام سلاح التجويع لإخضاع الأهالي.
وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن حواجز "الفرقة الرابعة" تطلب من المدنيين الراغبين في دخول الحي أو الخروج منه إبراز بطاقاتهم الشخصية، كما تفرض مبالغ مالية على السيارات الداخلة والخارجة من حيي الشيخ مقصود والأشرفية. كما تمنع قوات النظام وصول المواد الأساسية اليومية، خاصة الدقيق والوقود، في إطار تطبيق الحصار على تلك الأحياء التي يشكل الأكراد غالبية سكانها.
وكان عشرات الأشخاص من مهجري عفرين قد شاركوا، أمس السبت، في وقفة احتجاجية أمام حاجز تابع لقوات النظام بريف حلب الشمالي، تنديداً بالحصار الذي فرضته "الفرقة الرابعة" على الأحياء منذ أكثر من شهرين.
وتسبب الحصار الذي تفرضه "الفرقة الرابعة"، على تلك الأحياء بالإضافة إلى منطقة الشهباء لأكثر من شهرين، بفقدان مواد أساسية، وتردي الوضع المعيشي والاقتصادي المتردي أصلاً في عموم المناطق السورية.
وذكر الناشط محمد الشمالي لـ"العربي الجديد"، أن العديد من سكان أحياء الشهباء والشيخ مقصود والأشرفية داخل مدينة حلب، يعمدون إلى إحراق النفايات والمخلفات في مدافئهم، طلباً للدفء وطهي الطعام، بسبب عدم توفر الوقود.
وتتولى "الإدارة الذاتية" الكردية إدارة هذه الأحياء منذ نحو 10 أعوام، في حين تسيطر قوات النظام السوري على المناطق المحيطة بتلك الأحياء، وتفرض بين الحين والآخر حصاراً عليها عبر الحواجز العسكرية.
وأضاف الناشط أن الحصار أصبح شاملاً بعد أن كان جزئياً، وشمل حتى مادة الطحين، ما أجبر الأهالي على تقنين تشغيل الأفران ومحاولة البحث عن مصادر بديلة للطحين لتوفير الخبز للسكان.
ورأى الناشط، أن النظام السوري يستهدف من هذا الحصار، الضغط على "الإدارة الذاتية"، وتحشيد السكان ضدها، وإظهار عجزها عن تأمين المواد الأساسية.
وتضم الأحياء نحو 200 ألف نسمة من مختلف المكونات، لكن مع غالبية كردية، في حين يقطن في منطقة الشهباء المحيطة ببلدة تل رفعت ما يقارب 140 ألف شخص، غالبيتهم من السكان الذين نزحوا من عفرين جراء عملية "غصن الزيتون" العسكرية التركية في شتاء 2018.
تجدد الاحتجاجات في السويداء
في الأثناء، تجددت الاحتجاجات الشعبية في محافظة السويداء جنوبي سورية، واتسعت رقعة انتشارها لتصل إلى عدد من بلدات الريف الجنوبي والجنوبي الشرقي، مع تصعيد واضح بالشعارات والهتافات متجاوزة المطالب الخدمية والاقتصادية، ومحملة النظام السوري مسؤولية الانهيار الاقتصادي والفساد الإداري في البلاد.
وفي بلدة ملح أقصى الريف الجنوبي الشرقي، دعا المحتجون النظام للرحيل و"إعطاء الفرصة لمن يستطيع أن ينقذ البلاد قبل انهيار ما تبقى من مؤسسات"، وعبروا عن احتجاجهم بالوقوف في ساحة البلدة بمشاركة من الأطفال وطلاب المدارس والنساء.
وقال أحد المحتجين لـ"العربي الجديد": "لقد آن الأوان لتعلم هذه السلطة أنها دمرت سورية بسياساتها القمعية، وبحزبها (حزب البعث) المتسلط على جميع المؤسسات والإدارات، وعليها أن ترحل".
وطالب المحتجون في بلدة ملح الأهالي بالوقوف عند حقوقهم المشروعة بالعيش الكريم، فيما حثت إحدى المحتجات على وقف الانهيار الحاصل في المؤسسة التعليمية وتأمين أساسيات نجاح المؤسسة التعليمية والطلاب، والخدمات الضرورية للمعلمين والطلاب.
مصدر في البلدة قال لـ"العربي الجديد" إن الناشطين قرروا بث فيديوهات بوجوه واضحة، دون خوف من النظام الأمني الذي أرسل أزلامه بين المحتجين لتخويف الناس.
وفي بلدة سهوة البلاطة اختار المحتجون التظاهر أمام مضافة شيخ عقل طائفة المسلمين الموحدين حمود الحناوي في خطوة يبدو أن الهدف منها لفت نظر الوجهاء والضغط عليهم لدعم مطالب الناس.
وقال أحد النشطاء الداعين للاحتجاج لـ"العربي الجديد"، شريطة عدم ذكر اسمه أيضا: "اختيارنا لهذا المكان هو رسالة إلى كل رجال الدين باتخاذ موقف واضح وصريح من الحراك الشعبي ومن السلطة. وبنفس الوقت هو بمثابة الإنذار للسلطة بأننا قد نتجاوز كل الخطوط والعوائق التي وضعتها في وجه حراكنا السلمي".
إلى ذلك دعا ناشطون للاعتصام يوم غد الاثنين في ساحة الكرامة وسط مدينة السويداء، وأصدروا بيانا عبر صفحاتهم الشخصية وتناقلته مواقع إلكترونية تضمن دعوة كل السوريين للاعتصام يوم غد من الساعة الثانية عشرة إلى الواحدة ظهراً، في ساحة الكرامة.
وتوجه النشطاء المدنيون إلى المجتمع الأهلي بضرورة "المطالبة بحقوقهم المشروعة بشكل سلمي ومنظم، وعدم إعطاء الفرصة لجهات النظام واتباعها من استغلال الحراك الشعبي وتسييسه لخدمة السلطة من خلال القيام ببعض الأعمال التي لا تخدم سوى الفاسدين والسلطة"، على حد قولهم.