مصر: مخالفة قانونية تمنع إصدار قرار تشكيل مجلس "حقوق الإنسان"

05 نوفمبر 2021
شكل البرلمان مجلس حقوق الإنسان في أكتوبر (محمد مصطفى/Getty)
+ الخط -

أكد مصدر قانوني مصري لـ"العربي الجديد"، أن سبب عدم صدور قرار جمهوري بتشكيل المجلس القومي لحقوق الإنسان (شبه حكومي) حتى الآن، رغم إقراره من مجلس النواب، هي مخالفة قانونية وقع فيها مجلس النواب عند إعلان التشكيل في 4 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. في ذلك التاريخ، انتهت اللجنة العامة لمجلس النواب من تسمية المرشحين لعضوية المجلس القومي لحقوق الإنسان، والذي كان من المفترض أن يتم تشكيله بواسطة البرلمان السابق. وفيما احتفظ التشكيل الجديد بثلاثة أسماء فقط قديمة، تمت الإطاحة برئيس المجلس الوزير السابق محمد فايق، فضلاً عن أن معظم الأعضاء الجدد يرتبطون بالأجهزة الأمنية، حسبما أفادت مصادر برلمانية.
وبحسب القانون يتألف المجلس من 25 عضواً، أبقى مجلس النواب في التشكيل الجديد على ثلاثة منهم فقط، بينما تنص المادة 3 من القانون رقم 197 لسنة 2017 التي عدلت بعض أحكام القانون رقم 94 لسنة 2003 بإنشاء المجلس القومي لحقوق الإنسان الصادر في أول أغسطس/ آب 2017، على: "يبدأ مجلس النواب في إجراءات تشكيل مجلس جديد خلال 30 يوماً من تاريخ العمل بهذا القانون أو من تاريخ أول انعقاد له إذا لم يكن منعقداً، على أن يتم تغيير ثلث الأعضاء عقب انتهاء الدورة الأولى للمجلس الجديد". وهو ما لم يراعَ من قبل مجلس النواب، وفقاً للمصادر البرلمانية.


يرتبط معظم الأعضاء الجدد في المجلس الجديد بالأجهزة الأمنية

وتنص المادة الثانية مكرر "أ" من القانون نفسه على: "يبدأ مجلس النواب في إجراءات تشكيل المجلس قبل انتهاء مدته بـ60 يوماً على الأقل، وذلك في ضوء ترشيحات المجالس القومية والمجلس الأعلى للجامعات والمجلس الأعلى للثقافة والنقابات المهنية، وغيرها من الجهات. وتسمي اللجنة العامة لمجلس النواب المرشحين لعضوية المجلس مع مراعاة التمثيل الملائم لفئات المجتمع، ويختار مجلس النواب رئيس المجلس ونائبه والأعضاء بموافقة أغلبية أعضائه. ويصدر رئيس الجمهورية قرار تشكيل المجلس وينشر في الجريدة الرسمية".

وحول عدم صدور قرار التشكيل، كشف مصدر سياسي في تصريحات لـ"العربي الجديد" أن جهازاً أمنياً سيادياً أصرّ على إعلان تشكيل المجلس القومي لحقوق الإنسان من قبل مجلس النواب قبل سفر أعضاء ما يسمى بوفد "الحوار الدولي المصري" إلى العاصمة الأميركية واشنطن، والذي ضمّ رئيس حزب الإصلاح والتنمية محمد أنور السادات، ووزيرة الأسرة والسكان السابقة، السفيرة مشيرة خطاب، المرشّحين من البرلمان بتوصية أمنية.

وتمحورت مهمة الوفد المصري في واشنطن على تحسين صورة النظام أمام الدوائر الأميركية، فضلاً عن إقناع الأميركيين بتسليم المساعدات إلى الحكومة المصرية من دون اقتطاع، بعد تعليق مبلغ 130 مليون دولار من أصل 300 مليوناً، بسبب انتهاكات النظام في ملف حقوق الإنسان. وبحسب المصدر فإن الأجهزة الأمنية استعجلت تعيين مشيرة خطاب رئيسة للمجلس القومي لحقوق الإنسان، مع اختيارها لرئاسة الوفد المصري في واشنطن، لاستغلال صلاتها الواسعة في الولايات المتحدة والتي استخدمها النظام من قبل عقب انقلاب 2013، حين قامت وقتها بجولات أجرتها على مرحلتين في عامي 2013 و2015. كما أن الهدف من تعيين السادات هو الادعاء بمنح شخصيات حقوقية غير محسوبة على السلطة مساحة للحركة، علماً أن السادات يسعى من خلال "مبادرة الحوار الدولي"، إلى ترويج صورة متوازنة عن كيفية إدارة النظام لملفاته الداخلية.

وجرت لقاءات مكثفة في واشنطن بين الوفد المصري ونواب في الحزبين الديمقراطي والجمهوري وعدد من المعاهد السياسية ومراكز الفكر وبيوت الخبرة وصنع القرار السياسي، في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. كما عقد الوفد لقاء مع عدد محدود من المعارضين المقيمين في الولايات المتحدة، وبعضهم حضروا من خارج واشنطن، وسط تطمينات من السادات تحديداً بإمكانية البناء على أفكارهم، التي يمكن قبولها لتقريب وجهات النظر بين النظام والمعارضة. أما بما يتعلق بباقي الأسماء في التشكيل الجديد، فقد أبقى البرلمان على ثلاثة أعضاء، وهم الناشط السياسي جورج إسحق، والسفير محمود كارم محمود (عُيّن نائباً لخطاب)، وأستاذة العلوم السياسية بجامعة القاهرة، نيفين مسعد.


الأجهزة الأمنية استعجلت تعيين خطاب قبل زيارتها واشنطن

وشملت قائمة الأعضاء محمد أنس قاسم يوسف جعفر، ومحمد سامح أحمد محمد عمرو بندر، وهدى راغب عوض، ونهى علي بكر، وعبد الجواد أحمد عبد الحميد أحمد، ورابحة فتحي شفيق محمد، ونهاد لطفي سيد محمد أبو القمصان، وهاني إبراهيم فهمي إبراهيم، وولاء جاد الكريم محمود عثمان، وغادة محمود همام محمود، ومحمد ممدوح جلال عبد الحليم، وعلاء سيد كامل شلبي، وعزت إبراهيم ميخائيل يوسف، ونهى طلعت عبد القوي السيد عبد اللطيف، ومحمود محمد سعد متولي بسيوني، وسميرة لوقا دانيال أبسخرون، ووفاء بنيامين بسطا متري، وعصام الدين أحمد طه شيحة، ومحمد أنور السادات، ودينا هشام محمد عباس خليل، وسعيد عبد الحافظ سعيد درويش، وإسماعيل عبد الرحمن محمد، وأيمن جعفر زهري أحمد.

وكان السيسي قد أطلق في 12 سبتمبر/ أيلول الماضي الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وكانت السمة الأبرز فيها، هو الغياب شبه التام للحديث عن سبل تدعيم حقوق الإنسان بمحاورها المقررة دولياً، وغياب أي إشارة إلى الأهداف الرئيسية التي بدأت من أجلها جهود وضع هذه الاستراتيجية. وأبرز هذه الأهداف هي فتح المجال العام، وتوسيع العمل السياسي، والسماح بحرية تكوين الأحزاب والنقابات والجمعيات المعارضة للسلطة، وإطلاق الحقوق والحريات السياسية والإعلامية والمدنية، ووقف الملاحقات الأمنية والاعتقالات، ووقف الاستخدام المتعسف للسلطة ضد المعارضين.

وقدّم مندوب مصر الدائم في مقر الأمم المتحدة في جنيف، السفير أحمد إيهاب جمال الدين، عرضاً لمبادئ وبنود الاستراتيجية، تضمّن خلطاً واضحاً بين حقوق الإنسان والواجبات المترتبة على تولي الدول أدوارها الأصيلة في رعاية مصالح شعوبها. كما تم تخصيص قسم محدود من الاستراتيجية للحقوق السياسية والمدنية، ووفق عبارات مطاطة خالية من أي تعهدات واقعية لتحسين أوضاع حقوق الإنسان، وتخصيص الجزء الأكبر منها للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، والتي تتعلق في الأساس بطبيعة ممارسة السلطات لدورها تجاه شعبها، كالمرافق الصحية، والتعليمية، والقضاء، والبنية التحتية، والمشروعات الأساسية.

المساهمون