مصالح مشتركة للقادة الليبيين

17 مارس 2022
خلال تظاهرة في طرابلس للمطالبة بإجراء الانتخابات (حازم تركية/الأناضول)
+ الخط -

أخطأ من قال إن الساسة الليبيين لم يتفقوا على خريطة طريق، بل على العكس فقد اتفقوا على خريطة لـ"تأجيل الانتخابات"، والاختلاف بينهم فقط حول التفاصيل. أما النتيجة النهائية، فلا شك أنها واحدة وهي تأجيل الانتخابات.

وعندما لا يكون الاختلاف بين هؤلاء الساسة حول تفاصيل تثبيت هذه النتيجة، يتم تفجير المشهد ليدخل في تفاصيل الاختلافات والبحث عن حل يجعل تأجيل الانتخابات ثابتاً. وهو ما نجح فيه الساسة والقادة الليبيون، وبدعم أممي يدير صراع المصالح الدولية التي لم تسمح لليبيين بإنتاج دستور قوي وإطار ديمقراطي يضمن الانتقال الدائم للسلطة.

فقد أفسحت هذه الرعاية الأممية المجال لخلق أذرع محلية للصراع الدولي داخل البلاد، سمحت باستمرار الانتقال المؤقت للسلطة.

وبعدما كان المتصارعون في أولى سنوات الثورة يديرون خلافاتهم داخل برلمان واحد، هو المؤتمر الوطني العام، بدا أن هذه الحلبة لم تسعهم بسبب تعدد الأطراف الدولية والإقليمية، ما استدعى ضرورة وجود طرف سياسي آخر يوسّع حالة الصراع، والذي تمثل في مجلس النواب، ثم عودة المؤتمر الوطني العام في ثوب سياسي جديد تحت مسمى مجلس الدولة.

ومع انتهاء ولاية الجسمين بموجب الآجال الزمنية للاتفاق السياسي الموقّع في الصخيرات المغربية عام 2015، لجأت البعثة الأممية، التي تدير الصراع في ليبيا، لرعاية مسار تفاوضي جديد أنتج اتفاقاً سياسياً آخر عُرف بخريطة طريق ملتقى الحوار السياسي، ومدد في عمر الجسمين لعام ونصف العام، شارف هو الآخر على الانتهاء قريباً.

وعلى عكس ما حملته خريطة الطريق من شعارات اختزلتها الحكومة التي شُكلت تحت مسمى "الوحدة الوطنية"، فقد تعددت الأطراف المتصارعة في الساحة السياسية بعد تراجع حظوظ الحسم العسكري على يد جنرال الحرب خليفة حفتر. فقد شهدنا عودة نجل معمر القذافي، سيف الإسلام، وتحوّل رئيس حكومة الوحدة، عبد الحميد الدبيبة، إلى خصم سياسي أيضاً، وتعددت رؤوس الخلاف لتفرض مرحلة جديدة من التفاوض والمشاورات.

ويبدو أن الأمم المتحدة بدأت في التجهيز والتمهيد لهذه المشاورات، بعد أن اقترحت مبادرة تدرك منذ البداية صعوبة تحقيقها، وهي خلق شراكة جديدة بين مجلسي النواب والدولة لإنتاج قاعدة دستورية، ولكن الهدف فعلياً هو إنتاج جسم سياسي جديد يتجاوز الاثنين، مع الإبقاء عليهما، ليعمل الجسم الجديد على إنتاج قاعدة دستورية لبداية مشوار لا جديد فيه سوى تأكيد النتيجة المؤكدة سلفاً، وهي تأجيل الانتخابات في كل مرحلة وطور.

المساهمون