يعقد مجلس الأمن الدولي، اليوم الجمعة، اجتماعاً حول الأوضاع في غزة بحضور الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، لنقاش إدخال المساعدات الإنسانية، وإمكانية التصويت على مسودة مشروع قرار قدّمته الإمارات، بالتنسيق مع الجانب الفلسطيني والمصري وبدعم من الدول العربية والإسلامية، لوقف إطلاق النار لأسباب إنسانية.
ويأتي الاجتماع بعد تفعيل الأمين العام للأمم المتحدة المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة والتي بموجبها يطلب من مجلس الأمن الدولي التحرك لمواجهة خطر جسيم في قطاع غزة، بما في ذلك انهيار النظام الإنساني في غزة ووقف إطلاق النار لأسباب إنسانية.
وفي رسالته لمجلس الأمن حذر الأمين العام وناشد مجلس الأمن من أجل "المساعدة في تجنب كارثة إنسانية كما إعلان وقف إنساني لإطلاق النار". وتهدف هذه الخطوة النادرة التي اتخذها غوتيرس، لأول مرة منذ توليه منصب الأمين العام عام 2017، إلى الضغط على المجلس للتحرك والقيام بمهامه كالجهة المسؤولة عن الأمن والسلم الدوليين.
وفي سياق متصل، توقع مندوب فلسطين للأمم المتحدة، رياض منصور، أن يصوّت مجلس الأمن الدولي في نيويورك الجمعة على مشروع القرار الإماراتي المدعوم عربياً.
وقال منصور حول تفعيل المادة والتصويت في مجلس الأمن الدولي "تعطي المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة الصلاحيات للأمين العام بالارتكاز على الميثاق والطلب من مجلس الأمن أن يتخذ إجراءات وخطوات عملية. ويجب أن تفسر على أنها ملزمة لوقف هذا الخطر على الأمن والسلم الدوليين".
وأضاف "لذلك التجأ الأمين العام إلى هذه المادة بطلب وقف إطلاق نار إنساني فوري. ومشروع قرارنا يتماشى مع ما يريده الأمين العام، أي أن يرتقي مجلس الأمن لمستوى المسؤولية وأن يتصرف لوقف هذه الحالة التي تهدد الأمن والسلم الدوليين وتهدد حياة عدد هائل من الفلسطينيين ليس فقط من جراء القصف، ولكن كذلك من الجوع والمرض".
أمال بعدم تعطيل مجلس الأمن الطلب
وعبر عن أمله ألا يعطل مجلس الأمن هذا الطلب وأن يصوت لصالح مشروع القرار المقدم بدعم من الدول العربية والإسلامية وغيرها من الدول التي تؤيد وقف إطلاق النار.
وحول تصريحات مسؤولين أميركيين في الأمم المتحدة، بداية الأسبوع، مفادها بأن الولايات المتحدة لا تؤيد حالياً وقف إطلاق النار ومشروع القرار وتقديمه للتصويت، قال منصور "هناك عدد من الوزراء العرب الذين وصلوا صباح الخميس إلى واشنطن ولا يمكنني الحديث باسمهم وكيف ستجري المحادثات هناك مع الجانب الأميركي. ولكن ما هو واضح أن قمة الرياض طالبت بوقف إطلاق النار، كما الأمين العام للأمم المتحدة، وجميع منظمات الأمم المتحدة، ووزير خارجية الاتحاد الأوروبي وغيرهم... بمن فيهم الملايين من الناس الذين خرجوا في الولايات المتحدة وأوروبا وحول العالم للمطالبة بوقف إطلاق النار".
تحركات داخل مجلس الأمن
وجاءت تصريحات السفير الفلسطيني خلال مؤتمر صحافي عقده في مقر الأمم المتحدة مع سفراء الدول العربية والإسلامية للمنظمة الدولية. ورداً على أسئلة لمراسلة "العربي الجديد" في نيويورك حول الخطوات الإضافية التي تريد الدول العربية اتخاذها من أجل زيادة الضغط على الجانب الأميركي لوقف الحرب والتسليح، رد سفير جامعة الدول العربية للأمم المتحدة، ماجد عبد الفتاح "لم تتوقف الجامعة العربية عن دعم القضية الفلسطينية... وآخرها القمة العربية الإسلامية المشتركة والتي عقدت في 11 من نوفمبر/ تشرين الثاني والتي انبثق عنها اللجنة الوزارية التي تزور واشنطن اليوم (الخميس) وتلتقي مع الإدارة الأميركية لبحث كافة خطوات وقف هذه المجزرة الدموية التي تقوم بها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، سواء كان ذلك في غزة أو أجزاء أخرى من الأراضي المحتلة".
وتابع "نقوم بكافة المجهودات (في الأمم المتحدة) وننسق مع وفد فلسطين بالكامل فيما يتعلق بالتحركات المطلوبة".
وأردف "يتم الضغط على الولايات المتحدة من خلال استخدام الآليات الموجودة في الأمم المتحدة. وفتح والأمين العام للأمم المتحدة هذا الباب كذلك برسالته التي وجهها إلى مجلس الأمن وتفعيل المادة 99".
وقال كذلك "يستند مشروع القرار العربي الإسلامي المطروح إلى هذا النص في ميثاق الأمم المتحدة ورسالة الأمين العام ويحظى بدعم دولي كبير بما فيها دعم أوربي ودولي"، معبراً عن أمله أن يتم تمرير مشروع القرار "وأن تسمح الدول الكبرى بتمرير القرار حتى لو امتنعت عن التصويت".
تنسيق المساعدات
ورداً على سؤال آخر لمراسلة "العربي الجديد" لسفير مصر في الأمم المتحدة، أسامة عبد الخالق، حول السبب وراء عدم تدفق المساعدات الإنسانية من معبر رفح الحدودي بين قطاع غزة ومصر، قال الدبلوماسي المصري "نود أن نؤكد أمام الجميع أن معبر رفح، منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول إلى هذه اللحظة، مفتوح من الجانب المصري، إنما هناك سلطة قائمة بالاحتلال، ومنطقة عمليات حربية وحرب مستعرة وعدوان على الأشقاء وأهلنا الفلسطينيين في غزة".
وأوضح "هناك آلية تشترك بها الأمم المتحدة والجانب المصري وسلطة الاحتلال والهلال الأحمر الفلسطيني لتنسيق المساعدات عندما تنساب من المعبر المصري، ولا بد من التنسيق على الطرف الآخر لاستلامها وتوزيعها".
وأضاف "مع وجود العمليات الحربية والقصف المتواصل يتعذر على الأمم المتحدة والهلال الأحمر استلام المساعدات، ولذلك الغرض تحديداً وإدراكاً بأن هناك عراقيل وتعطيل من قبل السلطة القائمة بالاحتلال لانسياب المساعدات ووصولها بشكل منتظم، فقد أعدت المجموعة العربية والإسلامية مشروع قرار لمجلس الأمن من أجل تسهيل انسيابها ووصولها بشكل منتظم... على أن يشمل ذلك تفعيل كافة المعابر".
ومن أبرز ما جاء في مسودة مسربة لمشروع القرار، فإن مجلس الأمن يعرب "عن بالغ القلق إزاء الحالة الإنسانية الكارثية في قطاع غزة ومعاناة السكان المدنيين الفلسطينيين". ويشدد على ضرورة حماية المدنيين وفقاً للقانون الإنساني الدولي. ويطالب "بوقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية"؛ ويكرر مطالبته بأن "تمتثل جميع الأطراف لالتزاماتها بموجب القانون الدولي، بما في ذلك القانون الإنساني الدولي، ولا سيما فيما يتعلق بحماية المدنيين". كما "يطالب بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن، فضلا عن ضمان وصول المساعدات الإنسانية."
وأشارت مصادر دبلوماسية غربية مطلعة في مجلس الأمن إلى أن الولايات المتحدة وبريطانيا تعملان على تخفيف صياغة مشروع القرار وخاصة الجزء المتعلق بكلمة "مطالبة" بوقف إطلاق النار لأسباب إنسانية. ومن غير الواضح حتى اللحظة ما إذا كانت الولايات المتحدة ستستخدم حق النقض (الفيتو) في حال بقيت الصياغة كما هي.