تُنهي البعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي لحفظ السلام في إقليم دارفور (يوناميد) الخميس، مهمتها التي امتدت 13 عاماً، ما يثير بعض المخاوف لدى السودانيين خصوصاً بعد نشوب أحداث عنف مؤخراً في دارفور.
وقالت البعثة، في بيان الأربعاء، إنها "تنهي رسميا عملياتها الخميس، بينما تتولى الحكومة السودانية مسؤولية حماية المدنيين في المنطقة".
وأعلن وزير الخارجية السوداني المكلف عمر قمر الدين، أنه سيتم نشر قوات شرطة في الإقليم.
وقال قمر الدين للصحافيين الخميس "جارٍ نشر قوات شرطة في الإقليم لتأمين المواطنين على أن تكتمل عملية نشر القوات في مارس/آذار القادم".
وأضاف الوزير السوداني: "تختتم بعثة "اليوناميد" اليوم مهمتها في دارفور بعد أن مكثت بيننا ثلاثة عشر عاماً ساهمت في تحقيق الأمن والاستقرار، صحيح أنها جابهت بعض الصعوبات، لكن المحصلة النهائية جيدة".
واندلع نزاع دارفور عام 2003، وخلف 300 ألف قتيل، بحسب الأمم المتحدة، وأدى إلى انتشار النزاعات القبلية والتي كان أحدثها الأسبوع الماضي وأسفرت عن خمسة عشر قتيلاً، كما تسبب النزاع في تشريد 2,5 مليون شخص من قراهم، وفقاً للمنظمة. ونظم عدد من المواطنين الذين شردتهم الحرب من منازلهم، احتجاجات للمطالبة ببقاء بعثة يوناميد.
وفي مخيم كلمه، أكبر مخيمات النازحين في الإقليم الواقع غربي البلاد وقرب مدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور، قال محمد عبد الرحمن، وهو أحد الفارين من منازلهم جراء النزاع لوكالة فرانس برس "على الأمم المتحدة أن تتراجع عن قرارها من أجل حماية أرواح ودماء النازحين". وتساءل مندهشا "لماذا لا تراجع الأمم المتحدة هذا القرار طالما الإنسان في دارفور مهدد". ويعتصم المئات خارج مقر بعثة "يوناميد" في مخيم كلمه.
وأكدت البعثة أن الانسحاب التدريجي الذي سيبدأ في يناير/ كانون الثاني سوف يكتمل خلال ستة أشهر.
وتظاهر سكان مخيم كلمه وهم يحملون لافتات كتب عليها "نثق في حماية الأمم المتحدة للنازحين، ونرفض خروج يوناميد".
وبدأ النزاع عندما حملت مجموعة تنتمي إلي أقليات أفريقية السلاح ضد حكومة الرئيس السوداني المعزول عمر البشير تحت دعاوى تهميش الإقليم سياسياً واقتصادياً. وأطلقت حكومة البشير مليشيات مسلحة أغلب أفرادها من العرب عرفت باسم (الجنجويد) وقد اتهمتها منظمات حقوقية عديدة بارتكاب "حملة تطهير عرقي" وبعمليات اغتصاب.
وألحقت السلطات السودانية المئات من أعضاء المليشيات بقوات الدعم السريع شبه العسكرية والمتنفذة.
وأطاح الجيش البشير في إبريل/ نيسان 2019 بعد أشهر من الاحتجاجات ضده، وفي أغسطس/ آب، تم توقيع اتفاق سياسي لتقاسم السلطة بين العسكريين والمدنيين، وتشكلت حكومة انتقالية لمدة ثلاث سنوات.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول، وقعت الحكومة الانتقالية اتفاق سلام تاريخياً مع مجموعات متمردة بينها حركات كانت تقاتل في دارفور، لكن حركة تحرير السودان جناح عبد الواحد نور والتي تحظى بدعم كبير في أوساط سكان المخيمات لم توقع على هذا الاتفاق حتى الآن.
ولا يزال الإقليم يشهد اشتباكات بسبب التناحر على موارد المياه والأرض بين الرعاة البدو العرب والمزارعين المنتمين للمجموعات المهمشة.
ويتخوف عثمان أبو القاسم، أحد المقيمين في مخيم كلمه، من أن نهاية مهمة البعثة قد تخلق "مشكلة كبرى لسكان دارفور حيث تتركهم يواجهون خطر المزيد من العنف".
ويقول المتحدث باسم بعثة "يوناميد" أشرف عيسى لـ"فرانس برس": "نتفهم مخاوف سكان دارفور، خصوصاً النازحين والفئات الضعيفة، لكن الأوضاع تحسنت بصورة كبيرة مقارنة مع السنوات الماضية". وأضاف عيسى "الآن، مهمة تعزيز الأمن والاستقرار في دارفور تقع على عاتق الحكومة الانتقالية والسودانيين أنفسهم".
ومن المقرر أن تحل محل "يوناميد" بعثة الأمم المتحدة لمساعدة الحكومة الانتقالية السودانية (يونيتامس). وتتألف مهامها من مساعدة الحكومة الانتقالية وبناء السلام وتعبئة الجهود لايصال وتوفير المساعدات الإنسانية إلى من يحتاجها.
وعلى إثر الاشتباكات القبلية التي وقعت الأسبوع الماضي، أعلنت السلطات السودانية أنه سيتم نشر قوات من أجل السيطرة على أعمال العنف، لكن كثيرين يشككون في الأمر.
وقالت انتصار عبد الله، التي تبلغ من العمر 25 عاماً "إذا عُهد بحماية النازحين إلى الحكومة السودانية، فإن الأمر سيصبح كأنما سلّمت الدارفوريين إلى القوات التي ارتكبت في حقهم المذابح وعمليات الاغتصاب".
وقال محمد حسن أحد سكان مخيم كلمه: "حتى الآن، ليس هناك سلام شامل في السودان، وحتى يتحقق ذلك فنحن نعارض خروج يوناميد".
(فرانس برس)