محكمة فلسطينية تمدد اعتقال سماء عبد الهادي بعد حفل في مقام النبي موسى

29 ديسمبر 2020
النيابة العامة الفلسطينية وجّهت لسماء عبد الهادي تهمة حسب المادة 275 (Getty)
+ الخط -

ذكر هادي الشعلان، محامي سماء عبد الهادي، لـ"العربي الجديد"، اليوم الثلاثاء، أن محكمة صلح أريحا شرقي الضفة الغربية مددت اعتقال سماء لمدة 15 يوماً لعدم استكمال إجراءات التحقيق معها، وأن التحقيقات متواصلة.

وأوضح الشعلان أن النيابة العامة الفلسطينية وجّهت لسماء عبد الهادي تهمة حسب المادة 275 من قانون العقوبات.

وتنص المادة (275) من قانون العقوبات رقم 16 لسنة 60 أن "كل من خرب أو أتلف أو دنس مكان عبادة أو شعاراً أو أي شيء تقدسه جماعة من الناس قاصداً بذلك إهانة دين أية جماعة من الناس أو فعل ذلك مع علمه بأن تلك الجماعة ستحمل فعله هذا على محمل الإهانة لدينها يعاقب بالحبس من شهر إلى سنتين أو بغرامة من خمسة دنانير إلى خمسين ديناراً".

من جانبه، أكد "الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة" (أمان) في بيان صحافي وصلت نسخة عنه إلى "العربي الجديد"، أنه يتابع الأحداث المتعاقبة التي جاءت بعد حادثة مقام ومسجد النبي موسى بقلق شديد.

وأضاف أنه "على الرغم من إمكانية الاختلاف حول مدى مواءمة الموقع كمكان تاريخي أثري وديني لتنفيذ مثل هذا النشاط، إلا أن ائتلاف أمان يرى أن الجهات المسؤولة والمتمثلة بوزارة السياحة تتحمل نتيجة ما جرى، ولا يجوز ، بأي حال من الأحوال، تحميل المواطنين مسؤولية قرارات المسؤولين".

وشدد "ائتلاف أمان"، كونه مؤسسة تُعنى بتعزيز النزاهة والشفافية والمساءلة، على ضرورة إخضاع المسؤولين المُقصّرين في أدائهم لمهامهم للمساءلة؛ إذ إن النزاهة والشفافية تقتضيان قيام وزارة السياحة والآثار ووزارة الأوقاف والشؤون الدينية بتوضيح الحقائق للمواطنين فور حدوثها، وعدم إتاحة المجال لانتشار فوضى أخذ القانون باليد، ما أدى إلى حالات تنمر أساءت للشعب الفلسطيني.

وبعد 3 أيام من الحفل الموسيقي في مقام ومسجد النبي موسى بين القدس وأريحا بالضفة الغربية، وبعد يومين على اعتقال الشرطة الفلسطينية سماء عبد الهادي؛ إحدى منظمي الحفل، أصدرت عائلة سماء بياناً توضيحياً حول ما جرى معها، مطالبة السلطة الفلسطينية بالإفراج عنها.

وقالت العائلة، في بيان صحافي اليوم الثلاثاء، "لقد ثار لغط كبير حول الحفل الذي أقيم في مقام النبي موسى بتاريخ 27/12/2020 وتم التهجم على سماء عبد الهادي بشكل شخصي، ليس ذلك فحسب، بل قررت السلطة الفلسطينية اعتقالها على ذمة التحقيق، والإصرار على تمديد اعتقالها دون وجه حق، مع أنها لم تقتحم مع فريقها موقع المقام، بل تقدمت بطلب تصريح حسب الإجراءات المعمول بها، والتزمت بإجراءات السلامة واحترمت قواعد استخدام المكان".

وأضافت العائلة "بداية، ومع أن اختيار الموقع قد ينمّ عن سوء تقدير من طرف المنظمين، إلا أننا يجب أن نؤكد أن السلطة الفلسطينية تعتبر المكان صرحاً ثقافياً سياحياً، حيث سلمت مسؤوليته إلى وزارة السياحة المخولة بإعطاء الموافقة على تنظيم الفعاليات فيه، وبناء على ذلك، قامت سماء بطلب الموافقات الضرورية من وزارة السياحة التي كانت على علم تام بكل تفاصيله، وتم الحصول على التصريح للتصوير في ساحة البازار/ السوق، وهذا ما تم".

 

وأشارت العائلة إلى أنه "كان الهدف من تنظيم الفعالية تصوير حلقة عن الموسيقى الإلكترونية في فلسطين في موقع أثري وسياحي للنشر على محطتي موسيقى عالميتين متخصصتين بهذا النوع من الموسيقى (Twitch tv وBeatport.com) وهما أهم مرجع لهذه الموسيقى بالعالم ولهما ملايين المتابعين عالمياً، أما الجمهور فكان لا يزيد عن 30 شخصاً من أصدقاء وعائلة سماء والهدف كان جمع جمهور صغير من أجل التصوير".

ونفت العائلة بشكل قاطع أن يكون قد تخلل الحفل أية أعمال منافية للآداب العامة من قبل المدعوين الحضور، أو وجود ما يسمى بـ"عبادة الشيطان" كما ادعى البعض من قبيل التحريض.

وقالت في هذا السياق "في حال تحديد أي حالات فردية من الإخلال بالآداب العامة، مثل الهجوم وتكسير المكان الذي قامت به مجموعة من الشبان، فهي تقع على عاتق القائمين على الموقع لأنهم المسؤولون عن التأكد من عدم الإخلال بآداب المكان أو أمنه".

وأضافت "إن سماء عبد الهادي ابنة عائلة فلسطينية عرفت بوطنيتها وإسهاماتها الأدبية والثقافية والفكرية والوطنية، وقد أوصلها اهتمامها بالموسيقى الإلكترونية إلى العالمية باسم فلسطين، حيث يسمعها ويعرف عنها ملايين المستمعين والمشاهدين والمتابعين حول العالم، لقد كان هذا المشروع خطوة أخرى في سعيها نحو التأكيد على اسم وقضية فلسطين في المنابر العالمية من خلال الموسيقى التي تحبها وتتقنها، وهذا هو الدور المتوقع من كل فلسطيني وفلسطينية، كل من موقعه".

سماء عبد الهادي ابنة عائلة فلسطينية عرفت بوطنيتها وإسهاماتها الأدبية والثقافية والفكرية والوطنية

 

 

وأردفت العائلة "ورغم أن نوع الموسيقى التي تؤديها سماء قد يبدو غريباً بالنسبة للبعض، ولا يرتبط بالضرورة بتراثنا وثقافتنا، إلا أنه أصبح جزءاً من الثقافة الموسيقية المعاصرة التي تربط ما بين الشباب الفلسطيني والعالمي دون أن يؤدي ذلك بالضرورة إلى فقدان الهوية الفلسطينية العربية لشبابنا وشاباتنا".

وطالبت العائلة الجميع بوقف الهجمة الشرسة غير المبررة على سماء، فيما طالبت السلطة الفلسطينية بإطلاق سراحها فوراً وملاحقة المسؤولين الحقيقيين عن هذه الفوضى.

وكان رئيس الحكومة الفلسطينية محمد اشتية قد أعلن في كلمة له بمستهل الجلسة الأسبوعية للحكومة أمس الإثنين، أنه سوف يتم إيقاع العقوبات على الذين تسببوا بالإساءة لمسجد ومقام النبي موسى بين القدس وأريحا.

وقال اشتية: "أساءنا ما جرى من أحداث في مقام النبي موسى أول أمس (السبت)، لما يحمله هذا المكان من مكانة دينية وتاريخية، وعليه قمنا بتشكيل لجنة تحقيق حول كل الذي حدث هناك وسوف نوقع كل العقوبات على الذين تسببوا في هذه الإساءة لهذا المكان ورمزيته ومكانته".

وأكد "أن المقام لم يكن مهملاً، بل تم ترميمه وترتيبه بما يليق به، ولذلك أوعزنا للجهات ذات العلاقة بتقديم كل عناية للحفاظ عليه كموقع ديني وتاريخي وأثري".

وأثارت مشاهد فيديو لحفلة صاخبة لفرقة فنية تدعى "بويلر روم" داخل مسجد النبي موسى ومقامه غضب الفلسطينيين على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط مطالبات بمحاسبة أية جهة رسمية فلسطينية سمحت لتلك الفرقة بانتهاك حرمة المسجد والمقام الديني، ووسط اتهامات لوزارتي السياحة والآثار والأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينيتين بشأن السماح للفرقة بتنظيم هذا الحفل.

وأظهرت مقاطع فيديو مساء السبت قيام شبان فلسطينيين من القدس بإخراج تلك الفرقة التي كان يرقص أعضاؤها على نغمات الموسيقى داخل المسجد والمقام، وسط صراخ وإطلاق ألعاب نارية لإخراجهم.

 

وتبع الغضب على ما جرى أن أحرق شبان فلسطينيون (مجهولو الهوية)، مساء الأحد، أثاث غرف فندقية في مسجد النبي موسى ومقامه، بعدما اقتحموا الغرف الفندقية وحطموا الأثاث بداخلها.

وأدى نحو ألفي فلسطيني من عدة محافظات بالضفة الغربية عصر الأحد، الصلاة في داخل مقام النبي موسى بدعوة من نشطاء فلسطينيين وحركة فتح وبعض الأحزاب الإسلامية في القدس، تأكيداً على قدسية المسجد والمقام، ورداً على الحفل الموسيقي الذي جرى مساء السبت داخل المقام.

وألقيت عدة الكلمات أكدت رفض ما جرى من انتهاك لحرمة المقام والمسجد، وطالبت بمحاسبة الذين سمحوا بإقامة هذا الحفل ومعاقبتهم، ودعا المتحدثون إلى فك الاتفاقية بين وزارتي الأوقاف والشؤون الدينية والسياحية والآثار والاتحاد الأوروبي الخاصة بتأجير الغرف الفندقية لشركة سياحية خاصة، وإعادة الحرمة للمكان وعدم تسليمه للقطاع الخاص، وردد الفلسطينيون بعد الصلاة هتافات غاضبة تستنكر ما جرى.

وأكد وكيل وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية حسام أبو الرب في حديث سابق لـ"العربي الجديد"، أن ما جرى هو اقتحام لحرمة المسجد والمقام، وحاول "العربي الجديد" الاتصال بالعلاقات العامة والإعلام في وزارة السياحة والآثار للحصول على تعقيب على ما جرى، لكن لم يتم التمكن من ذلك.

وقال أبو الرب: "إن وزارة الأوقاف لم تعط إذناً لهذه المجموعة بدخول المقام، وما جرى هو اقتحام للمسجد والمقام من قبل تلك المجموعة، دون إذن أو سماح من قبل وزارة الأوقاف، ونحن ننتظر لجنة التحقيق ونتائج التحقيقات، ونحن جاهزون لمتابعة كل كبيرة وصغيرة".

دلالات
المساهمون