كشفت مصادر خاصة عن محاولات إماراتية لتأجيل التقارب المصري التركي، الذي انطلقت خطواته الأولية أخيراً. وقالت إن "محاولات التقارب الناشئة، والتي تخطو خطواتها الأولى، تواجه محاولات إعاقة من جانب دولة الإمارات".
وأوضحت المصادر المصرية أن أبوظبي غير مرحبة بالخطوة المصرية في الوقت الراهن، مشيرة إلى أن توقيت تلك الخطوة هو السبب الرئيس لرفضها بالنسبة لولي عهد أبوظبي محمد بن زايد. ولفتت، في الوقت ذاته، إلى أن الإمارات ترى أن المزيد من الضغط على تركيا، سيجعلها تقبل باشتراطات تتعلق في المقام الأول بدعمها لجماعة "الإخوان المسلمين"، وتيار الإسلام السياسي، في المنطقة العربية بشكل عام، بالإضافة إلى ملفات أخرى، ترى الإمارات أنه لا بد من الوصول إلى أقل مستوى من التواجد التركي بها، مثل الأزمة السورية، وكذا إبعاد أنقرة بشكل كامل عن التفكير في التواجد بالأزمة اليمنية، والأراضي العراقية.
تراهن الإمارات على تأجيل الخطوة المصرية لإجبار أردوغان على الاستجابة لمطالبها
وأشارت المصادر إلى أن أبوظبي فشلت في تعطيل التوجه السعودي صوب تركيا، والتوصل إلى تفاهمات مبدئية معها بعيداً عنها، لذلك فهي كانت، ولا تزال، تراهن بشكل كبير على تأجيل تلك الخطوة من جانب مصر، لإجبار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على الاستجابة للمطالب الإماراتية.
وقالت المصادر إن اتصالات مصرية إماراتية جرت أخيراً، تناولت ما يدور بشأن التواصل المصري التركي الأخير، والدعوات من جانب أنقرة لتسريع وتيرة التهدئة بين الجانبين، وهي الاتصالات التي تحركت فيها القاهرة بعيداً عن أبوظبي بشكل كامل، وذلك على ضوء تباينات بين الجانبين منذ عدة أشهر. وكشفت أن أبوظبي طلبت بشكل واضح تأجيل خطوة التقارب المصري التركي، ومزيداً من الوقت لترتيبها، بحيث تكون عوائد النفع منها أكثر لكل من مصر والإمارات، بدلاً من الاكتفاء بتعديل سياسات المنابر الإعلامية المصرية التي تبث من تركيا.
وأضافت المصادر أن "أبوظبي ترغب في اللحاق بالتفاهمات المصرية والسعودية الأخيرة مع تركيا"، مؤكدة أن "هناك فتوراً وتردداً من جانب المسؤولين الأتراك في مبادلة الإمارات نفس الرغبة أو التوجه، على الأقل في الوقت الحالي". وشددت، في الوقت ذاته، على أنه "إذا كانت هناك مصلحة مشتركة للقاهرة وأبوظبي، دون أي تضرر للمصالح المصرية، فلن تتأخر القيادة المصرية في مراعاتها". وأضافت "مصر نقلت رسائل بينية أخيراً لأبوظبي، توضح حرصها على استمرار نهج العلاقات المتميزة بين الجانبين، لكنها في الوقت ذاته طالبتها باحترام المصالح المصرية".
وأكدت المصادر أن "الطرفين ــ أي تركيا والإمارات - كلاهما مشكلته الأساسية مع التوقيت، والظروف المحلية في الوقت الراهن، وربما محاولة كل طرف الضغط على الآخر من أجل الوصول لأكبر قدر من المكاسب"، مشيرة إلى أن حسابات القاهرة في الوقت الراهن، هي ما تم تنفيذه والتعبير عنه للجانب التركي، وأعلن الأخير تجاوبه معها. وأشارت المصادر إلى أن كافة الأطراف أدركت، خلال السنوات الماضية، أنه عندما تتلاقى المصالح سيتواصل الجميع، ولكن في الوقت الراهن هناك تحفظات تركية على التجاوب مع النوايا الإماراتية، خصوصاً أن أنقرة تتهم أبوظبي بالوقوف وراء محاولة الانقلاب العسكري على أردوغان في 2015، وهذا الأمر محوري بالنسبة لتركيا، من وجهة نظر المصادر.
وكان وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش، قد أكد قبل مغادرة منصبه مطلع العام الحالي، أن الإمارات ترغب في إقامة علاقات طبيعية مع أنقرة تنطوي على احترام متبادل للسيادة، داعياً، وقتها، أنقرة إلى إعادة النظر في علاقتها بجماعة "الإخوان المسلمين"، حتى تحسن علاقاتها مع الدول العربية.
مشكلة تركيا والإمارات محاولة كل طرف الضغط على الآخر من أجل الوصول لأكبر قدر من المكاسب
وفي سياق ذي صلة، رحبت الجماعة الإسلامية في مصر، والتي تستضيف تركيا عدداً من قياداتها، بمحاولات التهدئة بين أنقرة والقاهرة. وقالت على لسان رئيس مجلس شورى الجماعة أسامة حافظ، الذي يتواجد في مصر، إن التقارب المصري التركي يصب في مصلحة الأمة الإسلامية والعربية، مطالباً المعارضة المصرية في الخارج بضرورة تشجيع تلك الجهود، مضيفاً "أتمنى أن ترتقي المعارضة المصرية إلى مستوى الحدث".
وأعلن نائب مرشد "الإخوان المسلمين" إبراهيم منير، في مقابلة مع قناة "الجزيرة" بثت مساء أمس الأول، أنه يثق في تركيا ويقبل وساطتها لحلحلة أزمة الجماعة مع النظام المصري، لكنه أضاف "بالتأكيد النظام التركي يعلم أن هناك مظالم كثيرة وحقوقا، وأعتقد أن أي تقارب أو حلول ستحاول إيجاد حلول لهذا".
وبشأن إمكانية أن يكون التقارب فرصة لطرح مطالب الجماعة، قال منير "هذا أمر نحن لا نرفضه، لسنا جامدين لكن عندنا حقوق". وعن إمكانية قبول عرض فتح حوار أو قناة للتفاهم مع النظام المصري، قال منير "هناك شيء يجب أن ننبه إليه أننا (الإخوان) لا نمثل المعارضة كلها"، لكنه أضاف "إذا عرض على المعارضة كلها، ونحن جزء أساسي منها، ما ييسر الأمر على الشعب المصري والمعتقلين وأصحاب الدماء، بالتأكيد لن نرفض، وإذا رفضنا نكون مخطئين بالتأكيد".