مجلس الأمن يناقش الأربعاء مستجدات قضية الصحراء: تحدي استئناف "الموائد المستديرة"

19 ابريل 2022
تعتبر هذه الجلسة الأولى منذ تعيين إيفانكو خلفاً لكوهلر (فرانس برس/Getty)
+ الخط -

يعقد مجلس الأمن الدولي، يوم غد الأربعاء، جلسة خاصة لمناقشة المستجدات المتعلقة بقضية الصحراء، بطلب من المملكة المتحدة التي ترأس المجلس، وذلك في ظل ترقب لمعرفة مصير المساعي الأممية لإعادة بعث المفاوضات السياسية بين المغرب وجبهة البوليساريو الانفصالية، من خلال استئناف مسار"الموائد المستديرة".

وينتظر خلال الجلسة أن يقدم رئيس بعثة الأمم المتحدة إلى الصحراء (مينورسو) ألكسندر إيفانكو إحاطة حول الموضوع، وأن يقدم المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا تقريراً.

وتعتبر هذه الجلسة هي الأولى منذ تعيين الدبلوماسي الإيطالي في 6 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي مبعوثاً شخصياً للأمين العام للأمم المتحدة، خلفاً للألماني هوست كوهلر، الذي استقال عام 2019 لـ"دواع صحية".

ويأتي عقد الجلسة الخاصة في ظل تطورات لافتة يعرفها الملف مع تزايد الدعم الدولي للطرح المغربي، بعدما أكد رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز، في رسالة وجهها إلى العاهل المغربي الملك محمد السادس، في 14 مارس/ آذار الماضي، أنه "يدرك أهمية قضية الصحراء بالنسبة إلى المغرب"، واعتباراً لذلك، فإن بلاده تعتبر أن المبادرة المغربية للحكم الذاتي التي قُدمت سنة 2007 هي "الأساس الأكثر جدية وواقعية وصدقية" لحل الملف.

التحول الإسباني المعلن بشأن قضية الصحراء كان لافتاً جداً، نظراً إلى أنها المرة الأولى التي تخرج فيها مدريد من المنطقة الرمادية وتعلن علناً دعمها لموقف الرباط ولمقترحها في الحكم الذاتي في الصحراء، في تغيير جذري وتخلٍّ عما كانت تعتبره الدبلوماسية المغربية غموضاً في الموقف الإسباني، وحياداً سلبياً تجاه الملف.

وفيما يعتبر مراقبون أن موقف القوة الاستعمارية السابقة، وأحد أعضاء مجموعة أصدقاء الصحراء (تضم الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وإسبانيا وبريطانيا وروسيا) يرجح كفة الرباط في صراعها مع جبهة "البوليساريو" الانفصالية، المدعومة من الجزائر.

وكان مثيراً للانتباه كذلك التحول في الموقف الألماني، بعد أن اعتبر الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير، في رسالة وجهها إلى العاهل المغربي، في 5 يناير/ كانون الثاني الماضي، أن "مخطط الحكم الذاتي الذي كان قدم في عام 2007 بمثابة جهود جادة وذات مصداقية من قبل المغرب، وأساس جيد للتوصل إلى اتفاق لهذا النزاع الإقليمي".

وبالتوازي مع ذلك، تتجه الأنظار خلال اجتماع المجلس إلى الموقف الذي ستعبر عنه روسيا، التي عادة ما كانت تتخذ موقفاً أقرب إلى الجزائر، وتتبنى في خطاباتها الرسمية دعوة "البوليساريو" لتنظيم استفتاء لتقرير المصير.

وتراهن الرباط على تحول في موقف روسيا، لاسيما في ظل إشارات كثيرة للتقارب على خلفية الموقف من الحرب في أوكرانيا، من بينها تصنيف موسكو للمملكة ضمن "الدول الصديقة" التي لم يشملها قرار منع تصدير البضائع، بالإضافة إلى دعوة الحكومة الروسية لمواطنيها الراغبين في السياحة بالخارج إلى التوجه للمغرب.

في حين، كان لافتاً استباق الدبلوماسية المغربية مناقشة الملف بعقد لقاء بين نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فيرشينين، وسفير المغرب لدى موسكو، لطفي بوشعرة، في 12 إبريل/ نيسان الحالي، تم خلاله تأكيد الجانب الروسي أن أي حل للملف "لا يمكن أن يكون إلا عبر الوسائل السلمية".

من جهة أخرى، يأتي اجتماع مجلس الأمن في ظل استمرار الأزمة في العلاقات بين المغرب والجزائر، التي كان آخر فصولها اتهامات جزائرية للرباط، الأسبوع الماضي، بـ"اغتيال باستعمال أسلحة حربية متطورة ضد مدنيين أبرياء رعايا ثلاث دول"، وهي الاتهامات التي تجاهلتها الدبلوماسية المغربية ولم ترد عليها إلى حد الساعة.

كما تنعقد الجلسة في ظل وضع يتسم بالتوتر بين المغرب وجبهة "البوليساريو"، منذ اندلاع أزمة الكركرات في 13 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، التي انتهت بإعلان الجبهة عدم التزامها بقرار وقف إطلاق النار، الموقّع في عام 1991.

إلى ذلك، ينتظر أن يطلع دي ميستورا، من خلال تقريره، أعضاء مجلس الأمن على نتائج جولته الأولى التي قادته في يناير/ كانون الثاني الماضي إلى المغرب وموريتانيا والجزائر ومخيمات تندوف، لجسّ النبض، والسعي للتحضير للقاءات المستقبلية، ومحاولة تجاوز الانسداد الحاصل منذ استقالة كوهلر.

وبحسب مراقبين، فإن من شأن تقرير دي ميستورا أن يكشف معالم التسوية السياسية للملف، وإجابات الأطراف بخصوص مضمون القرار الأخير حول الصحراء رقم 2602، وكذلك مدى نجاحه في تحدي إقناع الأطراف باستئناف ما بدأه سلفه من مساع دبلوماسية كللت بجمع المغرب والجزائر وموريتانيا وجبهة "البوليساريو" على طاولة المفاوضات، في سويسرا في ديسمبر/كانون الأول 2018، وفي مارس/آذار 2019.

وبينما تراهن الأمم المتحدة على خبرة دي ميستورا في تحريك المياه الراكدة وتجاوز الانسداد الحاصل في قضية مزمنة، تتجه الأنظار إلى اجتماع الغد لمعرفة مستقبل عقد "الموائد المستديرة" لحسم نزاع الصحراء، والتوصيات التي سيتقدم بها من أجل دفع الأطراف، خاصة الجزائر، التي كانت قد أعلنت رفضها وطالبت بمفاوضات مباشرة ودون شروط بين المغرب وجبهة "البوليساريو" فقط، في حين تعتبر الرباط جارتها الشرقية معنية بالنزاع بشكل مباشر.

وفي السياق، رجح الباحث في العلاقات الدولية، نبيل الأندلوسي، أن "تكون هناك توصيات في اتجاه عودة الأطراف إلى المفاوضات عن طريق الموائد المستديرة، بحضور الطرف الجزائري، كطرف رئيسي في هذا الصراع الذي لا تمثل فيه البوليساريو إلا أداة فعل، في حين أن الجيش الجزائري هو صاحب القرار في الجهة المناقضة للحقوق الشرعية والسيادة الترابية والوطنية للمغرب على أراضيه الجنوبية".

ويلفت الباحث المغربي، في حديث لـ"العربي الجديد "، إلى أن الجلسة تأتي "في سياق دولي سجلت فيه المملكة انتصارات مهمة ميدانياً ودبلوماسياً، بحيث بات المغرب مسيطراً على الوضع من الناحية العسكرية، وعلى أهبة الاستعداد للتصدي لأي مناورة من طرف جبهة البوليساريو، كما أن أطروحة الحكم الذاتي باتت محل تبني وقبول وإشادة المنتظم الدولي، باعتبارها جدية وذات مصداقية، وهذا ما ضيق هامش مناورة خصوم الوحدة الترابية للمملكة المغربية، وجعلهم يعيشون في عزلة قاتلة، عربياً وإفريقياً ودولياً".

المساهمون