مجلس الأمن يبحث الوضع في سورية: متقلب وخطير للغاية

04 ديسمبر 2024
اجتماع سابق لمجلس الأمن حول سورية، 27 إبريل 2023 (الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- الوضع العسكري في سوريا متقلب وخطير، حيث تسيطر جهات غير حكومية مثل هيئة تحرير الشام على مناطق واسعة، بينما يكثف النظام السوري وحلفاؤه الغارات الجوية، مما يزيد من الضحايا المدنيين والتوترات بين الجيش الوطني السوري وقوات سوريا الديمقراطية.

- في مجلس الأمن، اعترضت روسيا على مشاركة رئيس منظمة الدفاع المدني السوري، بينما دعمت أغلب الدول ذلك. تحدث رائد الصالح عن الجرائم ضد المدنيين، مع تصاعد الهجمات من النظام السوري وروسيا والمليشيات الإيرانية، وأعربت دول عن قلقها من التصعيد.

- دعا بيدرسون إلى خفض التصعيد وتنفيذ الالتزامات الدولية، مشددًا على أن الحل العسكري غير ممكن. أكد على أهمية التعاون لمكافحة الإرهاب ووجود أفق سياسي موثوق، مع ضرورة الحوار الشامل لحل سياسي يحافظ على وحدة سوريا واستقرارها.

وصف مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة غير بيدرسون الوضع في سورية بالمتقلب والخطير للغاية، وقال "إن التحولات التي شهدتها سورية على الأرض أخيراً أدت إلى تغيير جذري للوضع الراهن الذي استمر لأربع سنوات". وجاءت تصريحات المسؤول الأممي خلال إحاطة له أمام مجلس الأمن الدولي، الذي عقد اجتماعا حول الموضوع ليل الثلاثاء - الأربعاء بدعوة من الدول الأفريقية في مجلس الأمن والصين.

وقال بيدرسون: "أصبحت مساحة شاسعة من الأراضي تحت سيطرة جهات فاعلة من غير الدول، بما في ذلك هيئة تحرير الشام، المدرجة على قائمة مجلس الأمن الدولي باعتبارها جماعة إرهابية، وجماعات المعارضة المسلحة، بما في ذلك الجيش الوطني السوري. تسيطر هذه المجموعات حاليا على أراض تضم ما نقدره بنحو سبعة ملايين شخص، بما في ذلك حلب، ثاني أكبر مدينة في سورية، وهي مدينة ضخمة ومتنوعة يعيش فيها أكثر من مليوني شخص".

الوضع العسكري في سورية

وتوقف بيدرسون عند تكثيف النظام والأطراف الموالية له الغارات الجوية، وأشار إلى "تقارير عن ضربات على أهداف عسكرية ومدنية، بما في ذلك البنية التحتية المدنية، مثل المستشفيات، ما تسبب في سقوط ضحايا من المدنيين"، وأشار لأيضاً إلى أنه ومع تقدم هيئة تحرير الشام وجماعات المعارضة المسلحة على الأرض فإنها أيضاً تستخدم "الطائرات بدون طيار والصواريخ، ووردت تقارير عن سقوط ضحايا من المدنيين في حلب وحماة".

كما تحدث عن اندلاع أعمال عنف على جبهات وجهات إضافية ومختلفة بما فيها "سيطرت قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، بحسب تقارير بدعم عسكري من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، على سبع قرى في دير الزور كانت تحت سيطرة القوات الحكومية، في إشارة إلى تهديد وشيك من قبل تنظيم داعش". كما تزايدت الأعمال العدائية على الخطوط الأمامية "بين الجيش الوطني السوري وقوات سوريا الديمقراطية في مناطق الشمال الشرقي... بالإضافة إلى غارات جوية إسرائيلية على الحدود السورية اللبنانية هذا الأسبوع، ودمشق اليوم".

وأشار أيضا إلى إعلان كل من "روسيا وإيران عن دعمهما، وقالتا إن الهجمات تشكل انتهاكاً لاتفاقيات أستانة، وألقتا باللوم أيضاً على قوى خارجية". وتحدث بيدرسون عن وصف "تركيا الأحداث بأنها رد على الانتهاكات المتكررة لاتفاقيات أستانة، وذكرت أنها ليست متورطة في الاشتباكات الحالية. وقالت تركيا إن هذه الأحداث تظهر أن دمشق يجب أن تتصالح مع شعبها والمعارضة السياسية الشرعية في سورية"، وأشار أيضاً إلى تصريحات "الولايات المتحدة، التي لديها قوات على الأرض في شرق سورية، وقالت إنه لا علاقة لها بالهجوم، ودعت إلى خفض التصعيد والتوصل لعملية سياسية ذات مصداقية بقيادة الأمم المتحدة".

رسائل بيدرسون

وشدد بيدرسون على "الحاجة إلى خفض التصعيد"، وناشد "جميع الأطراف تنفيذ التزاماتها بموجب القانون الدولي بما فيها حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية والسماح بمرور آمن للسوريين الفارين من العنف. ولكن هذا وحده لا يكفي". وأضاف: "إن المزيد من التصعيد العسكري يهدد بنزوح جماعي وسقوط ضحايا من المدنيين. لقد أظهرت السنوات الأربع عشرة الماضية ... أن لا حل عسكرياً للصراع. يتعين علينا خفض التصعيد وضمان نهج تعاوني لمكافحة الجماعات الإرهابية".

وشدد أيضاً على أن "خفض التصعيد لا بد أن يكون مصحوبا بأفق سياسي يثق الشعب السوري بتحقيقه. فعلى مدى ما يقرب من نصف عقد من الزمان، شهدنا تجميد خطوط المواجهة، وتصاعد العنف في كثير من الأحيان، ولكن تم احتواؤه إلى حد ما، وذلك بسبب مجموعة من ترتيبات وقف إطلاق النار المتفق عليها بين الجهات الفاعلة الدولية في عامي 2019 و2020"، ولفت إلى أن عدم ربط تلك الخطوات بعملية سياسية لحل الأزمة، يصب في اتجاه إدارة الصراع دون حله.

الوضع الإنساني

واعترض مندوب روسيا فاسيلي نيبنزيا في بداية الجلسة على دعوة الولايات المتحدة، والتي ترأس مجلس الأمن للشهر الحالي، لرئيس منظمة الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء)، رائد الصالح، كي يقدم إحاطته أمام المجلس خلال الجلسة. وقال المندوب الروسي إن ذلك جاء دون تشاور مع بقية الدول الأعضاء وخاصة تلك التي دعت لعقد الاجتماع، الدول الأفريقية في المجلس والصين. وصوتت الدول الأعضاء بمجلس الأمن، بطلب من روسيا، حول السماح للصالح بتقديم إحاطته أمام المجلس. وأيدت أغلب الدول الأعضاء (11 دولة) مشاركته، في حين صوتت ضدها كل من روسيا والصين وامتنعت الجزائر وموزمبيق عن التصويت.

وقال الصالح في مستهل إحاطته للمجلس: "لقد تحدثت قبل قرابة العشر سنوات أمام المجلس عن فظائع البراميل المتفجرة والتهجير والإخفاء القسري والحصار وجرائم الحرب الأخرى... وفي هذا السنوات العشر تغير الكثير دون أن تتوقف هذه الجرائم. يتجاهل العالم مأساة السوريين"، وشدد على أنه وبعد عشر سنوات يأتي اليوم إلى مجلس الأمن مع المطالبة نفسها "بإنهاء هذه الجرائم وتحقيق السلام". وأضاف: "تصاعدت الهجمات الوحشية التي يشنها النظام السوري وروسيا والمليشيات الإيرانية العابرة للحدود على السوريين وخاصة في المناطق الخارجة عن سيطرته".

وتحدث عن مقتل قرابة مئة مدني خلال الأيام الأخيرة وتشريد عشرات الآلاف من السكان المدنيين، وأشار إلى استهداف "متعمد للمدنيين والبنية التحتية"، وأتهم روسيا "بشن هجمات واستهداف أربع مستشفيات، ما أدى إلى تعطلها ووفاة عدد من المرضى"، واتهم أيضاً "النظام السوري وحلفاءه باستخدام العقاب الجماعي وانتهاك القانون الدولي الإنساني الجرائم"، وحذر من "إمكانية استخدام النظام السوري السلاح الكيميائي مجددا". 

مواقف دولية

ووصف مندوب روسيا ما يحدث على الأرض بالهجوم الإرهابي، وتحدث عن انتهاك هيئة تحرير الشام للاتفاقات. وأدعى المندوب الروسي أن هناك عددا من العاملين في المخابرات الأوكرانية يدربون عناصر من هيئة تحرير الشام ويقدمون الدعم العسكري.

ومن جهته، عبر نائب السفير الجزائري أحمد صحراوي، نيابة عن أعضاء الدول الأفريقية الثلاثة + واحد (موزمبيق وغيانا وسيراليون والجزائر)، عن جزعه الشديد حيال التصعيد الأخير الذي تشهده سورية. وأضاف: "هذه الهجمات بما فيها تلك المرتكبة من هيئة تحرير الشام، وهي مجموعة مصنفة إرهابية ومدرجة على قوائم مجلس الأمن الدولي، أدت إلى خسائر مأساوية في صفوف المدنيين الأبرياء بالإضافة إلى تدمير البنية التحتية"، وأكد على الحاجة الماسة لإيجاد حلول سياسية فعالة بدلا من إدارة الصراع، مشدداً في الوقت ذاته على أنه "لا حل عسكرياً للأزمة السورية. إن المسار الوحيد القابل للتطبيق هو الحل السياسي الذي يحافظ على وحدة وسلامة واستقرار الأراضي السورية"، وأكد على "ضرورة عودة الحوار الشامل لتسوية الأزمة، ونحث كل الأطراف على الانخراط بشكل بناء والتجاوب مع مبادرة المبعوث الخاص غير بيدرسون"، وشدد على أهمية إعادة عقد اجتماعات اللجنة الدستورية.

بدوره، عبر مندوب الصين فو كونغ عن قلق بلاده من التطورات الأخيرة، وقال إن "الهجمات واسعة النطاق على حلب وإدلب من قبل هيئة تحرير الشام ومنظمات إرهابية أخرى، أدت لمزيد من تدهور للوضع الهش أصلا"، وأدان "سيطرة القوات المسلحة على القنصلية الإيرانية في حلب".

من جهته، قال نائب المندوبة الأميركية روبرت وود إن بلاده تتابع الحالة في سورية عن كثب، مؤكدا أن لا علاقة لبلاده بالهجوم الأخير، واتهم "النظام السوري بخوض حرب أهلية بدعم من حزب الله وروسيا وإيران... وهذه الجهات الثلاث أضعفت في الفترة الأخيرة بسبب نزاعات في مناطق أخرى... ومن غير المفاجئ أن الأطراف في سورية حاولت الاستفادة من ذلك. وكان نظام الأسد قد رفض المشاركة بالعملية السياسية بحسب ما ينص عليه القرار 2254"، وشدد في الوقت ذاته على أن لا صلة لبلاده "بهذا الهجوم الذي تشنه المعارضة المسلحة تحت قيادة هيئة تحرير الشام، وهي جماعة مدرجة على قوائم مجلس الأمن والولايات المتحدة باعتبارها جماعة إرهابية. ومن الواضح أن لدينا مخاوف بشأن هذه الجماعة".

وشدد في الوقت ذاته على أن بلاده "ستواصل الدفاع عن الأميركيين والمواقع العسكرية الأميركية وحمايتها بشكل كامل، وهو ما يظل ضرورياً لضمان عدم عودة داعش مرة أخرى إلى سورية"، وأكد على ضرورة خفض التصعيد وحماية البنية الأساسية المدنية والسماح بوصول المساعدات والفرق الإنسانية دون عوائق إلى كل المحتاجين.

وطلب مندوب روسيا بنهاية الجلسة الكلمة مجدداً، بعدما أدلت الولايات المتحدة بمداخلتها، وقال موجها كلامه لمندوب الولايات المتحدة: "في مداخلتكم اليوم لم تكن لديكم الشجاعة للتنديد بهجوم إرهابي واضح ضد المدنيين المسالمين في مدن سورية مسالمة". وأضاف: "القوات الأميركية تحتل بطريقة غير قانونية مناطق عديدة في سورية وتنهب مواردها.. لا توجد لدينا أوهام أن الولايات المتحدة قادرة على إدانة الإرهاب وبصدق".

الإ أن المندوب الأميركي عاد وطلب الكلمة مجدداً للرد على الاتهامات التي وجهها مندوب روسيا لواشنطن، وقال: "أقول لزميلنا من الاتحاد الروسي إنه ليس في موقع يسمح له باتهام الولايات المتحدة الأميركية بدعم المجموعات الإرهابية، حيث حاربنا الإرهاب وعلى مدى عقود... الاتحاد الروسي ليس في وضع يسمح بإلقاء محاضرات علينا في هذا الشأن وخاصة أنه يدعم أنظمة تدعم الإرهاب حول العالم".