متابعات صينية لتمرد "فاغنر" تخترق جدار الصمت الرسمي

25 يونيو 2023
أعربت الصين عن دعمها جهود قادة روسيا الاتحادية من أجل استقرار الوضع في البلاد (Getty)
+ الخط -

تابع مراقبون صينيون ووسائل إعلام باهتمام كبير تسارع الأحداث خلال الساعات الأخيرة في روسيا، بدءاً من إعلان تمرد قوات مجموعة فاغنر العسكرية وسيطرتها الكاملة على مدينة روستوف الجنوبية. 

وانتظرت الصين حتى اليوم الأحد للتعليق على ما حدث، فخلال لقاء عقد اليوم في بكين بين نائب وزير الخارجية الروسي أندريه رودينكو ونائب وزير الخارجية الصيني ما غاوشو، "أعرب الجانب الصيني عن دعمه جهود قادة روسيا الاتحادية من أجل استقرار الوضع في البلاد، في ما يتعلّق بأحداث 24 يونيو/ حزيران".

ويقول مراقبون إن الصين لم تصدر أي بيان رسمي تعليقاً على تمرد "فاغنر"، لأنه تزامن مع مرور البلاد بعطلة رسمية بمناسبة مهرجان قوارب التنين.

واكتفت وسائل إعلام رسمية صينية بوصف تمرد "فاغنر" بأنه أكبر تحد للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وكتبت صحيفة "غلوبال تايمز" الحكومية: "تمرد فاغنر تحد كبير لموسكو وسط مأزق الحرب"، لافتة إلى أن الأحداث الأخيرة بمثابة اختبار حقيقي لحكمة بوتين السياسية، بما في ذلك قدرته على السيطرة، وضبط الوضع الأمني، عندما يواجه كل من الجيش والحكومة الروسية ضغوطاً داخلية وخارجية غير مسبوقة.

وفي تعليقه على سؤال لـ"العربي الجديد"، عن موقف بكين ومخاوفها بشأن تداعيات تمرد "فاغنر"، قال الخبير في الشؤون الدولية تشين قوه، إن الصين لم تصدر حتى الآن أي بيان رسمي تعليقاً على الأحداث، لأنها تزامنت مع مرور البلاد بعطلة رسمية، بمناسبة مهرجان قوارب التنين، مضيفاً "لا شك أن بكين تابعت بقلق بالغ تطورات الأحداث، خصوصاً أنها كانت تسير في منحنى خطير مع زحف قوات فاغنر باتجاه العاصمة الروسية، وغياب أي مقاومة حقيقية من جانب الجيش الروسي، قبل أن يجري التوصل إلى اتفاق لإنهاء حالة التمرد.

وتابع أن "مخاوف بكين تتمحور حول ما يمكن أن تؤول إليه حالة الفوضى والانفلات الأمني في دولة تعتبر جارة وحليفة للصين، فنحن نتحدث عن دولة نووية يمكن أن يؤدي سقوطها إلى تغيير خريطة العالم". وأوضح أن "حالة القلق هذه تشبه إلى حد كبير المخاوف التي انتابت موسكو حين كانت كييف تتجه إلى أحضان الغرب، وهي الشرارة التي أشعلت فيما بعد الحرب بين البلدين".

ولفت تشين إلى أن الدول الكبرى لديها حسابات مختلفة، فسقوط أو إضعاف موسكو تحت أي ظرف، يمثل ضربة قوية للمعسكر المناهض للإملاءات والسياسات الأميركية في المنطقة، فضلاً عن أنه يعطي موطئ قدم جديد للقوى الغربية من جهة الشمال، ما يعني تطويق ومحاصرة الصين من جميع الاتجاهات.

وأضاف: "مثل هذه السيناريوهات تمر بشكل خاطف في دوائر صنع القرار، مع تسارع الأحداث التي بدأت وانتهت خلال ساعات معدودة. لذلك ربما من المفيد لبكين أن تعيد بناء خططها وتحالفاتها الاستراتيجية بما يجعلها في منأى عن أي تداعيات أمنية لأحداث من هذا النوع".

نقاط الضعف في قيادة بوتين

وتابع تشين: "لكي نكون منصفين، يجب الاعتراف بأن الثورة القصيرة كشفت نقاط الضعف في قيادة بوتين، وهشاشة القوات الحكومية، حيث تمكنت قوات فاغنر تحت قيادة بريغوجين من التحرك دون عوائق إلى مدينة روستوف الروسية، ومن ثم التقدم مئات الكيلومترات نحو العاصمة موسكو لولا تدخل الرئيس البيلاروسي.

واعتبر بأن تدخل ألكسندر لوكاشينكو في اللحظات الأخيرة، كان بمثابة طوق نجاة لبوتين. وتوقع أن يدفع الأخير ثمن ذلك لسنوات طويلة لأن التمرد هز صورته كقائد لا يقهر أمام العالم.

من جهته، اعتبر الباحث في مركز نان جينغ للدراسات السياسية، جوان شيه، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن التطورات الأخيرة في الأراضي الروسية أظهرت بشكل جلي حكمة الرئيس فلاديمير بوتين، في التعامل مع هذا النوع من الأزمات، من خلال عدم الانجرار لحرب أهلية مخطط لها، حسب قوله.

وأضاف: "المتابع للأزمة الروسية، يعلم بأن هناك أيادي خارجية تحاول إشعال فتنة داخلية في روسيا للإطاحة بالرئيس بوتين، لأن الإدارة الأميركية تدرك صعوبة حدوث ذلك من الخارج".

ولفت إلى أن "المخابرات الأميركية كانت على دراية بتحركات قائد قوات فاغنز العسكرية، كما أشارت تقارير غربية، وأن التطورات الأخيرة كان يجري الترتيب لها في وقت سابق، وبالتالي فإن قبول بوتين للاتفاق بوساطة بيلاروسيا، بالرغم من أنه تعهد باتخاذ إجراءات حاسمة ضد المتمردين، يؤكد حنكته وقدرته على إدارة الأزمة، وأن الهدف الرئيسي بالنسبة له كان تجنب إراقة الدماء، والدخول في مواجهة غير محسوبة العواقب".

وأضاف أن الصين لم تكن لتتخلى عن حليفها الروسي، مشيراً إلى أن الأحداث الأخيرة تزامنت مع وجود نائب وزير الخارجية الروسي أندريه رودينكو، في بكين، ولقائه مع وزير الخارجية الصيني تشين قانغ، إذ تبادل الجانبان وجهات النظر حول العلاقات الصينية الروسية، وكذلك القضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك، حسب بيان مقتضب للخارجية الصينية.

ولفت الباحث الصيني إلى أن "بكين على ثقة تامة بصلابة حليفها، وأن الصورة التي حاول الغرب تسويقها بأن موسكو على وشك الوقوع في قبضة المتمردين، وإظهار القيادة الروسية بأنها غير قادرة على فرض سيطرتها على أراضيها، وأن جيش البلاد عبارة عن مجموعة من المرتزقة، هي مجرد محاولة لزعزعة الثقة بين روسيا وحلفائها، وفي مقدمتهم الصين".