وصف مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط، تور وينسلاند، الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة بأنه وصل إلى نقطة غليان بعد عقود من عنف مستمر وتوسع للاستيطان غير القانوني، بالإضافة إلى تعثر في المفاوضات.
وجاءت تصريحات المسؤول الأممي خلال إحاطته الدورية أمام مجلس الأمن الدولي في نيويورك.
ورداً على أسئلة "العربي الجديد" حول عجز المجتمع الدولي عن محاسبة إسرائيل كقوة قائمة بالاحتلال، واستمراره بمكافئتها عن طريق عقود تفضيلية مع الاتحاد الأوربي أو مساعدات عسكرية أميركية تصل إلى مليارات الدولارات سنويا، أجاب وينسلاند بعد خروجه من الاجتماع قائلاً، إن "المجتمع الدولي والدول الأعضاء في الأمم المتحدة هي المسؤولة عن التأكيد على محاسبة جميع الأطراف على أفعالها، بما فيها إسرائيل، ودعوني أكون واضحا هنا. وهذا يتعلق بكيفية سير الأمور على الأرض والخسارة في الأرواح المروعة التي نراها هذا العام، وهي الأعلى في الضفة الغربية منذ مدة طويلة، كما دعوني أشدد على أن إسرائيل تعرضت لهجمات إرهابية بشكل لم نره منذ مدة طويلة، وآخرها في القدس. وهذا كله يغذي التوتر بشكل كبير".
وأضاف المسؤول الأممي أن "هناك أيضاً بعض القضايا العالقة المتعلقة بعدم تسليم الجثث إلى العائلات لكلا الطرفين، حيث هناك جثث لإسرائيليين، ولكن هناك أيضاً عدد كبير من الجثث الفلسطينية التي يتم احتجازها، هذه قضايا حساسة للغاية وعلينا أن نعالجها".
ورداً على سؤال آخر حول ما إذا كان لديه تعليق حول تشكيلة الحكومة الإسرائيلية المرتقبة ووجود مستوطنين متطرفين فيها كإيتمار بن غفير، قال وينسلاند إنه "عندما يتعلق الأمر بالحكومة الإسرائيلية الجديدة، يجب أن نأخذ بعين الاعتبار شيئاً واحداً، وهو أن الشعب الإسرائيلي هو الذي ينتخب حكومته، إذاً عملية الديناميكيات الداخلية في إسرائيل هي التي تضع الأشخاص المختلفين في مناصبهم"، وشدد على أن مكتبه سيعمل "مع هذه الحكومة بطريقة أو بأخرى، ونحن نعمل مع الأنظمة المختلفة على الجانبين، وهذا هو واقع الحال، لا نصدر أي حكم على ذلك، لقد تم انتخاب هؤلاء الذين تم انتخابهم، وحصلوا على المناصب التي حصلوا عليها، والأمم المتحدة ستتعامل مع ذلك بطريقة أو أخرى".
كما حذر وينسلاند من تفاقم الأوضاع الحالية، مشدداً على أن المزيد من التصعيد قد تكون له تداعيات إقليمية تتخطى الحدود المحلية.
إلى ذلك، وخلال إحاطته أمام مجلس الأمن، حذر وينسلاند أيضاً من زيادة العنف، وقال إن "تصاعد العنف في الأرض الفلسطينية المحتلة يحدث في سياق توقف عملية السلام وترسيخ الاحتلال، ووسط التحديات الاقتصادية والمؤسسية المتزايدة التي تواجهها السلطة الفلسطينية".
وحول تلك التحديات، أشار إلى الأوضاع العالمية الحالية، بما فيها الحرب الأوكرانية وتبعات كورونا، التي أدت إلى تراجع دعم المانحين المادي للسلطة الفلسطينية، كما أشار لعدم عقد الانتخابات الفلسطينية ووضعه في سياق تلك التحديات، وأضاف في هذا السياق أن السلطة الفلسطينية "تواجه بالفعل تحديات مؤسسية ومالية كبيرة، لم يدل الفلسطينيون بأصواتهم في الانتخابات العامة منذ عام 2006، أكثر من 50 في المائة من الناخبين، أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و35 عاماً، لم تتح لهم الفرصة لإيصال أصواتهم من خلال الاقتراع".
ثم توقف المسؤول الأممي عند تصاعد العنف والتوسع الاستيطاني والقيود المفروضة على الفلسطينيين، وقال إنها "تزيد من الضغط على الحيز الفلسطيني المادي (الأراضي المتاحة) والاقتصادي لبناء دولة فلسطينية قابلة للحياة، في غضون ذلك، فإن الديمغرافيا تسير بشكل أسرع من السياسة، وفي غضون سنوات قليلة سيؤدي النمو السكاني في الضفة الغربية وغزة إلى زيادة صعوبة، إن لم تكن استحالة، إدارة الوضع الاقتصادي والسياسي والأمني".
وحول المجتمع الدولي وما يسمى بـ"عملية السلام"، قال إنه قد "تضاءل التفاؤل والأمل والتأييد الصريح لحل سياسي تفاوضي، وهو كان واضحاً للغاية عندما بدأت عملية السلام، لا سيما بالنظر إلى عدم إحراز تقدم سياسي منذ فشل جولات المحادثات في عامي 2007 و2014، كما تتلاشى المبادئ التي تقوم عليها اتفاقات أوسلو".
وقدم المسؤول الأممي عدداً من الاقتراحات للتعامل مع الوضع الحالي، ومن ضمنها: "أولاً، يجب أن نواصل الانخراط مع الأطراف لتقليل التوترات ومواجهة الاتجاهات السلبية، لا سيما تلك التي تؤثر على قضايا الوضع النهائي"، وأضاف أن "هذا يتطلب أن يتوقف كلا الجانبين عن الخطوات أحادية الجانب التي تقوض السلام، بما في ذلك توسيع المستوطنات أو إضفاء الشرعية عليها، كما عمليات الهدم والتهجير"، مشدداً على أن "هذا يعني كذلك الحفاظ على الوضع الراهن في الأماكن المقدسة، بما يتوافق مع الدور الخاص والتاريخي للأردن".
وأضاف أن ثاني الخيارات هو أنه "يجب أن نستمر في تحسين الوصول والحركة والتجارة لإفساح المجال أمام نمو الاقتصاد الفلسطيني، وفي ما يخص غزة، هناك حاجة إلى نهج أكثر شمولاً لتخفيف القيود المفروضة على حركة الأشخاص والبضائع".
وشدد المتحدث على ضرورة إعادة "ربط اقتصاد غزة بالضفة الغربية"، خاتماً حديثه عن نقطة ثالثة تتعلق بالحاجة إلى "بذل جهود من قبل جميع الأطراف والمجتمع الدولي لتقوية المؤسسات الفلسطينية وتحسين الحكم وتعزيز الوضع المالي للسلطة الفلسطينية، يجب أيضاً تعزيز الشرعية السياسية للسلطة الفلسطينية والمساءلة من خلال الإصلاحات الديمقراطية وفتح الفضاء المدني، وإجراء انتخابات في جميع أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة، وضمان فعالية ومصداقية قوات الأمن الفلسطينية"، وشدد في الوقت ذاته على أنه من دون تنفيذ النقطتين الأولى والثانية، فإن تحقيق النقطة الثالثة لن يكون ممكناً.