على الرغم من الأهمية الكبيرة لزيارة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي لإيران، والتي تم بحث العديد من الملفات المهمة فيها، فضلاً عن لعب العراق دور الوسيط بين طهران والرياض، إلا أن مخرجاتها لم تبد مقنعة للجانب العراقي في ما يتعلق بأزمة المياه الناجمة عن قطع إيران روافد نهر دجلة منذ عدّة شهور.
وعلى هامش زيارة الكاظمي، التي استمرّت ليوم واحد، بحث وزير الموارد المائية العراقي محمد رشيد الحمداني، مع مساعد وزير الطاقة الإيراني محمد تقي خامسي، ملف المياه.
وأكدت الوزارة العراقية، في بيان، أن "المباحثات تركزت حول ضرورة تقاسم الضرر، مع ضرورة تكثيف الاجتماعات على المستوى الفني لحل الإشكالات كافة في موضوع المياه".
ولم تعلن الوزارة أي تفاهمات بشأن ذلك، فيما أكد مسؤول فيها، لـ"العربي الجديد"، أن "الطرفين لم يتوصلا إلى تفاهمات حاسمة بشأن ملف المياه، لا سيما أن الجانب العراقي طلب أولاً ضرورة إطلاق إيران للمياه مجدداً، ولو بنسب تدفق أقل من السابق، إلا أن الجانب الإيراني لم يبدِ أي مرونة إزاء ذلك". وأضاف: "الوزير العراقي طرح بعد ذلك تقاسم الضرر بين البلدين خلال فترات شح المياه، كبادرة عراقية للتخفيف من الأزمة"، مبيناً أن "المباحثات لم تنتج عنها أي تفاهمات بعد، وأن الجانب الإيراني لم يقدم أي حلول، بل اقترح تشكيل لجان لبحث الملف".
وأشار إلى أن "تشكيل اللجان التي جرى طرحها لا يمثل حلاً للعراق، خصوصاً مع الجفاف الحالي والضرر الكبير في مناطق عدة بالعراق، وللعراق تاريخ غير مريح مع اللجان المشتركة التي شكلت سابقا مع إيران، إذ لم ينتج عنها شيء، وكانت مجرد مماطلة وكسب وقت، لا سيما أن الملف تم بحثه مرات عدة، من خلال الاتصالات بين الطرفين، وزيارات المسؤولين العراقيين خلال الفترة الأخيرة لإيران، فضلاً عن بحثه على هامش مؤتمر بغداد"، مؤكداً أن "العراق هو المتضرر من الأزمة، وأن إيران لا يلحقها أي ضرر، بل هي التي تتحكم بمياه العراق وفقاً لحاجتها".
وحذر النائب في البرلمان العراقي صباح العكيدي، من خطورة عدم إيجاد حلول لأزمة المياه، والتي ستنعكس بشكل كبير على الزراعة في المحافظات العراقية التي تعتمد على الزراعة كمورد أساسي للأهالي.
وقال العكيدي، لـ"العربي الجديد": "يجب أن تكون هناك حلول حكومية للأزمة التي يعاني منها القطاع الزراعي في عموم البلاد"، مشدداً على أن "عدم التوصل لحلول لا يعني غلق الملف، بل يجب على الجهات المسؤولة في العراق التوجه نحو تقديم شكاوى دولية، وعدم الاكتفاء بالتلويح بالشكاوى، فالملف مسؤولية الحكومة، ويجب عليها التحرك لإنهائه، بما يضمن حقوق العراق من المياه".
وأشار إلى أن "الملف لا يخلو من الجانب السياسي، لتحقيق مكاسب للدول التي تتحكم بمياه العراق، لكن هناك أوراقاً كثيرة لدى العراق يستطيع لعبها إذا ما أراد ذلك، لا سيما أن إيران وتركيا تعتمدان على العراق بالتجارة، وأصبح البلد سوقاً لبضائعهما، وهذا يفتح المجال للعراق لربط الملفات مع بعضها، للخروج بحلول لإنهاء الأزمة".
وكان العراق قد توصّل أخيراً إلى حلول لأزمة المياه مع تركيا، من خلال إبرام مذكرة تفاهم مشتركة بين الجانبين، صادق عليها الرئيس التركي، نصّت على التزام تركيا بإطلاق مياه عادلة ومنصفة للعراق في نهري دجلة والفرات.