ما وراء تسريع قرارات تجديد حبس المعارضين في مصر؟

11 اغسطس 2022
جددت المحاكم حبس ما لا يقل عن 4432 سجيناً سياسياً (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -

رصدت الجبهة المصرية لحقوق الإنسان، أخيراً، صدور قرارات من رئيس الدائرة الثالثة جنايات إرهاب، المستشار وجدي محمد عبد المنعم، خلال 4 جلسات، من 24 وحتى 27 يوليو/تموز الماضي، بتجديد حبس 829 متهماً محبوسين احتياطياً على ذمة 65 قضية تباشر التحقيقات فيها نيابة أمن الدولة، وقرر استمرار حبسهم 45 يوماً، في حين لم يُصدر قراراً بإخلاء سبيل أي شخص، وذلك من دون النظر لظروف احتجازهم الصحية أو تجاوز مدة الحبس القانونية بحق المتهمين المنظورين أمامه.

في مقابل ذلك، أفرجت السلطات الأمنية على مدار الأشهر القليلة الماضية، عن عدد من المعتقلين المشهورين في قضايا الرأي والحريات، فضلاً عن عدة عمليات إفراج عن مجهولين من عدة قضايا.

ترجيح زيادة وتيرة تجديد الحبس 

وفي ظل هذه الأجواء، رجح قضاة مصريون سابقون، وحقوقيون ينتمون لمنظمات حقوقية مصرية، زيادة وتيرة صدور قرارات قضائية من المحاكم، بتجديد حبس أعداد كبيرة من النشطاء المحبوسين احتياطياً، على ذمة التحقيق في اتهامات ذات طابع سياسي، وذلك خلال الأسابيع القليلة المقبلة، من دوائر قضائية تعرض عليها تظلمات، وطلبات إخلاء السبيل.

تجديد حبس النشطاء يأتي استباقاً لصدور قرارات مغايرة مستقبلاً

وقال قاضٍ مصري بارز، كان أحد المنتمين لما عرف بـ"تيار الاستقلال" في القضاء المصري، منذ عهد الرئيس المخلوع الراحل حسني مبارك، في حديث خاص لـ"العربي الجديد"، إن توجيهات واضحة صدرت لرؤساء الدوائر، التي تنظر في قرارات دورية خاصة بطلبات إخلاء السبيل، تتعلق بهذا الشأن.

وأوضح أن عددا منهم فسر هذا الأمر، بأنه ربما يكون استباقاً لصدور قرارات مغايرة في مرحلة تالية، تتزامن مع انعقاد جلسات الحوار الوطني، ليبدو الأمر كما لو كانت هناك انفراجة كبيرة في هذا الملف، يمكن للنظام السياسي أن يستغلها في الترويج والدعاية، خصوصاً أمام الجهات الخارجية، وفاء لوعود اضطر النظام للتلويح بها أمام استفسارات متتالية لهذه الجهات.

وأضاف القاضي نفسه، أن كثيراً من قرارات تجديد الحبس الاحتياطي، تصدر من دون حضور أصحاب التظلمات، وطلبات إخلاء السبيل، وتحت حجج وذرائع غير دستورية. 

ظروف صحية حرجة في السجون

وأشار إلى أن كثيراً من الحالات تتعلق بمعتقلين، يعانون ظروفاً صحية حرجة في السجون، وأماكن الاحتجاز الشرطية، بل إن بعضهم يواجه خطر الوفاة لأسباب صحية في أية لحظة. وكشف أن الملفات الخاصة بالوضع الصحي للمعتقلين، يجري التلاعب بها قبل أن تعرض على الدوائر القضائية، والمحاكم المختصة.

ورصد باحثو مركز القاهرة لحقوق الإنسان، العفو عن 6 سجناء سياسيين، وإخلاء سبيل 417 آخرين (لم يتم إسقاط القضايا المرفوعة ضدهم). في المقابل، وفي الفترة نفسها، خلال الأسابيع القليلة التي تلت الدعوة لإعادة تفعيل لجنة العفو الرئاسي وتشكيل لجنة الحوار الوطني، جددت المحاكم حبس ما لا يقل عن 4432 سجيناً سياسياً (إضافة إلى أولئك الذين جددت النيابة احتجازهم)، فضلاً عن الاعتقالات الجديدة، بمن في ذلك الصحافيون على الأقل.

وأعلن المحامي الحقوقي وعضو لجنة العفو الرئاسي طارق العوضي، أخيراً، أنه سيقدم قائمة مكونة من 1283 متهماً، منهم 1004 أشخاص محكوم عليهم، و279 محبوساً احتياطياً، إلى السلطات المختصة لمراجعتها واتخاذ قرارات بشأنها. 

وخرج العوضي، في بث حي عبر حسابه الخاص على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، يسرد فيه أسماء القائمة الأولى التي أعدها لمراجعتها مع الأهالي قبل تقديمها إلى السلطات.

وضع قواعد عامة لملف المحبوسين

وكان العوضي قد أعلن، قبل يومين، أن ملف المحبوسين احتياطياً والمحكوم عليهم في مصر يحتاج إلى وضع قواعد عامة مجردة، وهي "توافر الإرادة لدى الدولة بمنح فرصة جديدة مثلما تمنحها للجنائيين لإعادة عودة المحبوس إلى أهله ودمجه مجتمعياً، وكل من تجاوز مدة العام محبوساً احتياطياً يجب إخلاء سبيله فوراً أو إحالته إلى المحاكمة، وكل من قضى ثلث المدة المحكوم بها عليه يتم العفو عنه فوراً". 

واعتبر أنه يجب "إلغاء دوائر الإرهاب ومحاكمة كل قضية أمام دائرتها المختصة مكانياً، وإلغاء كافة قرارات المنع من السفر والتحفظ على الأموال (باستثناء قضايا الدم والتنظيمات الجهادية المعروفة والمتفق عليها)". 


يجري التلاعب بالملفات الخاصة بالوضع الصحي للمعتقلين قبل عرضها على المحاكم المختصة

كما أشار العوضي إلى ضرورة إعادة النظر في كافة الأحكام الصادرة على الموجودين بالخارج، وإعادة محاكمتهم، ورفع أسماء من لم تصدر بحقهم أحكام من على قوائم ترقب السفر والوصول. 

واعتبر أن على الدولة أن تطرح مبادرة للتعايش السلمي، وتمد يدها إلى جميع أبناء الوطن للعمل سوياً على أرضية وطنية مشتركة، وفي إطار من احترام الجميع للدستور والقانون وتجاوز مرارات الماضي. 

وأشار إلى أن على جميع القوى السياسية إعلان قبولها مبادرة التعايش السلمي والعمل نحو بناء الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة، وأن يكون الدستور مرجعية الجميع. وأخيراً ضمان الجميع لانتخابات نيابية حرة ونزيهة تضمن التداول السلمي للسلطة. وجاءت هذه الدعوة بالتزامن مع انطلاق الحوار الوطني الذي دعا له الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي "بدون استثناء مع استثناء فصيل واحد"، في إشارة إلى جماعة الإخوان المسلمين.