ما علاقة الفيضانات شمال كييف بـ"الحرب الهيدروليكية"؟

10 مارس 2022
تُعرف الفيضانات المتعمدة أثناء القتال باسم "الحرب الهيدروليكية" (Getty)
+ الخط -

في الأيام الأولى من الاجتياح الروسي لأوكرانيا، سارع الجنود والمدنيون الأوكرانيون لتجهيز دفاعاته في محاولة لجعل التقدم الروسي عبر البلاد صعباً قدر الإمكان.

وترافقت هذه الاستعدادات بتفجير الجسور واستخدام الحافلات كحواجز مؤقتة على الطرق، وصناعة "القنافذ التشيكية" الحديدية لصد الدبابات الروسية، إلا أن صوراً جديدة لأقمار اصطناعية تظهر أن الأوكرانيين ربما استخدموا واحدة من أقدم طرق التحصين في العالم؛ المياه، وذلك بحسب تقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية.

وبحسب الصحيفة، فإن صوراً لشركة "بلانيت لابس" الأميركية، ومنشورات لباحثين آخرين، تكشف النقاب عن مساحة كبيرة من الأراضي غمرتها المياه شمال كييف، العاصمة الأوكرانية، وذلك بين 22 فبراير/شباط و28 منه.

ولم تتمكن صحيفة "واشنطن بوست" من تأكيد أن الفيضانات كانت متعمدة، لكنها قالت إن "بلانيت لابس" تشاورت مع محللين مختصين يرون أنها متعمدة، وأنه إذا ثبت ذلك، فإن هذه الممارسة ستكون هي الأحدث لأسلوب دفاعي عمره قرون.

وتنقل الصحيفة عن مارتا كيبي، كبيرة محللي الدفاع في "مؤسسة راند"، قولها: "عندما تدافع، فأنت تحاول استخدام ما لديك. وعلى مدار التاريخ، لدينا أمثلة متعددة، حيث قامت الدول أو الجهات العسكرية ببناء خطوط تحصين من الجدران والخنادق والحصون والمخابئ. ولكن غالباً ما ننسى أنه يمكن أيضاً استخدام خطوط الدفاع القائمة على المياه من الأنهار والمستنقعات".

وأضاف كيبي أنه إذا كان الأمر متعمداً؛ "فقد يكون هذا ما يحاول الأوكرانيون فعله، أي استخدام المياه لمنع القوات الروسية من الاقتراب من كييف".

وتقع المنطقة التي غمرتها المياه شمال كييف على ضفة نهر دنيبر، إلى الشرق من المكان الذي توقفت فيه قافلة للقوات الروسية يبلغ طولها 40 ميلاً (قرابة 65 كم) منذ أيام. ونسب المسؤولون الأميركيون هذا التوقف جزئياً إلى جهود المقاومة الأوكرانية.

وتنقل "واشنطن بوست" عن كيبي قولها إن "الفيضانات المتعمدة أثناء القتال، إما لإقامة حاجز أو تدمير منطقة، تُعرف باسم (الحرب الهيدروليكية)، وغالباً ما تُستخدم لدعم استراتيجية دفاعية". وأضافت أن هذا النمط من الحروب يتطلب معرفة متعمقة بالتضاريس، وهذا ما يفترض أنهم يعرفونه جيداً، فهي أرضهم!

وبحسب الصحيفة، فإن هولندا تعد المستخدم الأكثر للفيضانات الاستراتيجية، حيث وجدت ورقة بحثية عام 2015، ذكر فيها أنه من عام 1500 إلى عام 2000، كان حوالي ثلث الفيضانات في جنوب غرب البلاد متعمداً أثناء الحرب. وقد وجدت الدراسة أن هذا التكتيك كان غير فعال في كثير من الأحيان، وكانت له عواقب بعيدة المدى على الأرض والسكان المحليين.

كما جرى استخدام المياه في أماكن أخرى من أوروبا كخط دفاعي طبيعي خلال الحرب العالمية الثانية، بما في ذلك في فنلندا والاتحاد السوفييتي. ولعل أشهر مثال على الفيضانات الاستراتيجية هو ما حدث في عام 1938، عندما فتح الجيش الصيني سدود النهر الأصفر لإبطاء تقدم القوات اليابانية خلال الحرب اليابانية الصينية الثانية. حيث دمر الفيضان الناتج المنطقة، وبات يُعرف على أنه "أكبر عمل حربي بيئي في التاريخ".