ماكغورك يستبق اجتماعات اتفاق غزة بمباحثات في القاهرة

12 اغسطس 2024
بريت ماكغورك في واشنطن، 18 إبريل 2024 (كنت نيشيمورا/Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **استئناف مفاوضات الهدنة في غزة**: دعت قطر ومصر والولايات المتحدة طرفي الحرب في غزة لاستئناف مفاوضات الهدنة، مع استعداد إسرائيل للتفاوض وعدم صدور موقف رسمي من حماس بعد.

- **محادثات أمنية ومشاورات حول إدارة غزة**: يجري بريت ماكغورك محادثات في القاهرة حول مشروع أمني مصري إسرائيلي على الحدود، وتمويل الولايات المتحدة لتقنيات متقدمة وتشغيل معبر رفح، مع اتصالات لإقناع حماس بتسهيل إدارة المعبر.

- **مشاورات حول تشكيل قوة عربية وإشارات إيرانية**: تشمل المحادثات تشكيل قوة عربية لإدارة غزة، مع إشارات إيرانية لدعم جهود وقف إطلاق النار، وسط شكوك حول التوصل لاتفاق دائم.

في ظل الدعوة التي وجهتها كل من قطر ومصر والولايات المتحدة، في بيان مشترك الخميس الماضي، إلى طرفي الحرب في قطاع غزة من أجل استئناف عاجل لمفاوضات الهدنة، الخميس المقبل، في الدوحة أو القاهرة، لسد الفجوات والبدء بتنفيذ اتفاق غزة المقترح، وإعلان إسرائيل أنها سترسل وفدها للتفاوض، قال المتحدث باسم حركة حماس جهاد طه، في تصريح خاص لـ"العربي الجديد"، إن الحركة "لم تصدر موقفاً رسمياً حتى الآن، عصر أمس (الأول) بتوقيت القاهرة، بخصوص المشاركة في جولة المفاوضات المقررة يوم الخميس المقبل"، مضيفاً أن "الأمر قيد التقدير والمتابعة القيادية والدراسة من جميع الجوانب".

وشدّد طه على أن "سياسة الإمعان في ارتكاب المجازر وارتفاع معدلها دليل واضح على استمرار العدوان وتعطيل أي جهود ومساع تفضي إلى إنهاء العدوان على قطاع غزة، وبالتالي على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته ويكشف المخططات الصهيونية التي تضرب عرض الحائط بكل القرارات والمواقف الدولية الداعية إلى وقف إطلاق النار ووقف مسلسل المجازر والجرائم التي فاقت حرب الإبادة الجماعية".

محادثات واتصالات قبيل استئناف مفاوضات اتفاق غزة

وبينما تترقب دول المنطقة اجتماع أطراف الوساطة الثلاثة، الأميركية والقطرية والمصرية، إضافة إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي، في 15 أغسطس/آب الحالي، لاستئناف محادثات اتفاق غزة ووقف إطلاق النار في القطاع وتبادل الأسرى والرهائن، يستبق كبير مستشاري الرئيس الأميركي جو بايدن لشؤون الشرق الأوسط بريت ماكغورك الاجتماعات بلقاء مع المسؤولين في مصر وحكومة الاحتلال، لحسم النقاط العالقة بشأن مشروع أمني مصري إسرائيلي خاص بالحدود بين مصر وقطاع غزة المحتل.

وتأتي محادثات ماكغورك المرتقبة في القاهرة في وقت من المقرر أن تموّل فيه الولايات المتحدة المشروع الذي يقوم على تقنيات متقدمة تُثبّت على السياج الفاصل بين قطاع غزة والحدود المصرية، مهمتها إرسال إشعارات فورية حال وجود أية محاولات للتهريب أو إقامة أنفاق في باطن الأرض على الحدود المشتركة.

وتهدف محادثات ماكغورك في القاهرة إلى تسريع عملية البدء في الترتيبات الأمنية وإنهاء بعض النقاط العالقة، التي يأتي في مقدمتها تشغيل معبر رفح الحدودي والاتفاق على تصور زمني لبقاء جيش الاحتلال في ممر فيلادلفيا الملاصق للحدود المصرية. ويمثل بقاء القوات فيه خرقاً لاتفاق سابق بين القاهرة وتل أبيب في العام 2005.

وخلال محادثات جرت في القاهرة، بداية الشهر الحالي، بين وفد إسرائيلي ضم رئيسي جهاز الشاباك رونين بار وجهاز الموساد ديفيد برنيع ومنسق أعمال الحكومة في الأراضي المحتلة غسان عليان، ومسؤولين مصريين تقدمهم مدير المخابرات العامة اللواء عباس كامل، رفضت مصر الطرح الإسرائيلي الخاص ببناء جدار فولاذي عازل تحت الأرض بطول 14 كيلومتراً بين مصر وقطاع غزة. وطرحت القاهرة استبدال ذلك بأنظمة متقدمة ومجسات تُركب في السياج الموجود حالياً فوق سطح الأرض، تكون لديها القدرة على الاستشعار والكشف عما يجري تحت الأرض. كما اشترطت القاهرة أن تُرسَل الإشعارات الصادرة عن تلك الأنظمة لمصر أولاً ثم إلى إسرائيل ثانياً، بفارق زمني يتم الاتفاق عليه.

في غضون ذلك، وبحسب معلومات "العربي الجديد"، فإن اتصالات جرت أخيراً، وتحديداً عقب زيارة الوفد الإسرائيلي إلى القاهرة، جرى خلالها بحث تصورات لتولي أفراد وعناصر من السلطة الفلسطينية في غزة إدارة معبر رفح من الجانب الفلسطيني، لضمان تشغيل المعبر المتوقف منذ الاجتياح البري لرفح الفلسطينية واستيلاء جيش الاحتلال عليه. وقد كانت مصر قد رفضت مطالبات إسرائيلية وأميركية بالموافقة على تشغيل المعبر وهو تحت سيطرة جيش الاحتلال من الجانب الفلسطيني.

وبحسب المعلومات، فإن الاتصالات في هذا السياق تجرى على أكثر من اتجاه، إذ جرى أحدها بين المسؤولين في مصر وقيادة "حماس" من أجل إقناع الحركة بتسهيل إدارة أفراد محسوبين على السلطة الفلسطينية المعبر، من أجل ضمان إعادة تشغيله وتخفيف الأزمة الإنسانية في القطاع. وفي هذا الإطار، قال طه، لـ"العربي الجديد"، إن "السيادة على معبر رفح يجب أن تكون فلسطينية، وهذا شأن داخلي فلسطيني نستطيع معالجته داخلياً"، مشدداً على أن الحركة "ترفض أية إملاءات ومشاريع تمس بالسيادة الفلسطينية".

معلومات: تجرى مشاورات متقدمة بشأن إدارة غزة بعد الحرب وتشكيل قوة عربية لم تحدد مهامها بعد

وفي ظل الحديث عن استئناف مفاوضات اتفاق غزة المرتقبة، فإن المحادثات الجارية، وفق معلومات "العربي الجديد"، تتضمن أيضاً "مشاورات متقدمة بشأن إدارة غزة بعد الحرب وتشكيل قوة عربية لم تحدد مهامها بعد، سواء كانت للأمن أو الإدارة المؤقتة أم تقتصر مهامها على تدريب وتأهيل قوات فلسطينية". ووسط رفض إبداء بعض الأطراف العربية المشاركة في قوة تدخل إلى غزة ضمن مرحلة انتقالية، ورفض المقاومة بالقطاع تلك الخطوة، ومع عدم وجود رؤية واضحة إقليمية بشأن تصور شامل لإقامة دولة فلسطينية، بدأت أطراف إقليمية طرح توسيع دائرة المشاركين في تلك الخطوة. واقترحت تلك الأطراف مشاركة دول مثل موريتانيا بقوات، إلى جانب اثنتين من الدول العربية الأخرى التي أبدت استعداداً مشروطاً للمشاركة.

وفي سياق متصل، وبينما تُحشد الجهود الدولية لعقد مناقشات عاجلة بشأن اتفاق غزة في 15 أغسطس الحالي، في الدوحة أو القاهرة، في ظل إعلان إسرائيل أنها سترسل وفدها المفاوض للمشاركة في الاجتماع، توفرت معلومات حول تلقي القاهرة إشارات إيرانية، خلال اتصالات جرت بين الجانبين، إلى استعداد طهران لمنح الفرصة كاملة للجهود الجارية من أجل وقف إطلاق النار في غزة. وأكد مسؤولون في طهران، وفق المعلومات، أن ردهم على اغتيال الرئيس السابق للمكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية قد يُؤجّل إلى حين انتظار نتائج محادثات اتفاق غزة ووقف إطلاق النار، وأن التأجيل سيستمر ما دامت المحادثات تسير في مسارها الصحيح.

غياب الالتزام الإسرائيلي

من جهته، قلل المساعد السابق لوزير الخارجية المصري السفير حسين هريدي من احتمالية التوصل إلى اتفاق يفضي إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة بشكل كامل. وقال، في تصريح خاص لـ"العربي الجديد"، إنه "قد تنجح هذه الجولة من التفاوض في حالة واحدة، وهي موافقة إسرائيلية مضمونة من الولايات المتحدة على وقف إطلاق نار دائم ومستدام في قطاع غزة، وليس في المرحلة الأولى فقط" من اتفاق غزة. وأضاف: "بالقطع، هذا الاحتمال ليس بكبير في المرحلة الحالية". 

بدوره، قال نائب مدير المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور مختار الغباشي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "النداء الذي أرسل من الدول الثلاث، أميركا ومصر وقطر، إلى إسرائيل والمقاومة الفلسطينية، وجاء بعده الحديث عن أن الإطار العام للاتفاق موجود لكن آليات التنفيذ هي التي سوف يجرى التفاوض بشأنها، كانت النصيحة إلى الطرفين أن الأطراف تستطيع إنجاز الاتفاق خلال مدة وجيزة".

مختار الغباشي: لا يمكن القول إن الجولة الحالية من مفاوضات اتفاق غزة ستكون مختلفة

وتابع: "لكن بعده مباشرة، خرج تصريح من (وزير المالية الإسرائيلي بتسليئيل) سموتريتش يقول لـ(رئيس الحكومة بنيامين) نتنياهو إن هذا فخ خطير يجرى جرك إليه، وانتبه إلى أن هناك خطوطاً حمراء لا يجب تجاوزها، وبعد ذلك، خرج (وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار) بن غفير وقال إن التفاوض هو استسلام ولن نقبله".

ولذلك، وفق الغباشي، "لا يمكن القول إن الجولة الحالية من مفاوضات اتفاق غزة ستكون مختلفة، لكن الاختلاف الوحيد هو أن هناك استنفاراً من قبل إيران وحزب الله (اللبناني)، والمنطقة ملتهبة، إذ إن أميركا تحشد قواتها، وإيران تريد الرد على اغتيال هنية، وحزب الله يريد الرد على اغتيال (القيادي في الحزب) فؤاد شكر".

وأضاف الغباشي أن "تجاوز إسرائيل فاق الحدود في مجزرة الفجر في حي الدرج داخل قطاع غزة (السبت الماضي)، التي أودت بحياة أكثر من 100 شهيد داخل مدرسة للنازحين. فهل في ظل هذه المجازر وفي ظل هذا الاستنفار وفي ظل الحديث عن مفاوضات اتفاق غزة نستطيع القول إن هذه المفاوضات مختلفة؟". وبتصوره، فإن "عنصر الاختلاف فيها أنه أصبح واجباً إيقاف سريع وبلا تردد من قبل إسرائيل لإطلاق النار، ثم نبدأ الحديث، حتى نستطيع أن نحد من الاستنفار والتهور الموجود في المنطقة، والذي من الصعب جداً ضبطه إن انفجرت الأوضاع أو إن تعددت الضربات بشكل أو بآخر".