ماكرون في مرسيليا... دعم لمدينة تنهار أم إطلاق لحملته الانتخابية؟

02 سبتمبر 2021
مارسيليا ثاني أكبر مدن فرنسا (دانييل كول/فرانس برس)
+ الخط -

بدأ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم الخميس، جدول أعمال زيارته إلى مدينة مرسيليا، التي وصلها بعد ظهر أمس الأربعاء، في زيارة ستكون الأطول له في ثاني أكبر مدن فرنسا منذ توليه السلطة عام 2017. ومن المقرر أن يبقى ماكرون ثلاثة أيام، لإعلان خطة اقتصادية واجتماعية لمدينة يُعرف سكانها في فرنسا بعدم حبهم للرئيس، ويتهمه بعضهم باستغلال وضعها لأهداف انتخابية.
واستقبل ماكرون في مارسيليا بعبارات كتبت على الجدران، تندد بالحكومة وبرئاسته، وكتب على أحد الجدران "الدولة تخلت عنا"، في إشارة إلى سوء الأوضاع المعيشية وعدم استقرار الوضع الأمني في المدينة، إذ قتل منذ مطلع العام الحالي 15 شخصاً في قضايا تصفية حسابات بين عصابات اتجار المخدرات.
وخلال زيارته إحدى مدارس الأحياء الشعبية بالتزامن مع اليوم الأول لعودة الطلاب بعد العطلة الصيفية، اليوم الخميس، قال ماكرون أمام أولياء أمور الطلاب والمدرسين في مدرسة بوج، في الدائرة 13، إن خطته ستضمن تجديد المدارس التي تدهورت، وتحديث صالة الألعاب الرياضية. 
وانتقل بعدها إلى قصر دو فارو ليعلن عن التفاصيل الإضافية لخطته، حيث قال إنها ستشمل سلسلة من الإجراءات والمشاريع "المشتركة مع المجتمعات المحلية"، تتجاوز المليار يورو، مع التركيز على أولويتين، هما التعليم والنقل، حيث لا يوجد في المدينة سوى خطي مترو. كما ستتضمن الخطة إعادة تأهيل المساكن غير الصالحة للسكن، ولمرسيليا ذكريات دموية مع هذه المساكن، إذ قتل 8 أشخاص بانهيار مبنيين في شارع دوبان قبل نحو ثلاث سنوات.
خطة ماكرون طموحة على الورق، ويسعى من خلالها إلى بث حياة جديدة في مرسيليا، وفق ما قال قصر الإليزيه في بيان صدر بالتوازي مع الزيارة.
ويكرر ساكن الإليزيه دوماً أنه يرغب في جعل هذه المدينة "عاصمة البحر الأبيض المتوسط"، لكن منتقديه يقولون إنه لم يفعل شيئاً حتى الآن لتحقيق ذلك، في حين رأى منتقدوه من أحزاب اليمين واليسار واليمين المتطرف، أن كل ما يحاول فعله واصطحاب 7 وزراء من حكومته إلى مرسيليا مجرد "حفلة تنكرية" قبل 8 أشهر من الانتخابات الرئاسية، على حد وصف المتحدث باسم حزب "التجمع الوطني" اليميني المتطرف لوران جاكوبيلي.
وقال جاكوبيلي، في تصريحات لقناة "فرانس إنفو": "الرئيس جاء للاستعراض في مرسيليا، المدينة التي تخلى عنها هو وأسلافه عن قصد وسلموها إلى الحثالة (..) من يزور مرسيليا اليوم ليس رئيس الجمهورية، بل المرشح ماكرون. على الناس ألا ينخدعوا به، إنها حفلة تنكرية".
من جهتها، قالت المرشحة للانتخابات التمهيدية للانتخابات الرئاسية لحزب "الخضر" ساندرين روسو: "لدي انطباع بأننا ندير مرسيليا بصدمات كهربائية دائمة. نحن نعرف جيداً تصريحات إيمانويل ماكرون، ونعرف أيضاً الصعوبة التي يواجهها في تحويلها إلى أفعال حقيقية على الأرض". وهي وجهة نظر تتشاركها نائبة عمدة مرسيليا سامية غالي، التي قالت عبر قناة "سي نيوز"، اليوم الخميس، إن "مرسيليا بحاجة إلى موارد شاملة أكثر، من حيث التعليم والخدمات العامة والشرطة. لسنا بحاجة إلى موارد أكثر ولا أقل من المدن الكبرى الأخرى، ولكن نريد على الأقل موارد عادلة".

وتشهد العلاقة بين مرسيليا والعاصمة باريس حالة من الحساسية التاريخية، امتدت لتشمل حتى كرة القدم، إذ كثيراً ما تحصل شجارات دامية بين مشجعي نادي العاصمة ونادي مرسيليا، في صورة تعكس حجم الهوة التي تسببت بها السياسة في مرسيليا تحديداً، وفي علاقاتها مع المدن الأخرى.
وفي هذا السياق، قال عمدة مرسيليا الاشتراكي بونوا بيان، قبل بدء جولته مع ماكرون، في تصريحات للصحافيين، إن "مدينة مرسيليا تعيش أزمة مالية خانقة وفوتت مواعيد تنموية كثيرة". لكنه أضاف أن المدينة لا تطلب "الصدقة" من الرئيس الفرنسي، الأمر الذي رد الإليزيه عليه لاحقاً بالقول إن ماكرون يشدد على أن هذه الخطة هي نتيجة "عمل تشاوري وثيق بين مستثمري المدينة وجميع القوى التي تعيش فيها، بمن فيهم المسؤولون المنتخبون والمسؤولون السياسيون والاقتصاديون، وليست خطة مفروضة من قبل العاصمة على مرسيليا".

المساهمون