ماذا تبقى من "داعش"؟

26 مارس 2023
تدريبات مشتركة لـ"قسد" والجيش الأميركي، مارس 2022 (دليل سليمان/فرانس برس)
+ الخط -

صادف يوم الخميس الماضي الذكرى الرابعة لإعلان "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) السيطرة على آخر معقل لتنظيم "داعش" في بلدة الباغوز، في أقصى شرق سورية، وبالتالي القضاء نهائياً على مناطق سيطرة التنظيم التي وصلت في ذروتها إلى السيطرة على ثلث مساحة البلاد، بالإضافة إلى سيطرته على معظم منابع الطاقة فيها.

وجاء إعلان "قسد" انتصارها على "داعش" بدعم من "التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب"، الذي سوّقت دوله سيطرتها على الباغوز على أنه انتصار تاريخي على الإرهاب، عبر اجتثاث آخر معاقله، وذلك على الرغم من الانتهاكات التي حصلت بقتل آلاف المدنيين، وتدمير البنى التحتية في المناطق التي انتُزعت من "داعش".

لكن هذا الانتصار ما لبث أن بدأ يتلاشى مع ظهور التنظيم مرة أخرى في كل من البادية السورية وفي جنوب سورية على شكل خلايا نشطت من خلال عمليات استهدفت مناطق سيطرة "قسد" والنظام السوري.

وبالتالي، عاد خطر التنظيم مجدداً للظهور، محفزاً لاستمرار الحاجة إلى "قسد" التي أُنشئت أساساً كقوة لمحاربة "داعش" من جهة، واستمرار مبرر وجود القوات الأميركية في شرق سورية لمحاربة هذا التنظيم من جهة ثانية. كما سمح هذا الخطر لروسيا بتسويق النظام كـ"محارب لإرهاب داعش"، الذي يبدو أن دوره كأداة للاستثمار السياسي لم ينته بعد.

فتنظيم "داعش" الذي تشكل نتيجة انشقاق جزء من "جبهة النصرة" عن تنظيم "القاعدة" ومبايعة أبو بكر البغدادي لم يكن بالقوة التي تم تصويره بها، تحديداً في بدايات تأسيسه، إلا أنه مر بمنعطفات غير مفهومة حتى الآن، ساهمت في ظهوره كقوة كبيرة.

ففي بداية تأسيسه في العراق في عام 2014 سيطر مئات المقاتلين منه على أسلحة آلاف العناصر من الجيش العراقي بشكل غير مبرر وغير مفهوم، ثم قام تنظيم "داعش" بعرض عسكري بالآليات التي اغتنمها من الجيش العراقي في منطقة الشدادي، شمال شرقي سورية، على مرأى من التحالف الدولي الذي شُكّل لمحاربة الإرهاب، والذي لم يحرك ساكناً وترك التنظيم يسيطر على محافظتي دير الزور والرقة بشكل غير مفهوم.

مع العلم أن فصائل المعارضة في محافظة إدلب، وبإمكاناتها البسيطة، تمكنت خلال أيام من القضاء على التنظيم في كل شمال غربي سورية، أما النظام السوري، الذي تقوم روايته كلها على محاربة الإرهاب، فقد عقد العديد من الصفقات التي نقل فيها بباصاته عناصر التنظيم خارج دمشق، فظهروا فجأة كمصدر خطر على الأقليات في شرق حماة وشرق السويداء، وارتكبوا بحق أهلها مجازر لم يحرك النظام تجاهها ساكناً، بل بدأ بتخويف السكان من خطر التنظيم.

مسيرة تنظيم "داعش" تشير إلى أنه كان ساحة للاستثمار السياسي سواء من أطراف الصراع في الداخل السوري أو من قبل الأطراف الدولية، وبالتالي فإن عدم القضاء عليه نهائياً، ربما يعود لعدم انتهاء هذا الاستثمار.

المساهمون