ليبيا... مرحلة جديدة من التأزيم بين مجلس النواب والحكومة

15 يناير 2022
15 نائباً يطالبون بإدراج بند اختيار رئيس حكومة جديد لجدول أعمال مجلس النواب (Getty)
+ الخط -

يستعد المشهد السياسي في ليبيا لمرحلة جديدة من التأزيم بين مجلس النواب والحكومة، إذ يسعى المجلس لإزاحة رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة من المشهد، فيما يحضّر الدبيبة لجملة من الإجراءات الرامية لإفشال هذا المسعى. 

وكشفت مصادر ليبية متطابقة عن عزم رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، تضمين بند في جدول أعمال جلسة مجلس النواب المرتقبة، يوم الاثنين القادم لمناقشة إعادة تشكيل الحكومة، في وقت سيعقد فيه اجتماعات موسعة مع عدد من المترشحين للانتخابات الرئاسية التي كان مزمعاً عقدها في 24 ديسمبر/كانون الأول الماضي. 

وأوضحت المصادر أن صالح، الذي قرر العودة لممارسة أعماله بعد إجازة قضاها للاستعداد للانتخابات الرئاسية، يسعى لحشد تأييد من عدد من النواب لمسعاه الرامي لإعادة تشكيل الحكومة قبل أن يضمن البند الخاص بها في جدول أعمال جلسة الاثنين المقبل التي قرر أن يترأسها. 

وكان من المقرر أن تستعرض اللجنة النيابية المكلفة بإعداد خارطة الطريق للمرحلة المقبلة، خلال جلسة الاثنين المقبل، تقريرها الذي سيتضمن مقترحاتها بشأن شكل خارطة الطريق التي تتضمن توضيح وضع الحكومة وبقائها أو عدمه.

ولمّح عضو مجلس النواب، جبريل وحيدة، إلى عدم جاهزية اللجنة النيابية، لكنه أكد على أولوية إعادة تشكيل الحكومة كإحدى أهم الخطوات في طريق التمهيد للانتخابات، مشيراً إلى أن هذا المطلب هو مطلب عدد من النواب. 

والخميس الماضي، طالب 15 نائباً رئاسة مجلس النواب بإدراج "بند اختيار رئيس حكومة جديد لجدول أعمال الجلسات المقبلة لتشكيل حكومة تكنوقراط مختصرة ذات مهام محددة"، وأعلنوا براءتهم من الحكومة ورئيسها عبد الحميد الدبيبة الذي اتهموه بـ"الفساد". 

صالح سيعقد لقاءات مع شخصيات سياسية فاعلة

 

وفيما أكد وحيدة، في تصريح لـ"العربي الجديد" أن رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، سيترأس جلسة الاثنين المقبل، أشارت ذات المصادر إلى إمكانية أن يستند صالح في تضمين بند إعادة تشكيل الحكومة ضمن بنود أعمال الجلسة المقبلة إلى بيان النواب الـ 15، سيما أن الموقع الرسمي لمجلس النواب بادر لنشر بيانهم. 

وقبل جلسة الاثنين المقبل، سيلتقي صالح، في مقر إقامته في منطقة القبة، شرق البلاد، عددا من الشخصيات السياسية الفاعلة في المشهد الحالي، ومن بينهم مترشحون للانتخابات الرئاسية، بحسب المصادر نفسها، التي كشفت أن من بينهم أحمد معيتيق، نائب رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق السابقة، ووزير الداخلية الأسبق فتحي باشاغا، وأحد المنتمين للنظام السابق عبد الله عثمان، بالإضافة لنائب رئيس المجلس الرئاسي الحالي، عبد الله اللافي. 

وحول هدف اللقاء، أوضحت المصادر أن هذه الخطوة تأتي في إطار مساعي صالح للتشاور حول تشكيلة ورئاسة الحكومة البديلة التي يضغط باتجاه فرضها من خلال مجلس النواب، لافتة إلى أن بعض هذه الشخصيات سيلتقيها بشكل منفصل. 

وأشارت المصادر إلى أن أغلب الشخصيات الفاعلة في المشهد تتفق على ضرورة إقصاء الدبيبة من الحكومة وعدم تمكينه من الاستفادة من موارد وإمكانيات الحكومة للاستمرار في الترويج لنفسه في الأوساط الليبية، سيما داخل شرائح المجتمع، كأولى الخطوات للتمهيد لموعد جديد للانتخابات، لافتة إلى أن الدبيبة يستعد هو الآخر لسيناريو المواجهة. 

الدبيبة يستعد لإجراء تعديل وزاري

وأشارت المصادر إلى أن الدبيبة يستعد لإجراء تعديل وزاري يهدف إلى أمرين؛ الأول إقصاء عدد من الشخصيات الوزارية التي سببت له قلقا وفتح الباب أمام خصومه لاتهام الحكومة بالفساد، والثاني تعيين شخصيات وزارية بديلة مقربة من أعضاء في مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة بهدف تعزيز وجوده داخل المجلسين وحشد مؤيدين له فيهما لقطع الطريق أمام محاولات إقصائه. 

وكان الدبيبة عبر في وقت سابق عن انزعاجه من قرارات صدرت عن مكتب النائب العام لإيقاف وحبس وزيرين بحكومته على ذمة التحقيق في قضايا فساد، وهما وزير التربية والتعليم موسى المقريف، ووزيرة الثقافة مبروكة توغي، كما أكد أيضاً أنه يواجه "حملة التشويه" بمفرده كـ"رئيس للحكومة، مضيفاً "أعتقد أن هناك حملة ستطاول كل الحكومة". وفيما لم يشر الدبيبة حينها إلى من يقف وراء تلك الحملة، إلا أن لغة خطابه تغيرت مؤخرا، إذ هاجم بعض الوزارات، ومن بينها وزارة الصحة. 

وقال الدبيبة، خلال اجتماعه بمسؤولين في قطاع الصحة الخميس الماضي، إن "وزارة الصحة بشكل أو بآخر في فوضى عارمة، مضيفاً أن "إداراتها ترفض التغيير رغم التردي في مستوى الخدمات والفساد" المستشري في القطاع. 

ويشير قرار النائب الأول لرئيس الحكومة، حسين القطراني، الرجوع لممارسة أعماله في طرابلس، بعد أشهر من القطيعة مع الدبيبة، إلى أنه تم التوصل لحل الخلاف بين المسؤولين. 

وقرر القطراني، الذي انشق مع وكيل وزير الداخلية فرج قعيم في أكتوبر/تشرين الأول الماضي احتجاجاً على ما وصفه بتهميش حقوق برقة، والعودة إلى ممارسة عمله كنائب أول لرئيس الحكومة، الأحد الماضي، موضحاً، خلال تصريحات صحافية، أن عودته جاءت بعد حل الإشكالية حول صلاحياته. 

واندلعت الأزمة بين الحكومة ومجلس النواب مبكراً، إذ عرقل المجلس المصادقة على موازنة الحكومة، قبل أن يقرر سحب الثقة منها، في سبتمبر/أيلول الماضي، وتحويلها إلى حكومة تصريف أعمال، إلا أن الدبيبة رفض القرار وواصل أعماله كرئيس للحكومة دون قصرها على تصريف الأعمال الخدمية. 

المساهمون