لماذا لم تتشكل الحكومة العراقية الجديدة رغم انسحاب التيار الصدري؟

03 يوليو 2022
حتى الآن لم تنطلق المفاوضات المتعلقة بتشكيل الحكومة (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -

يراوح حراك تشكيل الحكومة العراقية الجديدة التي وعدت القوى السياسية المدعومة من طهران، ضمن تحالف "الإطار التنسيقي"، مكانه منذ نحو ثلاثة أسابيع على الرغم من إعلان تلك القوى عزمها تشكيل الحكومة بعد قرار انسحاب التيار الصدري من البرلمان والعملية السياسية ككل.

وحتى الآن لم تنطلق المفاوضات المتعلقة بتشكيل الحكومة، ولم تعقد قوى "الإطار التنسيقي"، أي لقاءات رسمية أو غير رسمية مع الكتلتين الرئيسيتين للعرب السنة والأكراد في العراق ممثلين في تحالف "السيادة"، بزعامة خميس الخنجر، والحزب الديمقراطي الكردستاني، بزعامة مسعود البارزاني.

ويعزو مراقبون ذلك إلى عدة أسباب من أبرزها انعدام الثقة بين مختلف الأطراف، وانتظار انتهاء العطلة التشريعية للبرلمان بعد العاشر من يوليو/تموز الحالي، إلى جانب الخشية من استفزاز زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، الذي بدأ مقربون منه بالتلميح إلى تحريك ورقة الشارع مجدداً.

ودخلت الأزمة السياسية في العراق منعطفاً جديداً بعد تقديم نواب الكتلة الصدرية (73 نائباً) استقالاتهم من البرلمان، وانسحاب الصدر من العملية السياسية. وهذه هي المرة الأولى منذ عام 2006 التي يكون فيها "التيار الصدري" خارج البرلمان، بعدما ظلّ طيلة السنوات الماضية محافظاً على نسبة لا تقل عن ثلث مقاعد القوى السياسية الشيعية، وسط هواجس من أن يكون "التيار الصدري" يعدّ لمرحلة جديدة من التحركات عبر قواعده الشعبية.

وقال نائب عن تحالف "الفتح"، بزعامة هادي العامري، لـ"العربي الجديد"، اليوم الأحد إنّ "الجمود في حراك تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، يعود لأسباب عدة منها فرض الشروط المسبقة من قبل الحزب الديمقراطي الكردستاني وتحالف السيادة، على الإطار التنسيقي، من أجل المضي معه بعملية تشكيل الحكومة، كذلك استمرار الخلاف الكردي – الكردي على رئاسة الجمهورية".

وأضاف النائب، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أنّ "من بين تلك الأسباب وجود خلاف داخل الإطار التنسيقي نفسه بشأن مرشح رئاسة الوزراء، وخلاف حول كيفية إدارة المرحلة المقبلة، فضلاً عن تباينات في القوى السياسية الأخرى".

وأشار إلى أنّ "من أبرز الأسباب، التي جمّدت حراك تشكيل الحكومة الجديدة، هو مراقبة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر للمشهد السياسي وعدم تركه، بل وإصداره البيانات، التي دائماً ما تكون مستهدفة للإطار التنسيقي وتحركاته، والتهديد غير المباشر من قبل قادة التيار الصدري بالشارع، فهذا سبب رئيسي دفع الجميع إلى إيقاف أي تحرك، حتى لا يستفز بذلك الصدر وجمهوره، الذي من الممكن أن ينزل إلى الشارع بأي لحظة".

من جهته، توقع القيادي في تحالف "الإطار التنسيقي"، عائد الهلالي، في حديث مع "العربي الجديد"، كسر الجمود الحالي المتعلق بتشكيل الحكومة العراقية الجديدة، "بعد انتهاء عطلة عيد الأضحى (9 يوليو/تموز) ومع بدء البرلمان لفصله التشريعي الجديد"، مبيناً أنه "ستكون هناك حوارات ومفاوضات بين جميع الكتل والأحزاب لحسم ملف تشكيل الحكومة".

وأضاف الهلالي أنه "رغم الجمود في حراك تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، لكن الإطار التنسيقي ما زال يعقد اجتماعات من أجل الوصول إلى اتفاقات مع باقي الأطراف السياسية تسرع حسم هذا الملف، فالإطار التنسيقي عازم على تشكيل الحكومة مع بدء الفصل التشريعي للبرلمان العراقي".

وأشار إلى العمل على اختيار شخصية "غير جدلية لمنصب رئيس الوزراء، والاتفاق حول هذه الشخصية سيكون خلال الفترة المقبلة، كما أنّ القوى الكردية ستحسم أمرها بشأن مرشح رئاسة الجمهورية حتى لا تكون معرقلة أمام حراك تشكيل الحكومة خلال الفترة المقبلة".

إلى ذلك، قال عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني النائب محما خليل، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الحوار والتفاوض الرسمي بين الكتل والأحزاب بشأن تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، لم ينطلق حتى اللحظة، وهناك جمود في هذا الحراك خلال الفترة الحالية".

وأضاف خليل أنّ "الحراك الفعلي لتشكيل الحكومة العراقية الجديدة، سوف ينطلق عقب انتهاء عطلة عيد الأضحى، ومع بدء الفصل التشريعي لمجلس النواب، وأبرز شروطنا للمشاركة في الحكومة الجديدة، هي (الشراكة والتوافق والتوازن) وهناك موافقة عليها من قبل الأطراف السياسية كافة".

وبشأن الخلاف حول رئاسة الجمهورية، بين نواب الحزب الديمقراطي الكردستاني، أوضح أنّ "الحزب حتى اللحظة مصرّ على مرشحه ولا اتفاق نهائياً مع الاتحاد الوطني الكردستاني بشأن هذا المنصب، رغم وجود حوار بين الطرفين، وربما يدخل الكرد بأكثر من مرشح لجلسة انتخاب الرئيس في حال لم يحصل اتفاق خلال الأيام المقبلة".

ويشير المحلل السياسي أحمد الشريفي، خلال اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إلى أنه "رغم انسحاب زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر من حراك تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، ما زالت الخلافات قائمة بين الأطراف السياسية كافة، إضافة إلى الخلافات الداخلية بين الكتل والأحزاب، وهذا سبب رئيسي أدى إلى جمود حراك تشكيل الحكومة".

وبيّن الشريفي أنّ "هناك حذراً من قبل القوى السياسية كافة، بحراك تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، بسبب مراقبة هذا الحراك من قبل زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، خصوصاً بعد إرساله للكثير من الرسائل عبر التغريدات أو بيانات من قيادات وشخصيات مقربة منه، فهذا الأمر دفع الجهات السياسية إلى أن تكون حذرة في التعامل مع ملف تشكيل الحكومة حتى لا يستفز الصدر".

وأضاف أنّ "القوى السياسية حتى اللحظة تجد صعوبة في تشكيل أي حكومة جديدة، دون مشاركة التيار الصدري فيها، خصوصاً أنها تخشى من أي حراك فعلي نحو تشكيل الحكومة، بسبب وجود رغبة حقيقية بنزول الجمهور الصدري إلى الشارع لمنع تشكيل أي حكومة تبنى على المحاصصة وتقاسم المغانم، وهذا سبب رئيسي لإيقاف أي حوار حقيقي بين الكتل والأحزاب لتشكيل الحكومة".

وعلى الرغم من إعلان "الإطار التنسيقي" ما وصفه بانتهاء حالة الانسداد السياسي في العراق، إثر قرار الصدر الخروج من العملية السياسية، واستقالة نواب كتلته المتصدرة في الانتخابات، من البرلمان العراقي، إلا أنه لغاية الآن لم تخض أطراف التحالف أي مفاوضات رسمية مع الكتل والأحزاب السياسية العربية السنّية والكردية الرئيسة والمتحالفة مسبقاً مع الصدر، أو النواب المستقلين والكتل المدنية، لتشكيل الحكومة العراقية الجديدة، وسط حديث عن خلافات داخلية بين قوى الإطار.

وبات "الإطار التنسيقي" الآن الكتلة الكبرى داخل مجلس النواب، بعد حصوله على غالبية مقاعد نواب الكتلة الصدرية، ما يجعله الفاعل الأساسي في عملية تشكيل الحكومة الجديدة، إلى جانب تمرير أي قرار أو مشروع قانون يريده.

المساهمون