لماذا تتردّد ألمانيا في تسليم أسلحة ثقيلة لأوكرانيا؟

21 ابريل 2022
يريد شولتز مساعدة أوكرانيا لكنه يخشى الانخراط في الحرب مع بوتين (فرانس برس)
+ الخط -

بعد مؤتمر الفيديو، الثلاثاء، مع شركاء من مجموعة الدول السبع الكبرى وحلف شمال الأطلسي؛ وعد المستشار الألماني، الاشتراكي أولاف شولتز، بتقديم المزيد من الدعم العسكري والمالي لأوكرانيا، في دفاعها ضد الغزو الروسي لأراضيها، لكنه رفض توريد الدبابات من مخزونات الجيش الألماني، مع الالتزام بالدعم في شراء البدائل من شركاء أوروبا الشرقية في حلف شمال الأطلسي، الذين يمكنهم تزويد أوكرانيا بأسلحة سوفييتية الصنع من مخزوناتهم القديمة الصالحة للاستخدام، والمتاحة على الفور.

في المقابل، تبرز قناعة تامة لدى سياسيي حزبي "الخضر" و"الليبرالي الحر"، الشريكين في الائتلاف مع "الاشتراكي"، بضرورة تزويد القوات المسلحة الأوكرانية بالأسلحة الثقيلة، التي تضم الدبابات القتالية والمدفعية والطائرات المقاتلة ومركبات القتال المدرعة والمروحيات، وفق معاهدة القوات المسلحة التقليدية في أوروبا التي أبرمت في نوفمبر/تشرين الثاني 1990.

وفي ظل مطالبات كييف بتسلم الدبابات والأسلحة الثقيلة الألمانية من أجل الحصول على القوة النارية والحركة المحمية في ساحات المعارك؛ رفض نائب المفتش العام ماركوس لاوبنتال، يوم الأربعاء، مع القناة الثانية الألمانية "زد دي اف"، فكرة تسليم الأسلحة الثقيلة من مخزونات الجيش الألماني، لأن ذلك سيؤثر على الجهوزية القتالية في إطار التزامات حلف شمال الأطلسي، مشدداً على أن استخدام الأسلحة والدبابات والأنظمة القتالية المعقدة يتطلب تدريباً شاملاً، وليس بإمكان أي شخص يستخدم مركبة مشاة قتالية تشغيل الدبابة القتالية "ماردر"، ومسألة التدريب تحتاج لأسابيع.

وعن الحجج التي تتمسك بها ألمانيا؛ أشارت "إيه أر دي" الإخبارية، إلى أنه ربما تكون الحجة الأكثر أهمية في السياسة الأمنية هي الخوف من أن تصبح ألمانيا وحلف شمال الأطلسي طرفين في الحرب، وقد تم الإعراب عن هذا القلق عدة مرات، وسط التحذيرات التي تطلق من أن يتحول الصراع القائم إلى حرب نووية، وبالتالي لا ينبغي السماح لألمانيا بأن تصبح طرفاً في الحرب، وذلك في ركون إلى التحذيرات التي تتوقع أن بوتين وبعد الانتصار في أوكرانيا، قد يهاجم دولاً أخرى في الجوار، بما في ذلك مالدوفا ودول البلطيق، وبالتالي دول حلف شمال الأطلسي.

بدوره، يعتبر حزب "الخضر" أنه إذا لم يتم صد بوتين؛ فان خطر نشوب حرب عالمية ثالثة قائم، حيث قال رئيس لجنة أوروبا في البوندستاغ، أنطون هوفرايتر لـ"إن تي في" الإخبارية، إنه وفي ضوء حرب الاستنزاف العنيفة يجب على ألمانيا أن تسلّم الأسلحة الثقيلة مباشرة إلى كييف، وعن مخاوف شولتز من أن تنظر روسيا إلى الشحنات الثقيلة لأوكرانيا على أنها تدخل في الحرب؛ رأى هوفرايتر أن خطر الحرب يزداد كلما طال أمد الحرب، وأن روسيا اقتربت من النصر.

من جهتها، انتقدت رئيسة لجنة الدفاع في البوندستاغ، المنتمية لـ"الليبرالي الحر"، ماري أغنيس شتراك تسيمرمان، المستشار شولتز، لافتة إلى أنه لم يقدم بعد معلومات ملموسة كافية لدعم أوكرانيا.

وزودت ألمانيا القوات المسلحة الأوكرانية منذ بداية الحرب بالسلاح المتوسط، من صواريخ مضادة للطائرات وقذائف صاروخية ومدافع رشاشة ودروع واقية وخوذ ونظارات للرؤية الليلية وعربات مصفحة، بقيمة إجمالية بلغت 186 مليون يورو، وفق ما ذكرته شبكة إيه أر دي" الإخبارية.

وفي السياق، أشارت صحيفة "بيلد"، يوم الأربعاء، إلى أن هناك الكثير من الأدلة التي تفيد بأن شولتز في مأزق، وقد وضع نفسه في سوء تقدير تاريخي؛ فمن ناحية يريد مساعدة أوكرانيا، ومن ناحية أخرى يفكر أيضاً بألمانيا. وبذلك فإنه يتجاهل حقيقة أن هذا التباين غير موجود على الإطلاق، لأنه وعلى العكس من ذلك، فمساعدة أوكرانيا تعني حماية ألمانيا، وإذا لم يُهزم بوتين في أوكرانيا فسوف يهاجم بلداناً أخرى، وهو أشار إلى ذلك بوضوح مع إعلانه الحرب. علاوة على ذلك، فإنه من الخطأ عدم تقديم المساعدة الفورية لسكان ماريوبول والمدن الأخرى، لاسيما وأن الجيش الروسي يدمر ويغتصب ويعذب ويسرق. وركّزت الصحيفة كذلك على ما سمّته "خيانة الحليف"، فالعديد من الدول تدعم كييف بالأسلحة أكثر مما تقدمه ألمانيا، ناهيك باحتضان حزب المستشار شولتز، "الاشتراكي الديمقراطي"، لبوتين بشكل لا مثيل له، في إشارة إلى المستشار الاشتراكي السابق شرودر، الذي يمثل لوبي الغاز الروسي، ويتبوأ مناصب إدارية وإشرافية في شركة "غازبروم" المملوكة من الدولة الروسية.

وكان السفير الأوكراني لدى ألمانيا، أندريه ميلينك، اعتبر في حديث مع وكالة الأنباء الألمانية، أن تصريحات شولتز "قوبلت في كييف بخيبة أمل كبيرة وبمرارة"، وأنه رغم الترحيب باستعداد ألمانيا لتقديم أموال إضافية؛ ولكن فرضية عدم قدرة الجيش الألماني على تسليم المزيد من الأسلحة لأوكرانيا غير مفهومة تماماً، والجيش الألماني مجهز بحوالي 400 ناقلة جند مصفحة من طراز "ماردر"، تستخدم 100 منها فقط للتدريب، وبإمكان البوندسفير تسليم أعداد منها على الفور لأوكرانيا، إلى جانب امتلاكه حوالي 800 عربة نقل مصفحة من طراز "فوكس" معظمها غير مستخدمة.

المساهمون