فيما بدا أنه تبرؤ من التوصيات التي قدمتها إدارة "الحوار الوطني" المصري إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي أخيراً، لاتخاذ اللازم بشأنها، أكدت "الحركة المدنية الديمقراطية"، التي كانت الشريك الأساسي في "الحوار الوطني" الذي دعا إليه السيسي في إبريل/نيسان 2022، أن تلك التوصيات "لم تتضمن المطالب الرئيسية للحركة، خاصة في ما يتعلق بالإصلاحات السياسية والاقتصادية".
ولفتت الحركة، في بيان يوم الأحد الماضي، إلى "عدد من المطالب الهامة التي تقدمت بها الحركة في المحور السياسي والتي لم تنعكس في التوصيات التي تم رفعها لرئيس الجمهورية، ومنها إطلاق سراح جميع سجناء الرأي الذين لم تثبت إدانتهم بأعمال عنف أو تخريب" على حد وصف البيان.
كما شددت أحزاب الحركة على "ضرورة وقف سياسة القبض على المواطنات والمواطنين بسبب التعبير السلمي عن آرائهم في مختلف وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام، وإطلاق حرية الرأي والتعبير بكافة الطرق والأساليب، وباستخدام جميع الوسائل المرئية والمسموعة والمكتوبة، ورفع الحجب المفروض على المئات من المواقع الإخبارية وتلك التابعة لمنظمات حقوق الإنسان داخل وخارج مصر".
محمد السادات: لو كانت هناك إرادة سياسية لإحداث انفراجة، فالأمور ليست في حاجة إلى الحوار الوطني
وأكدت على ضرورة "توفير الشروط والضمانات اللازمة لإجراء جميع الانتخابات القادمة في مصر (رئاسية وبرلمانية ومحليات) في أجواء من الحرية والنزاهة والشفافية، وإتاحة الفرص المتكافئة للجميع للتنافس على الفوز بها، وفي مقدمتها الانتخابات الرئاسية".
بيان "الحركة المدنية" المصرية كان متوقعاً
وقال النائب السابق، رئيس حزب الإصلاح والتنمية، محمد أنور السادات، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "ما جاء في بيان الحركة المدنية كان متوقعاً، والكل كان يعلم، من البداية، أن ما جرى في الحوار هو استماع للآراء فقط، ولكن حينما يتم بلورتها ورفعها لرئيس الجمهورية، فبالتأكيد لن تلبي طموحات الأحزاب أو الشخصيات المستقلة التي أدلت بآرائها من خلال الحضور وتقديم الرسائل".
وأضاف: "ليس مستغرباً ما حدث، وهذه كانت نتيجة متوقعة، والعبرة بما سيقره رئيس الجمهورية، برغم أن التوصيات المرفوعة لا تلبي الآمال والطموحات، وبالذات في قضايا الممارسة السياسية والحقوق والحريات والأمور الاقتصادية والاجتماعية". وتابع: "ذلك هو المتاح، وأقصى شيء يمكن التوافق عليه. وسننتظر ما سيقره الرئيس وما سيتغاضى عنه. كلنا في انتظاره ونترقبه في الأسبوعين القادمين كحد أقصى".
وأوضح السادات أن "الحجة التي يجري ترويجها بأن الحوار لا يزال مستمراً وهناك محاور أخرى، يرد عليها بأن ما تبقى سينتهي به الحال كما انتهى في المحاور التي كان فيها صفة الاستعجال، كالملفات السياسية والاقتصادية. وليبق مفهوماً للجميع أن لا شيء غريبا. هذا ما كان متوقعاً منذ بداية الحوار، لكن كان لا بد من المشاركة، وأن يدلو الكل بدلوه".
وأكد أنه "لو كانت هناك إرادة سياسية لإحداث انفراجة، فالأمور ليست في حاجة إلى الحوار الوطني، لأن المشاكل معروفة والحلول معروفة، وليست بحاجة للمهرجان الحالي، الذي فيه إضاعة للوقت واستنزاف الموارد من خلال مؤتمرات وجلسات ومنتديات حوارية. كل شيء معروف، ومشاكل مصر معروفة، والحل في يد صاحب القرار".
مخرجات "الحوار الوطني" المصري ليست التوصيات الحقيقية
من ناحيته، قال الرئيس السابق لحزب الدستور، وعضو الحركة المدنية الديمقراطية، علاء الخيام، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "بيان الحركة واضح، وأعتقد أنه صياغة لموقف الحركة وتعبير واضح عن رفضها للتصريحات التي ذكرها المنسق العام للحوار الوطني ضياء رشوان.
والمخرجات التي خرجت من الحوار الوطني فيها نوع من أنواع الالتفاف، لأنها ليست التوصيات الحقيقية، ولا هي النقاط الأساسية التي تشاورت فيها الحركة في جلسات الحوار وطالبت فيها وبعيدة عن واقع الحوار".
وأضاف الخيام أن "الحركة المدنية دخلت الحوار على أنه حوار جاد وبناء، وفي حال كان هناك خلاف في بعض النقاط يمكن صياغتها والخروج منها بتشريعات لحل الأزمات، مثل قانون الانتخابات بنظام القائمة المغلقة. رفضنا ذلك، واقترحنا تقسيم القائمة إلى ثلاثة أقسام، الأول خاص بالقائمة المغلقة لأصحاب الهمم والحالات الخاصة، والثاني نسبية مفتوحة، والثالث فردي، وهذا ما توقعنا إصداره لكن حدث عكس ذلك".
أحمد شعبان: المعارضة فوجئت بتجاهل الكثير من الذي تم عرضه في الحوار الوطني
وأعلن الخيام أن "من ضمن التوصيات، كان إعادة قانون الحبس الاحتياطي إلى ما قبل فترة (الرئيس المؤقت) عدلي منصور، إلا أن مخرجات الحوار، وفقاً لما صدرت عن ضياء رشوان، لم تأتِ على ذكرها، وهذا ينطبق على ملفات الصحة والتعليم وحقوق المرأة، التي تم تجاهلها في التوصيات".
بدوره، قال أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية، سعيد صادق، لـ"العربي الجديد"، إن "الحوارات الوطنية ونتائجها تعكس توازن القوى الحقيقي بين المتحاورين"، موضحاً أن "مطالب الحركة المدنية، هي دعوة لتغيير نظام الحكم وأسلوبه من الداخل وبيده، وبالطبع كان متوقعاً عدم الاستجابة الكلية لهذا".
من جهته، قال الأمين العام للحزب الاشتراكي المصري، أحمد بهاء الدين شعبان، لـ"العربي الجديد"، إن "ما وصل إليه الحوار الوطني لم يكن النتيجة المتوقعة للحوار، لأننا في المعارضة تلقينا وعوداً حينما بدأنا الحوار، بأن كل ما يجري مناقشته وعرضه والاتفاق بشأنه سيتم رفعه لرئيس الجمهورية لاتخاذ ما يمكن تنفيذه، أو إحالته للمؤسسات الدستورية، وعلى هذا الأساس أقبلنا على الحوار بكل حماس".
وأكد أن المعارضة "فوجئت بتجاهل الكثير من الذي تم عرضه، ليس من ممثلي المعارضة فحسب، بل من ممثلي أحزاب محسوبة على السلطة".
وتابع: "على سبيل المثال هناك تجربة شاركت فيها مباشرة، حيث جرت مناقشة الانتخابات المقبلة، وطالب أغلب المتحدثين بتطبيق نظام القائمة النسبية المفتوحة، وفوجئت في اليوم التالي في صدر الصفحة الأولى في جريدة الأهرام، كتب أن أغلب الآراء جاءت محفزة لانتخابات بنظام القائمة المغلقة المطلقة القائمة، التي هي أحد أسباب انهيار الثقة في النظام الانتخابي المصري. وهذه القائمة تعني أنه في حال الحصول على 51% من الأصوات تستطيع هذه الأحزاب أن تغتصب بقية الأصوات، بسبب هذا النظام الشاذ الذي لا يمثل قيمة ديمقراطية على الإطلاق".