التقى الرئيس الصيني شي جين بينغ، اليوم السبت، مع زعماء صربيا، ومصر، وكازاخستان، وتركمانستان، إذ تستغل بكين افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الشتوية لأخذ زمام المبادرة الدبلوماسية، وسط توتر محتدم مع الولايات المتحدة.
وفي أعقاب توقيع اتفاق "شراكة بلا حدود" مع روسيا لتدعم كل منهما الأخرى في مواجهات بشأن أوكرانيا وتايوان، مع تعهد بزيادة التعاون في مواجهة الغرب، عقد شي الاجتماعات قبل مأدبة بمناسبة رأس السنة القمرية الجديدة في قاعة الشعب الكبرى في بكين اليوم.
وهذه هي المرة الأولى التي ينضم فيها الرئيس الصيني إلى تجمع من قادة الدول منذ ما قبل تفشي كوفيد-19 في أواخر عام 2019.
وقال الرئيس الصيني في كلمة نشرتها وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) "الصين بذلت قصارى جهدها للتغلب على تأثير وباء فيروس كورونا، وأوفت بجدية بالتزاماتها تجاه المجتمع الدولي، وعملت على ضمان إقامة أولمبياد بكين الشتوية في موعده المحدد".
ووصل ما يربو على 30 من قادة العالم إلى بكين لحضور حفل افتتاح الألعاب الأولمبية الشتوية لعام 2022، على الرغم من أن الولايات المتحدة ودولا غربية أخرى أعلنت المقاطعة الدبلوماسية لدورة الألعاب، وسط تصاعد التوتر السياسي ومزاعم بانتهاكات حقوق الإنسان في منطقة شينجيانغ بشمال غرب الصين.
وردت صحيفة "غلوبال تايمز" التي تديرها صحيفة "الشعب" اليومية التابعة للحزب "الشيوعي" الحاكم، على تقارير وسائل الإعلام الأجنبية التي ذكرت أن الحدث لم يجذب سوى الزعماء "السلطويين"، قائلة في افتتاحية إن هذه التقارير تستخدم "عبارات مبتذلة معادية للصين عفّى عليها الزمن".
وذكرت "شينخوا" أن الرئيس الصيني عقد اجتماعات فردية مع رئيس كازاخستان قاسم جومارت توكاييف، والرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي صباح اليوم السبت، لمناقشة استثمارات البنية التحتية المرتبطة بمبادرة الحزام والطريق، وكذلك التعاون في مكافحة كوفيد-19.
وأطلقت الصين مبادرة الحزام والطريق في عام 2013 لتعزيز الروابط التجارية مع بقية العالم وأنفقت الكثير على تطوير البنية الأساسية في عشرات الدول على مستوى العالم.
شي: رؤى واستراتيجيات مشتركة مع مصر
وقال الرئيس الصيني، خلال اجتماعه مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إن الصين ومصر "تجمعهما رؤى واستراتيجيات مشتركة في الدفاع عن مصالحهما".
وأشاد شي بـ"الثقة السياسية الكبيرة" بين البلدين، مستشهداً بالتعاون في مكافحة الجائحة، قائلاً إن "شراكتهما الاستراتيجية الشاملة هي نموذج للتضامن بين الصين والعرب، والصين وأفريقيا، والعالم النامي".
ويأتي اجتماع بكين في الوقت الذي تسعى فيه حكومة السيسي إلى توثيق علاقاتها مع الصين، والنأي بنفسها عن الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى التي تنتقد سجلها في مجال حقوق الإنسان.
قمة مصغرة بين الرئيسين الصيني والروسي: شراكة "بلا حدود"
وتأتي الاجتماعات في أعقاب قمة مصغرة بين شي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس الجمعة، أكدت التطابق الكامل لمواقف دولتيهما، في الوقت الذي تواجه فيه النظام العالمي الليبرالي الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة.
وخلال المحادثات، أكد بوتين وشي أن أي محاولة للإضرار بمصالح الصين وروسيا، وإفساد العلاقات بينهما محكوم عليها بالفشل. وأعلن الجانبان شراكة "بلا حدود" لتدعم كل منهما الأخرى في مواجهات بشأن أوكرانيا وتايوان مع تعهد بزيادة التعاون في مواجهة الغرب.
ورغم تجنب الصين رسمياً جميع التحالفات العسكرية، أجرى الجانبان سلسلة من المناورات الحربية المشتركة، كان من بينها المناورات البحرية والدوريات التي شاركت فيها قاذفات بعيدة المدى فوق بحر اليابان وبحر الصين الشرقي. وفي أغسطس/آب، انتشرت القوات الروسية للمرة الأولى في الأراضي الصينية لإجراء مناورات مشتركة.
ويُمثل الاتفاق أوضح بيان على عزم روسيا والصين العمل معاً ضد الولايات المتحدة لبناء نظام دولي جديد، يقوم على أساس رؤيتهما الخاصة لحقوق الإنسان والديمقراطية.
وانتهز بوتين هذه المناسبة للترويج لصفقة غاز جديدة مع الصين، تقدّر قيمتها بنحو 117.5 مليار دولار وتعهد بزيادة صادرات روسيا في الشرق الأقصى.
وردت الولايات المتحدة قائلة إنه كان يجب على شي أن يستغل الاجتماع للضغط من أجل خفض التوترات في أوكرانيا.
استعداد صيني لتعميق التعاون الأمني مع كازاخستان
وفي لقائه اليوم السبت مع الرئيس الكازاخستاني قاسم جومارت توكاييف، قال شي إن الصين "ثابتة في دعمها كازاخستان لحماية استقلالها وسيادتها وسلامة أراضيها".
ووفقًا لشبكة "سي جي تي إن"، قال شي إن "الصين مستعدة لتعميق التعاون الأمني مع كازاخستان"، ولفتت إلى أن توكاييف "شكر الصين على دعمها جهود كازاخستان في رفض التدخل الخارجي والحفاظ على أمنها واستقرارها".
وحضر أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، مأدبة الغداء التي أقامها الرئيس الصيني، تكريماً لرؤساء الدول والحكومات والوفود المشاركين في دورة الألعاب الأولمبية الشتوية الرابعة والعشرين في قاعة الشعب الكبرى في العاصمة بكين اليوم.
(رويترز، أسوشييتد برس)