لقاءات الموفد الرئاسي الفرنسي والمسؤولين اللبنانيين: إيجابية وهمية؟

13 نوفمبر 2020
الحريري بات أكثر حذراً حيال تشكيلة الحكومة بعد العقوبات الأميركية (حسين بيضون)
+ الخط -

استكمل الموفد الفرنسي الرئاسي، اليوم الجمعة، جولاته على القادة السياسيين اللبنانيين ورؤساء الكتل النيابية، التي لُخِّصت أجواؤها بالإيجابية، وكانت محاطة بوعود المساعدات من جانب الإليزيه، ومُعلَّقة على سرعة تشكيل الحكومة والمضي بالبرنامج الإصلاحي في ممرٍّ رئيسي نحو مؤتمر الدعم الدولي الذي أعلن عنه الرئيس ايمانويل ماكرون بهدف حشد مساعدات للبنان.

وعلم "العربي الجديد"، من مصادر مطلعة على المشاورات الحكومية، أنّ الخلاف الأساسي لا يرتبط فقط بشكل الحكومة وعدد الوزراء الذي سلك مسار التوافق نسبياً، بل متعلق بمبدأ المداورة في الحقائب الوزارية، وكيفية توزيعها على الأحزاب التقليدية، علماً أنّ الحقيبتين الأكثر "طلباً" ولم يصار بعد إلى الاتفاق بشأنهما، هما وزارتا الداخلية والطاقة، وقد يلين موقف "التيار الوطني الحر" برئاسة النائب جبران باسيل في رفضه منح وزارة المال لحركة أمل (يتزعمها رئيس البرلمان نبيه بري)، انطلاقاً من تمسّكه بالمداورة الشاملة، في حال حصل على الوزارتين المذكورتين، أو أقلّه وزارة الداخلية.

الحقيبتان الأكثر "طلباً" ولم يصار بعد إلى الاتفاق بشأنهما هما وزارتا الداخلية والطاقة

 

ومن المعروف أنّ وزارة الطاقة والمياه يضع يده عليها فريق رئيس الجمهورية ميشال عون منذ سنوات، وهي من الوزارات الأكثر هدراً، ويعد الإصلاح في قطاع الكهرباء الذي كبّد الدولة أكثر من أربعين مليار الدولار من أبرز الشروط ضمن البرنامج الإصلاحي في إطار المبادرة الفرنسية.

 

وأشارت المصادر نفسها إلى أنّ رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري يحاول قدر الإمكان إبعاد كل الشبهات حول أن تكون حكومته ممثلة من قبل "حزب الله"، وهو بات أكثر حذراً بعد فرض العقوبات الأميركية على باسيل، والتلويح بأنّ سُبحة العقوبات ستكرّ وستطاول شخصيات من خارج "قوى الثامن من آذار"، وربّما من "تيار المستقبل" الذي يرأسه، لافتة إلى أن الوفد الفرنسي لم يأتِ ليملي على الأفرقاء السياسيين طريقة إدارتهم للملف الحكومي، وهو لم يتدخل بهذا الجانب، لكنه حاور كل فريق للوقوف عند العراقيل التي تحول دون تشكيل الحكومة واستطلع وجهة نظره.

وكشفت أنّ هناك أسماءً طرحها الحريري لتولي وزارات في الحكومة، اعتبرت استفزازية لبعض الكتل النيابية، وخصوصاً بالنسبة إلى "حزب الله و"التيار الوطني الحر"، مؤكدةً أنّ العراقيل لا تزال موجودة رغم الإيجابية التي تحاول القوى السياسية الإيحاء بها، لكن المفاجآت تبقى واردة وقد يقدّم الحريري في أيّة لحظة تشكيلته الوزارية إلى الرئيس عون.

وكان لافتاً أن الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله تطرق إلى الملف الحكومي في كلمته الأخيرة، بشكل مقتضب، بأقلّ من دقيقةٍ، واقتصر تعليقه على ضرورة التسريع في تشكيل الحكومة بالتشاور بين الرئيسين عون والحريري، في حين خصّص وقتاً كبيراً لدعم باسيل وحشد التضامن معه من قبل الحلفاء والقواعد الشعبية، ما دفع إلى القول بأن باسيل يرفع من سقف مطالبه بعد فرض العقوبات عليه، والحزب لن يتركه، بعدما شدد على "وفاء باسيل وشجاعته".

ويقول عضو "كتلة الوفاء للمقاومة" (تمثل حزب الله برلمانياً)، النائب أنور جمعة، لـ"العربي الجديد"، إنّ مستشار الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأدنى باتريك دوريل، الذي التقى رئيس الكتلة النائب محمد رعد أمس الخميس، "أتى إلى لبنان في مهمة استطلاعية تفقدية للملف الحكومي، وكان ثمة تأكيدٌ على استمرار المبادرة الفرنسية، وضرورة تشكيل الحكومة، لأننا لا نملك ترف إضاعة الوقت، والفرصة اليوم مؤاتية في ظل الوضع الخطير الذي يمرّ به البلد".

هناك أسماءً طرحها الحريري لتولي وزارات في الحكومة، اعتبرت استفزازية لبعض الكتل النيابية، وخصوصاً بالنسبة إلى "حزب الله و"التيار الوطني الحر"

 

وتمنّى جمعة على الرئيس المكلف أن يحافظ على الاندفاعة التي بدأها يوم تسميته من دون أن يغيّر في "تكتيكه"، ويستمرّ بزخمٍ للإسراع والتعجيل في تشكيل الحكومة، ويحاور جميع الفرقاء السياسيين، لأن لبنان يقوم على التعددية والديمقراطية التوافقية التي تعدّ من مقوّمات نجاح أي مبادرة، مشيراً إلى أنّ "المطلوب الآن عدم التوقف عند التفاصيل، وتأليف حكومة مهمة، فالعمل كثير".

في سياق آخر، يقول مصدرٌ في "التيار الوطني الحر"، لـ"العربي الجديد"، إنّ الاتصالات المباشرة شبه مقطوعة بين باسيل والرئيس الحريري، في وقتٍ عليه أن يقوم بمشاورات مع كل الكتل النيابية من دون استثناء، خصوصاً أنّ أي حكومة تحتاج إلى الثقة داخل البرلمان، إذ لا يمكنه أن يتفرّد في القرارات، ولا سيما أنّ حكومته بدأت تأخذ منحى آخر، أقرب إلى الحكومة المدعومة سياسياً، ما يحتّم على التيار المطالبة بالتمثيل نظراً لكبر الكتلة النيابية التي يمثّلها، لافتاً إلى أنّ باسيل أكد للوفد الرئاسي الفرنسي أنه من المسهلين لتشكيل الحكومة ولا يعرقل تأليفها ولكنه يطالب فقط بوحدة المعايير والمعاملة بالمثل، وهو من أشد المتمسكين بالمبادرة الفرنسية لما يدعم ذلك عهد الرئيس عون، وينهض بالبلد اقتصادياً.

 

والتقى الحريري، أمس، الموفد الرئاسي الفرنسي، وتم استعراض مجمل الأوضاع في لبنان وموضع المبادرة الفرنسية وملف تشكيل الحكومة الجديدة.

وبعيداً من الملف الحكومي، اجتمع الرئيس ميشال عون، اليوم الجمعة، مع المنسق الخاص للأمم المتحدة يان كوبيش، وعرض معه الأوضاع العامة والمفاوضات حول ترسيم الحدود البحرية الجنوبية في ضوء مداولات اجتماع الأربعاء الماضي، والمتوقع أن تستكمل في جولة خامسة بين الوفدين اللبناني والعدو الإسرائيلي مطلع ديسمبر/كانون الأول المقبل.

 

ومع مرور مائة يوم على انفجار مرفأ بيروت، غرّد كوبيش على حسابه عبر "تويتر"، "مائة يوم على الكارثة الوطنية التي تمثلت بانفجار المرفأ، مائة يوم من التحقيقات بمشاركة خبرات دولية مهمة، ورغم ذلك لا وضوح بعد ولا محاسبة ولا عدالة.

المساهمون