لبنان يطرق الباب الأميركي لتحريك مفاوضات الترسيم.. و"يناور" على مقترح الوسيط هوكشتاين

18 مارس 2022
نبيه بري ونجيب ميقاتي يناقشان الترسيم في قصر بعبدا (حسين بيضون)
+ الخط -

دعا المسؤولون اللبنانيون الولايات المتحدة الأميركية إلى الاستمرار في جهودها لاستكمال المفاوضات لترسيم الحدود البحرية الجنوبية مع الاحتلال الإسرائيلي، وفقاً لاتفاق الإطار بما يحفظ مصلحة لبنان العليا والاستقرار في المنطقة.

وأتت الدعوة عقب اجتماع ثلاثي جمع، ظهر اليوم الجمعة، رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الوزراء نجيب ميقاتي ورئيس البرلمان نبيه بري في قصر بعبدا، جرى خلاله درس الاقتراح الذي سلّمه الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين لترسيم الحدود البحرية الجنوبية.

وعرض المجتمعون نتائج ما توصلت إليه اللجنة التقنية التي درست اقتراح هوكشتاين، والتي تألفت من ممثلين عن رئاستي الجمهورية والحكومة وقيادة الجيش (مصلحة الهيدروغرافيا) وهيئة إدارة قطاع البترول، وذلك بحسب ما أفاد بيان الرئاسة اللبنانية.

ولم يصدر بعد الجواب النهائي الرسمي اللبناني الذي تنتظره الولايات المتحدة، في ظل اعتراض واضح من جانب بري و"حزب الله" عليه، علماً أنها لم يشاركا في اللجنة التي شكلت، فضلا عن انحياز الجيش اللبناني إلى الوثائق التي بحوزته وتصب كلها بالخط 29 وضرورة توقيع تعديل المرسوم 6433 الذي يضيف 1430 كيلومتراً مربعاً إلى المساحة السابقة 860 كيلومتراً مربعاً.

كما عرض المجتمعون الملاحظات والاستفسارات حول الاقتراح بهدف الوصول إلى موقف موحّد يضمن المحافظة على حقوق لبنان وسيادته الكاملة على حدوده البحرية، مشددين على أن "هذا الملف وطني بامتياز ويجب أن يبقى بعيداً من التجاذبات والمزايدات التي لا طائل منها".

وقال مصدر في قصر بعبدا لـ"العربي الجديد"، شريطة عدم كشف هويته، إن "هناك حرصاً كبيراً على التكتم على أجواء الاجتماع، ولكن الأساس في ما اتفق عليه ضرورة عودة المفاوضات التقنية غير المباشرة مع الجانب الإسرائيلي إلى رأس الناقورة جنوبي البلاد، منتظرين أن يبدي الطرف الأميركي جهوزيته للدعوة إلى التفاوض من جديد، كذلك التأكيد على الدفاع عن حق لبنان بلا زيادة أو نقصان".

وكان الرئيس اللبناني قد أكد في حديث صحافي أن "لا عودة وشيكة إلى الناقورة قبل أن ننهي المتبقي من الخلافات، والطاولة الرئيسية والأولى للتفاوض هي قصر بعبدا"، بما يوحي بتراجع الحماسة اللبنانية للمقترح الأميركي من دون إعلان رفضه، خصوصاً أن لبنان يحتاج إلى الولايات المتحدة في ملف الكهرباء الذي تواصل بدورها المماطلة فيه.

ولفت المصدر إلى تغيير "سيطاول الوفد المفاوض الذي أحيل رئيسه العميد الركن بسام ياسين على التقاعد، وربما يصار إلى إدخال عناصر جدد عليه قد يكونون من التقنيين، ولكن هذا كله سيحدث بالتفاهم بين جميع الأطراف اللبنانية، وهو قيد التشاور".

وكانت السفيرة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا قد سلّمت، مطلع الشهر الجاري، المسؤولين اللبنانيين مقترح هوكشتاين المكتوب بعد زيارته لبنان في فبراير/ شباط الماضي، وذلك لمناقشة المقترح والرد عليه. ويرتكز المقترح على "الخط المتعرج"، وإمكانية الاستثمار المشترك للحقول المشتركة وتالياً تبني الخط 23 حدوداً بحرية للبنان.

وأثار المقترح الأميركي إشكالاً داخلياً، انطلق عسكرياً مع رئيس الوفد اللبناني المفاوض العميد الركن بسام ياسين، الذي أشار إلى أن لبنان تنازل مجاناً عن ثروته النفطية لصالح الاحتلال الإسرائيلي بعدما اعترف الرئيس عون بالخط 23 عقب جولة هوكشتاين، وحقق له ما يريد من خلال تخليه عن الخط 29 الذي كان يتمسّك به خلال جولات التفاوض في رأس الناقورة جنوباً، التي كانت انطلقت في 14 أكتوبر/ تشرين الأول 2020.

التنازل والمقايضة

كما أتى الردّ السياسي من جانب "حزب الله" عبر رئيس كتلته النيابية محمد رعد، الذي قال إن "الأميركي الوسيط في التنقيب جاء إلى لبنان للعب دور الثعلب في قسمة الجبنة بين المتخاصمين، ولكي نتمكن من التنقيب في مياهنا الإقليمية لاستخراج الغاز نسدد بثمنه ديوننا، يقول لك أنت ستحفر بالماء ومن الممكن أن يكون حقل الغاز مشتركاً بينك وبين الإسرائيلي".

وتابع رعد قائلا "سنبقي غازنا مدفوناً في مياهنا إلى أن نستطيع منع الإسرائيلي من أن يمد يده على قطرة ماء من مياهنا".

ووضع الرئيس اللبناني ملف الترسيم ضمن برنامج كتلته "التنمية والتحرير" الانتخابي لعام 2022، مؤكداً على عدم التفريط أو التنازل أو المقايضة أو المساومة بأي كوب ماء أو متر مكعب من الثروات، مع التأكيد على أن اتفاق الإطار يبقى هو الآلية المتاحة لاستكمال التفاوض غير المباشر لإنجاز ترسيم الحدود مع فلسطين المحتلة.

بينما اعتبرت مجموعات مدنية ومتخصصة بالشأن النفطي أن ما يرتكبه المسؤولون في لبنان هو خيانة عظمى بالتخلي عن 1430 كيلومتراً من حقوقه وثروته التي تقدر بمئات مليارات الدولارات.

ونفى الرئيس اللبناني الاتهامات بالتنازل عن حقوق لبنان في الحدود البحرية لصالح الاحتلال الإسرائيلي، لكنه لم يفصح عن تفاصيل النقاشات التي تحصل بذريعة "السرية"، والتي أكد أنها سوف تحفظ حقوق لبنان وثروته الطبيعية، كما تنفي أوساطه ما يقال عن تنازلات قدمها للطرف الأميركي بهدف إزالة العقوبات عن صهره رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، خصوصاً مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية التي من المتوقع أن تكون كتلة باسيل أكثر الكتل خسارة للمقاعد النيابية فيها.

وكانت لافتة صباح اليوم تغريدة أحد مستشاري الرئيس اللبناني النائب السابق أمل أبو زيد، على حسابه عبر "تويتر"، الذي أوضح بأن "الرد اللبناني على اقتراح الوسيط الأميركي حول ترسيم الحدود البحرية محور تشاور رئاسي، وهو لن يطلب مزيداً عن حق لبنان ولن يقبل بأقل من هذا الحق".

وأضاف في تغريدته "أما ربط استجرار الطاقة والغاز إلى لبنان بالموافقة على اقتراح الوسيط فغير جائز كي لا نقول مرفوض ومردود".

المساهمون