لبنان: حراك جديد للبطريرك الماروني لإحداث خرق في الملف الرئاسي

01 يونيو 2023
البطريرك الماروني: لا أحد يحقّ له هدم لبنان (Getty)
+ الخط -

يبدأ البطريرك الماروني بشارة الراعي حراكاً جديداً لإحداث خرقٍ في الملف الرئاسي اللبناني الذي تصدر جولته الفرنسية والإيطالية الأخيرة، مشدداً على ضرورة انتخاب رئيس جديد للبلاد وكفّ السياسيين عن اللعب بمصير اللبنانيين، وذلك في وقتٍ عاد التلويح الخارجي، ولا سيما الأميركي، بفرض عقوبات على معطلي الاستحقاق الرئاسي.

وقال البطريرك الماروني، في سلسلة مواقف أطلقها اليوم الخميس أمام وفد نقابة الصحافة، إن "الفاتيكان وفرنسا طلبا منّي أن أعمل داخلياً مع باقي المكونات، ولمست خلال جولتي ارتياحاً للتوافق المسيحي على اسم مرشّح للرئاسة".

وشدد الراعي على أنه "لا يحقّ لأحدٍ أن يلعبَ بمصير اللبنانيين، والشعب ليس بدجاج ولا بقطيع، ولا أحد يحقّ له هدم لبنان، فأصبحنا مسخرة الدول بسبب بعض السياسيين"، مضيفاً: "على رئيس مجلس النواب الدعوة إلى جلسة قبل شهرين من انتهاء ولاية الرئيس، ولكن نحن نتميّز بمخالفة الدستور".

ولفت البطريرك الراعي إلى أنه طالب، خلال جولته، بمؤتمر دولي بنوده تنفيذ الطائف، تنفيذ قرارات مجلس الأمن، وحلّ قضية اللاجئين الفلسطينيين والسوريين وإعلان حياد لبنان، مشيراً إلى أن التواصل مع رئيس البرلمان نبيه بري هو دائم، ولكن سنتصل به أيضاً للتداول في الملف الرئاسي، كما سنتكلّم مع الجميع من دون استثناء، حتى مع حزب الله، والحراك سيبدأ من اليوم.

والتقى البطريرك الراعي، أول من أمس الثلاثاء، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعدما أنهى جولته الإيطالية، وقد حمل معه رسالة دعم فرنسية للبنان وحثّ على ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية بأسرع وقتٍ ممكن.

وقالت الرئاسة الفرنسية، في بيان، إن ماكرون والراعي عبّرا عن مخاوفهما العميقة بشأن الأزمة التي يعاني منها لبنان وشلل المؤسسات الذي فاقمه شغور سدّة الرئاسة منذ أكثر من سبعة أشهر.

ونقل البيان عن ماكرون تشديده على ضرورة بقاء مسيحيي لبنان في قلب التوازن الطائفي والمؤسسي للدولة اللبنانية.

وقال مصدرٌ مقرّبٌ من الراعي، لـ"العربي الجديد"، إن "لقاء البطريرك الماروني والرئيس الفرنسي كان إيجابياً، وقد لمس جدية في التعاطي الفرنسي مع الاستحقاق الرئاسي اللبناني، وقلقاً جدياً على مصير البلد في حال طال الشغور الرئاسي، المستمرّ منذ 31 أكتوبر/تشرين الأول الماضي".

وأشار المصدر إلى أن "الراعي لم يحاول إقناع الرئيس الفرنسي باسم وزير المال السابق جهاد أزعور (مرشح القوى المعارضة لرئيس تيار المردة سليمان فرنجية، مرشح حزب الله وحركة أمل)، بل وضعه في صورة المستجدات الرئاسية، والنقاشات التي تحصل على جبهتي المعارضة من جهة وحزب الله وحركة أمل من جهة أخرى، وأن المشهد بدأ يتضح أكثر لناحية وجود مرشحين جديين للرئاسة".

ولفت المصدر إلى أن "ماكرون أبدى ارتياحه لحصول تفاهم بين القوى المسيحية على اسم للرئاسة، مؤكداً أن فرنسا لا تتدخل في الأسماء، وهي ستدعم أي مرشح يتوافق عليه اللبنانيون، منبهاً في الوقت نفسه من تداعيات التأخير الاقتصادية على البلاد، وفي مفاقمة معاناة الشعب اللبناني".

كما لفت المصدر إلى أن "الراعي سيضع المسؤولين السياسيين في أجواء لقائه بالرئيس الفرنسي وجولته الإيطالية الفرنسية، وسيكثف الحراك علّه ينتج حلّا رئاسياً، وهناك خطوات عدة قيد الدرس قد يُلجأ إليها، منها جمع القادة المسيحيين إلى طاولة واحدة في بكركي، مقر البطريركية المارونية، للتباحث بالمستجدات، بانتظار إعلان القوى المعارضة رسمياً مرشحها".

على صعيد متصل، أصدر رئيس مجلس النواب نبيه بري بياناً، اليوم الخميس، جدّد فيه التأكيد أن أبواب البرلمان لم ولن تكون موصدة أمام جلسة انتخاب رئيس للجمهورية بحال أعلن عن ترشحين جديين على الأقلّ للرئاسة، وخلاف ذلك من تشويش وتهديد لا يعود بفائدة ولا ينفع، لا سيما مع رئيس المجلس.

مناقشات حول كيفية إعلان ترشيح أزعور

وعلم "العربي الجديد"، من أوساط المعارضة، أن هناك مناقشات تحصل بين الأطراف السياسية المعارضة ومعها "التيار الوطني الحر" برئاسة النائب جبران باسيل، للاتفاق على كيفية إعلان ترشيح وزير المال السابق جهاد أزعور، سواء في المكان والزمان، والأمور بدأت تنضج، ولن تأخذ الكثير من الوقت. 

ولا يزال فريق حزب الله وحركة أمل يعتبر أن ترشيح أزعور غير جدي، وأنه مرشح تحدٍّ الهدف منه فقط مواجهة فرنجية، وهي ذريعة يتمسك بها الثنائي لتبرير عدم دعوة بري إلى جلسة انتخاب، والتي كانت آخرها في يناير/كانون الثاني الماضي، علماً أن سيناريوهات الجلسة التي قد يدعو إليها متعددة، منها تأمين نصاب الدورة الأولى (86 من أصل 128 نائباً) ومن ثم "تطيير" أحد الأطراف الدورة الثانية، في حال عدم تمتع أي منهما بالنصاب المطلوب لانتخاب الرئيس أي 65 نائباً، وهو غير متوفر حالياً سواء لدى فرنجية أو أزعور.

تلويح أميركي بعقوبات على معطلي الاستحقاق الرئاسي

يأتي ذلك في وقتٍ عاد التلويح الأميركي بالعقوبات على المسؤولين عن التعطيل في لبنان، إذ كشفت مساعدة وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى باربرا ليف، الأربعاء، أن إدارة الرئيس جو بايدن تنظر في فرض عقوبات على مسؤولين لبنانيين بسبب فشلهم حتى الساعة في انتخاب رئيس للجمهورية.

في هذا الصدد، قال مصدرٌ دبلوماسيٌّ في السفارة الأميركية في بيروت، لـ"العربي الجديد"، إن "الإدارة الأميركية تترقب الأوضاع في لبنان والتطورات التي تحصل، وتنظر بتفاؤل إلى اتفاق القوى المسيحية على اسم للرئاسة، والعقوبات دائماً مطروحة على الطاولة لمحاسبة المعطلين والمسؤولين عن معاناة الشعب اللبناني وتدهور البلاد اقتصادياً".

وأشار المصدر إلى أن "الموقف الأميركي واضح في الشأن الرئاسي اللبناني الذي يبقى داخلياً، مع ضرورة أن يتمتع أي رئيس جديد للبلاد بمواصفات الرجل الإصلاحي الانقاذي الذي يكافح الفساد، ويقوم بالإصلاحات المطلوبة، لانتشال البلد من الانهيار، فالتأخير لم يعد مقبولاً، يجب انتخاب رئيس وتشكيل حكومة جديدة وعقد اتفاق مع صندوق النقد الدولي، وإلاّ فإن المماطلة ستكون لها تداعيات كبيرة على البلد".

تجدر الإشارة إلى أن التلويح بالعقوبات هو أداة أوروبية أيضاً، يجرى التنبيه منها في الفترة الأخيرة في ظل التأخير في حل الأزمة الرئاسية، مع تحذير من اللجوء اليها في أي لحظة بوجه معطلي الاستحقاق الرئاسي.

المساهمون