لبنان: تحرّك بوجه الحكومة لكشف مصير المعتقلين في السجون السورية

09 ديسمبر 2024
مشاهد من سجن صيدنايا السوري بعد تحريره، 9 ديسمبر 2024 (أمين سنسار/الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تصاعدت المطالبات في لبنان للكشف عن مصير المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية بعد إطلاق سراح مئات السجناء، واجتمع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مع المسؤولين لتشكيل خلية أزمة لمتابعة الملف.
- النائب سامي الجميّل طالب الحكومة بتحديد هويات المحررين وتأمين عودتهم، مشدداً على التنسيق مع المنظمات الدولية وتفعيل الهيئة الوطنية للمفقودين، مع مهلة للرد خلال خمسة عشر يوماً.
- لجنة أهالي المخطوفين دعت لتوخي الحذر في التعامل مع الأسماء المتداولة وتشكيل لجنة طوارئ للتفاوض مع الأطراف السورية لتأمين عودة آمنة للمحررين.

علت الأصوات السياسية والشعبية في لبنان المطالبة باتخاذ الحكومة تدابير عاجلة لمعرفة مصير المعتقلين في السجون السورية، وذلك مع إعلان قوات المعارضة السورية إطلاق سراح مئات السجناء، من بينهم لبنانيون، خصوصاً أنّ لوائح بأسماء محرّرين بدأت تنتشر تتطلّب التدقيق، والتثبت من الهويات، وتأمين، على أثرها، العودة الآمنة لهؤلاء إلى عائلاتهم.

واجتمع رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي مع المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان مساء اليوم الاثنين، وعرض معه الوضع الأمني في البلاد. كما اجتمع مع المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء إلياس البيسري وعرض معه الوضع على المعابر الحدودية. وقرر رئيس الحكومة تشكيل خلية أزمة في موضوع المفقودين والمخفيين قسراً تضم الوزارات والإدارات المعنية، إضافة إلى اللجنة القضائية و"الهيئة الوطنية للمفقودين والمخفيين قسرا"، وذلك بطلب من الهيئة. ووجه الأمين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية كتباً إلى الوزارات والإدارات المعنية بهذا الصدد.

وفي الإطار، وجّه رئيس حزب الكتائب اللبنانية، النائب سامي الجميّل، اليوم الاثنين، سؤالاً خطياً إلى الحكومة اللبنانية حول التدابير العاجلة المطلوبة لمعرفة مصير اللبنانيين المعتقلين والمخفيين قسراً في سورية. وفي رسالته التي وجهها إلى رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، شدد الجميّل على ضرورة تحرك الحكومة اللبنانية بشكل فوري ومكثف، لتحديد مصير اللبنانيين المعتقلين في السجون السورية، والذين يزيد عددهم عن 622 مواطناً لبنانياً، بالإضافة إلى اللبنانيين الذين تم إطلاق سراحهم أخيراً من السجون السورية.

ولفت الجميّل إلى أن هذا الملف الإنساني يكتسب أهمية خاصة بعد الإعلان في 5 ديسمبر/ كانون الأول الحالي عن إطلاق سراح مئات السجناء من السجون السورية، ومن بينهم لبنانيون مخطوفون، مطالباً الحكومة اللبنانية بالتحقق من هوية هؤلاء المحررين والعمل على تأمين عودتهم إلى لبنان. كما أشار إلى أن الدولة اللبنانية ملزمة قانونياً ودستورياً وأخلاقياً بمتابعة قضية المعتقلين اللبنانيين والمخفيين قسراً في سورية، وعدم تركهم في غياهب المجهول بعد عقود من المعاناة، مؤكداً أنّ "هذا الموضوع يتطلب تحركاً عاجلاً من كافة الأجهزة المختصة، بما فيها الأجهزة الأمنية، البعثات الدبلوماسية اللبنانية، الهيئة الوطنية للمفقودين والمخفيين قسراً، والمنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان".

وسأل الجميّل عن التنسيق مع المنظمات الدولية والصليب الأحمر الدولي للمساعدة في الكشف عن مصير المفقودين والمعتقلين، وما هي نتائج هذا التنسيق إن وجد، كما عن الخطة التي وضعتها الحكومة لتفعيل عمل الهيئة الوطنية للمفقودين والمخفيين قسراً في هذا الملف، وما هي الموارد المخصصة لها للقيام بمهامها على أكمل وجه. وأكد الجميّل أن هذا الملف يشكل أولوية إنسانية يجب أن تحظى باهتمام فوري، داعياً الحكومة إلى الرد على هذه الأسئلة ضمن مهلة خمسة عشر يوماً، وإلا فسيضطر إلى تحويل السؤال إلى استجواب وفقاً لأحكام النظام الداخلي لمجلس النواب.

في هذا السياق، قالت مصادر من لجنة أهالي المخطوفين والمفقودين في لبنان لـ"العربي الجديد"، إنّ "القضية قيد المتابعة، وهناك تواصل مع جميع الجهات لمعرفة مصير المعتقلين والتحقق من هويات المحرّرين"، مشيرة إلى أنّ "هناك أسماء وصوراً كثيرة يتم التداول بها، ولكن لا شيء مؤكد حتى الساعة، فهناك عملية ومسار ينبغي المرور به قبل إعلان النتائج، من هنا ضرورة توخي الحذر والتمهّل، لأن الأهالي عادوا بالزمن إلى أكثر من 30 عاماً، ويتمسّكون بأي خيط ومعلومة".

وأشارت المصادر إلى أنّ "المواطن كلود حنا ليشع الخوري الذي يتم التداول باسمه، صحيح أنه من بلدة دير الأحمر، وكان معتقلاً في السجون السورية منذ نحو أربعين عاماً، ولكن لم يتم التثبت بعد أنه صاحب الصورة التي انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ونأمل في التأكد من ذلك في أسرع وقتٍ ممكنٍ". وطالبت المصادر الحكومة اللبنانية والجهات الرسمية باتخاذ الإجراءات الفورية للتأكد من هويات المفرج عنهم من السجون السورية، ومنها سجنا حماة وصيدنايا، وأخذ هذا الملف للمرة الأولى على محمل الجدّ والمسؤولية، بعد سنواتٍ من التغييب والطمس والإهمال، فمعاناة الأهالي لا توصف، واليوم بلغت ذروتها مع آمالٍ عادت إليهم برؤية أبنائهم، بعد أكثر من 30 عاماً من الأسر والاعتقال والمصير المجهول.

وطالبت اللجنة بالمبادرة فوراً إلى تشكيل لجنة طوارئ مشتركة تجمع الجهات الأمنيّة المعنيّة، والقضائية، والهيئة الوطنية للمفقودين والمخفيين قسراً، تكون مهمتها العمل بشكل طارئ على المفاوضات اللازمة مع الأطراف السوريّة (النظام السوري، الجمعيّات غير الحكوميّة والأطراف العسكرية المعارضة للنظام) للتعرّف على هويّات المفرج عنهم، وتأمين ممرّ آمن لعودتهم إلى عائلاتهم في لبنان، واستقبالهم، وتقديم الرعاية الصحية لهم.

وأشارت إلى أن "لوائح لجنة أهالي المخطوفين والمفقودين في لبنان لا تقتصر على المفقودين اللبنانيين، بل تتضمن أيضاً مفقودين من جنسيّات أخرى فُقدوا على الأراضي اللبنانية، وأهاليهم ما زالوا مقيمين في لبنان، وبالتالي الدولة اللبنانية معنية بالكشف عن مصيرهم، لأن الانسانية لا تتجزأ". ودعت كل من لديه أي معلومات أو بيانات جديدة بهذا الخصوص التواصل مع لجنة أهالي المخطوفين والمفقودين في لبنان، والهيئة الوطنية الرسمية للمفقودين والمخفيين قسراً.

من جهته، قال مصدر في الأمن العام اللبناني لـ"العربي الجديد"، إننا نعمل على ملف المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية والأمر يتطلب بعض الوقت، ريثما تتضح الصورة أكثر في سورية، وعلى صعيد الجهات التي سيتم التواصل معها. وكانت المعارضة السورية أعلنت فجر الأحد، الإفراج عن الآلاف من المعتقلين من سجن صيدنايا، شمالي العاصمة دمشق، والذي يُعرف بالمسلخ البشري بحسب وصف منظمة العفو الدولية، ومورست فيه أبشع وأفظع أساليب التعذيب والقمع بحق النساء والأطفال والرجال.

المساهمون