أعلن رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، اليوم الخميس، اتفاق إطار غير نهائي، لكنه "يمثل قاعدة أساسية لرسم الطريق أمام المفاوض اللبناني حول ترسيم الحدود البرية والبحرية في الجنوب مع العدو الإسرائيلي، الذي سيتولّاه الجيش اللبناني بقيادته الكفوءة، وضباطه ذوي الاختصاص، وبرعاية رئيس الجمهورية ميشال عون، وأية حكومة عتيدة"، معلناً انتهاء عمله في الملف الذي بدأه عام 2010، آملاً "التوفيق للبنان والجميع".
وقال بري: "تدرك الولايات المتحدة الأميركية أن حكومتَيْ لبنان وإسرائيل مستعدّتان لترسيم حدودهما البحرية، كما يلي، أولاً، الاستناد إلى التجربة الآلية للثلاثية الموجودة منذ تفاهم نيسان 1996، واليوم قرار مجلس الأمن رقم 1701، التي حققت تقدماً في مجال القرارات حول الخط الأزرق".
وأضاف بري، ثانياً، في ما يخص الحدود البحرية، "سيتم عقد اجتماعات بصورة مستمرّة في مقرّ الأمم المتحدة في الناقورة جنوب لبنان، تحت راية الأمم المتحدة، وستعقد الاجتماعات برعاية فريق المنسق الخاص للأمم المتحدة لشؤون لبنان، أي إن ممثلي الولايات المتحدة والمنسق الخاص مستعدان لإعداد محاضر الاجتماعات بصورة مشتركة، التي ستوقع من قبلهما، وتقدّم إلى إسرائيل ولبنان للتوقيع عليها في نهاية كل اجتماع".
ثالثاً، يقول بري، طُلِب من الولايات المتحدة من قبل الطرفين الإسرائيلي واللبناني أن تعمل "كوسيطٍ مسهّل لترسيم الحدود البحرية الإسرائيلية، وهي جاهزة لذلك".
رابعاً، حين يتمّ التوافق على الترسيم، في نهاية المطاف، سيصار إلى "إيداع اتفاق ترسيم الحدود البحرية لدى الأمم المتحدة عملاً بالقانون الدولي والمعاهدات والممارسات الدولية ذات الصلة".
خامساً، عند التوصل إلى اتفاقيات في المناقشات بشأن الحدود البرية والبحرية سيتم تنفيذها وفقاً للتالي: "51 مثل الألف، على الحدود البرية في ما يتعلق بالخط الأزرق بعد التوقيع من قبل لبنان وإسرائيل واليونيفيل. 52 – ب، على الحدود البرية، استناداً إلى الحد البحري للمناطق الاقتصادية الخاصة للأطراف المعنية. وسوف يتم إخراج المناقشات للمحادثات المتفق عليها للبنان وإسرائيل لتوقيعها وتنفيذها".
سادساً، يختم بري النقاط: "تعتزم الولايات المتحدة بذل قصارى جهودها للمساعدة في تأسيس جو إيجابي وبنّاء مع الطرفين والمحافظة عليه لإدارة المفاوضات واختتامها بنجاح في أسرع وقت ممكن".
وقال بري، في بداية مؤتمره الصحافي الذي عقده في مقرّه بعين التينة، إنّه إثر التأكد من وجود غاز ونفط في الحدود البحرية، طالبت عام 2010 من الأمم المتحدة وأمينها العام بان كي مون بترسيم الحدود البحرية ورسم خط أبيض في البحر المتوسط الأزرق، وإثر تمنّعها، وطلبها مساعدة الولايات المتحدة، بادرت شخصياً لطلب المساعدة.
وأضاف: "تناوب على الملف، من الجانب الأميركي، 3 سفراء أميركيين، منذ عام 2011 إلى عام 2019، وأخيراً مساعد وزير الخارجية الأميركي ديفيد شنكر عام 2020"، مشيراً إلى أنّ "زيارة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو عام 2019 للبنان ولقاءنا أعادا الملف إلى طاولة البحث بعدما تعطّل لفترة طويلة، والمبادرة التي يتمسّك بها لبنان لوضع إطار المفاوضات هي تفاهم نيسان المشار إليه، وقرار مجلس الأمن 1701، على أن تكون الاجتماعات في الناقورة مقرّ الأمم المتحدة وبرعايتها، وتحت علمها، وتلازم المسارين برّاً وبحراً، بحيث لا ينفذ أي محضر براً أو بحراً إلّا بتوقيع الأطراف، وخاصة الطرف اللبناني".
وفي معرض ردّه على أسئلة الصحافيين، قال بري: "إذا نجح الترسيم، ووُفِّق الجيش ولبنان، خصوصاً بالنسبة إلى البلوك 8 و9، فهناك مجال كبير أن يكون أحد أسباب سداد ديوننا"، مشيراً إلى أنّ الاتفاق حصل في 9 يوليو/ تموز 2020، أما العقوبات الأميركية على وزير المال السابق (ينتمي الى حركة أمل يتزعمها بري)، والوزير يوسف فنيانوس (ينتمي إلى تيار المردة بزعامة سليمان فرنجية)، فقد أتت لاحقاً، في 8 سبتمبر/أيلول الماضي، ولا علاقة لها في ملف ترسيم الحدود".
بري: "إذا نجح الترسيم، ووُفِّق الجيش ولبنان، خصوصاً بالنسبة إلى البلوك 8 و9، فهناك مجال كبير أن يكون أحد أسباب سداد ديوننا"
وأضاف، في سياق الردّ: "مساقبة إنو أنا بري ما بحلاش عالرّص، وعلي حسن خليل بعد العقوبات الأميركية بات أقرب اليّ من قبل فرضها".
وحول توقيت الاتفاق ربطاً باتفاقيات السلام التي يجريها بعض الدول العربية مع العدو الإسرائيلي، قال بري إنّ الاتفاق عمل عليه منذ عقد من الزمن، أي قبل توجهات العرب، و"نحن في لبنان موقفنا واضح وجميعنا متفقون على مبادئنا"، مشيراً إلى أنّ "التأخير حصل حتى بعد التلزيم، الذي كان من المفترض أن يحصل السنة الماضية، وعدم الوصول إلى اتفاق الإطار الذي نعلنه اليوم كان من أسباب حصول تأخير في بدء شركة توتال الفرنسية بالتنقيب عن النفط، والذي من المفترض أن تبدأ به قبل نهاية العام الحالي".
وأعلن رئيس البرلمان اللبناني أنه تمنّى على الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عندما زار لبنان، أن يتحدّث مع "توتال" ويطلب منها ألا تتأخر دقيقة واحدة، حيث إن هذا التفاهم يساعد على البدء، فهي بعيدة 25 كلم عن الحد الذي تزعمه إسرائيل، مشدداً على أن "حقنا سنأخذه، ولا نريد أكثر منه".
وختم بري مؤتمره بالقول: "لبنان عمره 6000 سنة، وما يزال بمرحلة التأسيس".
ترحيب واشنطن واليونيفيل
إلى ذلك، رحبت وزارة الخارجية الأميركية، في بيان، بقرار حكومتي لبنان وإسرائيل ببدء مناقشات حول ترسيم الحدود البحرية، وهذه الاتفاقية التاريخية بين الطرفين توسطت فيها الولايات المتحدة، و"هي نتيجة ما يقارب 3 سنوات من المشاركة الدبلوماسية الأميركية المكثفة" من قبل السفير الأميركي السابق ديفيد ساترفيلد، ومساعد وزير الخارجية الأميركية ديفيد شنكر.
وأشارت وزارة الخارجية الأميركية إلى أنّ "هذا الاتفاق من شأنه أن يؤدي إلى مزيدٍ من الاستقرار والأمن والازدهار للمواطنين اللبنانيين والإسرائيليين على حد سواء"، لافتة إلى أنّ "إعلان اليوم هو خطوة حيوية إلى الأمام، تخدم مصالح لبنان وإسرائيل والمنطقة، والولايات المتحدة".
وأضافت: "طلب كل من البلدين أن تشارك الولايات المتحدة كوسيطٍ وميسّر في المناقشات البحرية، ونحن نتطلع إلى بدء المناقشات قريباً، والتي ستعقد في الناقورة، جنوب لبنان تحت علم الأمم المتحدة، ويستضيفها موظفو مكتب منسق الأمم المتحدة الخاص بالشؤون اللبنانية".
وختم بيان الخارجية الأميركية أنه "إدراكاً للتجربة الإيجابية للآلية الثلاثية، تتطلع الولايات المتحدة أيضاً إلى إجراء محادثات منفصلة على مستوى الخبراء لتحديد القضايا العالقة المتعلقة بالخط الأزرق، والتي تعدّ خطوة إيجابية أخرى لتحقيق الاستقرار الإقليمي".
ومن المتوقع أن يزور ديفيد شنكر لبنان قريباً، لاستكمال المفاوضات بشأن ملف ترسيم الحدود، وهو قد زار لبنان قبل فترة، لكن لقاءاته اقتصرت على المجتمع المدني والنواب الذين استقالوا.
وقد لمّحت مصادر أميركية بحديث لـ"العربي الجديد" إلى أنّ أي زيارة مقبلة لشنكر للبنان "لن تحدث إلا إذا حصل اتفاق بشأن ترسيم الحدود".
من جانبها، رحّبت قيادة اليونيفيل في الناقورة باتفاق الإطار لإطلاق المفاوضات بين لبنان وإسرائيل حول ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، معلنةً أنها على استعداد لتقديم كل الدعم للأطراف وتسهيل الجهود لحلّ هذه المسألة.
وقالت في بيان، إنّ اليونيفيل، وفي إطار قرار مجلس الأمن الدولي 1701، تدعم أي اتفاق بين البلدين، بما يعزز الثقة ويحفز الأطراف على الالتزام مجدداً باحترام الخط الأزرق وعملية ترسيم الحدود الأوسع.