لبنان: استقالة قرداحي تعبّد طريق التفاهمات "الداخلية" والبديل جاهز

03 ديسمبر 2021
أحدثت تصريحات قرداحي أزمة دبلوماسية مع دول الخليج (حسين بيضون)
+ الخط -

حسم وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي قراره، واختار الاستقالة اليوم الجمعة، بعد 38 يوماً على الأزمة التي أحدثتها تصريحاته حول حرب اليمن، والتي سحبت إثرها بعض الدول الخليجية سفراءها من لبنان، وعلى رأسها السعودية، التي استدعت في 27 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، سفير الجمهورية اللبنانية لدى المملكة فوزي كبارة لتسليمه مذكرة احتجاج رسمية.

وتأتي خطوة قرداحي بناءً على تمنّي رئيس الوزراء نجيب ميقاتي الذي التقاه يوم الأربعاء، وتحدث له عن وجود ضمانات فرنسية بالتدخل على خطّ الأزمة، في إطار جولة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الخليجية، ولا سيما السعودية، التي سيلتقي خلالها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وهو ملف تابعه باستمرار ميقاتي مع ماكرون، وتطرق فيه مباشرة إليه عند لقائهما مطلع نوفمبر/تشرين الثاني الماضي في باريس، كما حلّ "ضيفاً" على مجمل لقاءاته حتى مع البابا فرنسيس في الفاتيكان أخيراً.

بديل قرداحي جاهز

وبدأ "تيار المردة" برئاسة سليمان فرنجية، الذي أعطى موافقة ضمنية على استقالة قرداحي، باختيار البديل، مع العلم أنه كان رفض في بداية الأزمة تسمية أي شخصية في حال قدم وزير الإعلام المحسوب عليه استقالته، وسيتولى وزير التربية عباس الحلبي الوزارة بالوكالة، إلى حين اختيار البديل.

ويؤكد المحلل والكاتب السياسي جوني منيّر، لـ"العربي الجديد"، أنّ الاسم البديل جاهز ومحضَّر منذ فترة، إلى حين إعلان قرداحي استقالته.

وحول توقيت استقالة قرداحي، يقول منيّر: "التوقيت حتماً يخبئ تفاهمات حصلت خلف الكواليس، تضمّنت كل المسائل الخلافية، وتشمل ملف التحقيق في انفجار مرفأ بيروت، وانتخابات المغتربين، والطعن الذي تقدّم به تكتل لبنان القوي (برئاسة النائب جبران باسيل صهر رئيس الجمهورية) حول التعديلات التي طرأت على القانون الانتخابي"، بعد الاعتراض الذي أبداه "التيار الوطني الحر" برئاسة باسيل على تقديم موعد الانتخابات النيابية من مايو/أيار 2022، إلى مارس/آذار.

ويشير منيّر إلى أنّ "ضغط ماكرون لوحده لا يحل الأزمة اللبنانية، حيث إنّ عودة مجلس الوزراء للانعقاد لطالما ارتبطت بملف التحقيق في قضية انفجار المرفأ، ويبدو أنّ الطريق تبدأ باستقالة قرداحي الذي انتقل حلفاؤه من جبهة غير المشجعين لها، إلى تاركي القرار له".

ويلفت الكاتب السياسي إلى أنّ "الاستقالة قد لا تعيد الأمور إلى ما كانت عليه بين لبنان والسعودية، ولا نعرف ما بيد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ولكنها ستسمح له بوضع الملف على الطاولة السعودية، وتمنع حتماً التصعيد".

هل تعود الحكومة اللبنانية للاجتماع؟

ويكتفي مصدر في "حزب الله" بالقول لـ"العربي الجديد"، إنّ "استقالة قرداحي تبقى تفصيلاً على الصعيد الحكومي، والأساس تصحيح المسار القضائي لملف انفجار مرفأ بيروت، إذ من دون تطبيق الأصول الدستورية وإحالة الرؤساء والوزراء على المرجع الصالح، لا عودة لمجلس الوزراء غير المنعقد منذ ما يقارب الشهرين".

ولم يجتمع مجلس الوزراء منذ 12 أكتوبر/تشرين الأول، حيث يقاطع الجلسات الوزراء المحسوبون على "حزب الله" و"حركة أمل" وفريقهما، للمطالبة بكف يد المحقق العدلي في واقعة انفجار مرفأ بيروت، طارق البيطار، احتجاجاً على استدعاء وزراء ومسؤولين محسوبين عليها إلى التحقيق.

من جهته، يلفت المحامي فاروق المغربي (أحد محامي الادعاء عن الضحايا الأجانب بانفجار المرفأ) لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "القاضي (البيطار) غير قابل للعزل ولا يمكن تغييره بهذه الطرق التي تعمد إليها السلطة السياسية، بل فقط بالأطر القانونية وعبر المحكمة، سواء بالردّ أو النقل كما حدث مع المحقق العدلي السابق القاضي فادي صوان"، هذا من وجهة النظر القانونية، "بيد أننا لا نعرف ماذا يحضّر مجلس النواب"، يقول المغربي.

وقررت السعودية في 29 أكتوبر/تشرين الأول سحب سفيرها من لبنان، ووقف كلّ الواردات اللبنانية إلى أراضيها، مؤكدةً في المقابل أنّ ما يصدر عن السلطات اللبنانية لا يعبّر عن مواقف الجالية اللبنانية المقيمة في السعودية.

وانضمت الكويت والبحرين والإمارات إلى السعودية في الإجراءات التي اتخذت بحق لبنان على خلفية تصريحات وزير الإعلام، الأمر الذي انعكس على الداخل اللبناني اقتصادياً وزراعياً وصناعياً وعلى مختلف القطاعات.

وتدخلت دول خارجية أوروبية وعربية لحلّ الأزمة اللبنانية الخليجية، بيد أنها لم تترجم بتحرك لبناني ملموس. وكان الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية السفير حسام زكي قد جال على المسؤولين اللبنانيين، في 8 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، لكنه لم يحصل على ضمانة نهائية باستقالة قرداحي، علماً أنّ زكي أكد في أكثر من موقف أن هذه الخطوة مهمة ومن شأنها أن تؤدي إلى نزع فتيل الأزمة.

ويُعدّ قرداحي ثاني وزير في لبنان يستقيل في سنة واحدة بسبب تصريحات تعتبرها السعودية "مسيئة" بحقها، وكان سبقه إلى خطوة شبيهة لكن "سريعة"، وزير الخارجية شربل وهبة في حكومة حسان دياب في مايو/أيار الماضي، ما ساهم يومها بتهدئة الأجواء بعض الشيء في علاقة تُعدّ فاترة جداً بين البلدين منذ سنوات لأسباب متصلة بـ"حزب الله"، الذي تصنّفه المملكة منظمة إرهابية، وتتهمه بتصدير آفة المخدرات إلى أراضيها، وكذلك توفير الدعم والتدريب للحوثيين في اليمن، والعمل لخدمة الأجندة الإيرانية، وبأنه الحاكم في لبنان.

المساهمون