تتواصل الانتفاضة الفلسطينية بطابع شعبي، وسط استبعاد أي إمكانية لعسكرتها حالياً، في وقت بات فيه الاحتلال الإسرائيلي يستخدم أي مبرر لإطلاق النار على الفلسطينيين وقتلهم. يوم أمس، لم يكن مغايراً لمسلسل عمليات القتل التي يقوم بها جيش الاحتلال ومستوطنوه، إذ سقط شهداء جدد وأصيب آخرون في أماكن مختلفة من الضفة والقدس المحتلتين.
وفيما تأخذ الانتفاضة طابعاً شعبياً، حتى الساعة، يرى مراقبون ألا إمكانية لعسكرتها، بسبب تفكيك فصائل المقاومة وضرب عصبها على مدار سنوات طويلة من الاحتلال والسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية. ويعتبر هؤلاء أن الاحتلال وأجهزة السلطة الفلسطينية نجحا، خلال السنوات الماضية، في تفكيك أي عمل عسكري وتنظيمي جذري، عبر المراقبة المكثفة والاعتقالات وتجفيف مصادر الأموال وتحديداً لحركتي" حماس" و"الجهاد الإسلامي"، وأن ما نجا من عملية التفكيك والحرق المنظّمة لأي أرض خصبة للعسكرة، بات فردياً إلى أبعد حد، وغير قادر على قيادة دفة الهبة الحالية نحو العسكرة.
اقرأ أيضاً مروان البرغوثي: الجيل الجديد تجاوز الانقسام وتحرك لتنفيذ واجبه
يؤكد أحد كوادر "حماس" لـ"العربي الجديد"، أن "هناك تخوّفاً من الانجرار وراء حالة الغليان الحالية، التي من غير المعروف إن كانت ستستمر أم لا، ومجرد المشاركة فيها بفاعلية، الآن، يُعتبر تسرّعاً، وكشفاً للحركة وعناصرها الذين سيكونون هدفاً سهلاً للملاحقة من الاحتلال والسلطة بعد أن تهدأ الأمور".
ولا يمكن بأي حال تجاوز أمر هام، هو أن الهبات الشعبية وحالة الغليان في الشارع الفلسطيني وما ينتج عنها من انتقام للاحتلال، عادة ما تأتي بعد تنفيذ "حماس" عمليات عسكرية نوعية ضد أهداف الاحتلال على منوال خطف المستوطنين الثلاثة، في الخليل العام الماضي، أو قنص مستوطن وزوجته، مطلع الشهر الحالي، شرق نابلس، حيث بدأت حالة الغليان واتسعت رقعة المواجهات ضد الاحتلال ومستوطنيه منذ ذلك الحين.
ويرى المحلل والمختص في الشأن الإسرائيلي، فراس جرار، أنه "لا توجد أي احتمالية لعسكرة فعلية على منوال الحالة العامة التي شهدتها انتفاضة الأقصى الثانية، فضلاً عن أن التنظيمات الفلسطينية الأخرى، التي تؤمن بالعسكرة، ليس لديها رغبة حالياً في العسكرة". ويقول جرار في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إن "السلطة الفلسطينية قامت بتفكيك قدرات حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، خلال السنوات الماضية في الضفة، فضلاً عن أن هذه الحركات لا ترغب في الإسراع في العسكرة حتى لا تكون ضحية لاحقاً".
وعلى الرغم من سقوط احتمال "العسكرة" كحالة عامة تتبناها الفصائل وتحديداً "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، يبقى احتمال الخلايا السرية الأكثر نجاعة، على منوال خلية "سلواد" و"بيت فوريك" التي أسقطت قتلى بين المستوطنين.
ويقول جرار، إن "احتمال وجود الخلايا السرية أكبر سواء في ظل الانتفاضة أم لا، لأنها قائمة على أفراد أو خلايا صغيرة يملكون سلاحاً يستخدمونه مرة واحدة أو مرتين على أقصى حد، وهذه احتمالية واردة دوماً، وما نشاهده من عمليات طعن متلاحقة قد تكون شكلاً من هذه الأشكال، فهناك شخص مستعد لتنفيذ عمل مقاوم، لكنه لا يمتلك السلاح فاستعان بالسلاح الأبيض".
اقرأ أيضاً: الاحتلال يستهدف مقوّمات انتفاضة الداخل... والسلطة تشاركه جهود "التهدئة"
ولعل اجتماع الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، مساء الأحد، مع مسؤولي حركة "فتح" في الضفة الغربية، في مقر الرئاسة برام الله، يأتي من باب شد المكابح، إذ أكد لهم "أن التصعيد مرفوض، والسلمية خط أحمر ممنوع تجاوزها"، حسب مصادر فتحاوية. وفيما يؤكد عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح"، جمال المحيسن، لـ"العربي الجديد" أن حركة "فتح" من تقود الهبة الجماهيرية والشارع الفلسطيني اليوم"، إلا أنها لن تتبنى العسكرة بأي حال من الأحوال.
ويقول المحيسن إن "حركة فتح هي من تقود الشارع، ونريد أن نكون حذرين بعدم إطلاق الرصاص، حتى لا يتم جر الوضع إلى ما يريده هذا الفصيل أو ذاك"، لافتاً إلى "أننا لا نريد لإسرائيل أن تجرّنا إلى المربع الذي تتفوّق علينا فيه". ويضيف: "نريد تصعيد الهبّة الشعبية لتصل إلى مرحلة الانتفاضة، لكن انتفاضة غير معسكرة، أي غير مسلحة، فنحن نسعى لانتفاضة على نمط الانتفاضة الأولى عام 1987، عبر عصيان مدني وإغلاق للشوارع واستخدام كل وسائل المقاومة الشعبية، وإغلاق الطرق بالوسائل البسيطة بوضع المسامير والزيت وهي وسائل مكلفة للاحتلال".
ويلفت المحيسن إلى "أننا جربنا عام 2002 حين بدأت المقاومة شعبية، وعندما دخلت حركة حماس على الخط دفعت السلطة الوطنية الثمن، وحماس استغلت الوضع وسيطرت على قطاع غزة".
لكن "فتح" الرسمية، هي غير "فتح" في الشارع الفلسطيني، بل إن المراقب يعلم أن هناك أكثر من طيف للحركة، فعلى سبيل المثال "فتح" في جنين ما زالت تحتفظ بالسلاح وتشارك في صد اقتحامات المخيم، وفي سياق مختلف هناك تسّلح بارز بين أنصار حركة "فتح" في الكثير من الأراضي الفلسطينية، تغض السلطة الفلسطينية النظر عنه، فيما تلاحق أي سلاح آخر.
وبعيداً عن هذه المجموعات، هناك عناصر في حركة "فتح" ما زالت تؤمن بالمقاومة المسلحة، لكنها إما قيد الاعتقال لدى الاحتلال، أو السلطة الفلسطينية، أو تعمل بصمت في انتظار الوقت المناسب.
ويرى قدورة فارس، وهو أحد كوادر حركة "فتح"، أن "الحركة تعيش حالة من انفصام الشخصية، بين الفكرة التي يؤمن بها السواد الأعظم من "فتح" وبين اضطرابات السياسة والأكاذيب والأوهام التي صُدّرت لنا". ويؤكد أن "الأمور في نهاية المطاف ستعود لأصولها بالضرورة، وحركة فتح حركة مناضلة من أجل الحرية والاستقلال، وهذه صورتها، ويجب أن تتصرف قيادتها في ضوء الحقيقة وإلا تفقد الحركة سبب وجودها، لأن هناك حالة من الاغتراب في الحركة، وصلت الميدان، هناك اغتراب ما بين الدور الذي يجب أن نقوم به وما بين معطيات السياسة وما رتبته علينا من التزامات".
ويرى أنه "كي تتحرر "فتح" من الاغتراب، فالمطلوب أن نتعامل على ضوء الاستنتاجات على أرض الواقع التي أثبتت أن اتفاق "أوسلو" سحق بأحذية المستوطنين وجنود الاحتلال، وانقلب عليها نتنياهو وأجهزته، لذلك يجب ألا نتعامل مع أوهام، إذا التزموا نلتزم، فالاحتلال لم يلتزم يوماً، والمطلوب، الآن، أن نكون واقعيين ونتصرف في ضوء ما يحدث على الأرض".
اقرأ أيضاً: الشهيد أحمد شراكة.. غابت "شقاوة" الطفولة
وفيما تأخذ الانتفاضة طابعاً شعبياً، حتى الساعة، يرى مراقبون ألا إمكانية لعسكرتها، بسبب تفكيك فصائل المقاومة وضرب عصبها على مدار سنوات طويلة من الاحتلال والسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية. ويعتبر هؤلاء أن الاحتلال وأجهزة السلطة الفلسطينية نجحا، خلال السنوات الماضية، في تفكيك أي عمل عسكري وتنظيمي جذري، عبر المراقبة المكثفة والاعتقالات وتجفيف مصادر الأموال وتحديداً لحركتي" حماس" و"الجهاد الإسلامي"، وأن ما نجا من عملية التفكيك والحرق المنظّمة لأي أرض خصبة للعسكرة، بات فردياً إلى أبعد حد، وغير قادر على قيادة دفة الهبة الحالية نحو العسكرة.
اقرأ أيضاً مروان البرغوثي: الجيل الجديد تجاوز الانقسام وتحرك لتنفيذ واجبه
ولا يمكن بأي حال تجاوز أمر هام، هو أن الهبات الشعبية وحالة الغليان في الشارع الفلسطيني وما ينتج عنها من انتقام للاحتلال، عادة ما تأتي بعد تنفيذ "حماس" عمليات عسكرية نوعية ضد أهداف الاحتلال على منوال خطف المستوطنين الثلاثة، في الخليل العام الماضي، أو قنص مستوطن وزوجته، مطلع الشهر الحالي، شرق نابلس، حيث بدأت حالة الغليان واتسعت رقعة المواجهات ضد الاحتلال ومستوطنيه منذ ذلك الحين.
ويرى المحلل والمختص في الشأن الإسرائيلي، فراس جرار، أنه "لا توجد أي احتمالية لعسكرة فعلية على منوال الحالة العامة التي شهدتها انتفاضة الأقصى الثانية، فضلاً عن أن التنظيمات الفلسطينية الأخرى، التي تؤمن بالعسكرة، ليس لديها رغبة حالياً في العسكرة". ويقول جرار في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إن "السلطة الفلسطينية قامت بتفكيك قدرات حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، خلال السنوات الماضية في الضفة، فضلاً عن أن هذه الحركات لا ترغب في الإسراع في العسكرة حتى لا تكون ضحية لاحقاً".
وعلى الرغم من سقوط احتمال "العسكرة" كحالة عامة تتبناها الفصائل وتحديداً "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، يبقى احتمال الخلايا السرية الأكثر نجاعة، على منوال خلية "سلواد" و"بيت فوريك" التي أسقطت قتلى بين المستوطنين.
ويقول جرار، إن "احتمال وجود الخلايا السرية أكبر سواء في ظل الانتفاضة أم لا، لأنها قائمة على أفراد أو خلايا صغيرة يملكون سلاحاً يستخدمونه مرة واحدة أو مرتين على أقصى حد، وهذه احتمالية واردة دوماً، وما نشاهده من عمليات طعن متلاحقة قد تكون شكلاً من هذه الأشكال، فهناك شخص مستعد لتنفيذ عمل مقاوم، لكنه لا يمتلك السلاح فاستعان بالسلاح الأبيض".
اقرأ أيضاً: الاحتلال يستهدف مقوّمات انتفاضة الداخل... والسلطة تشاركه جهود "التهدئة"
ويقول المحيسن إن "حركة فتح هي من تقود الشارع، ونريد أن نكون حذرين بعدم إطلاق الرصاص، حتى لا يتم جر الوضع إلى ما يريده هذا الفصيل أو ذاك"، لافتاً إلى "أننا لا نريد لإسرائيل أن تجرّنا إلى المربع الذي تتفوّق علينا فيه". ويضيف: "نريد تصعيد الهبّة الشعبية لتصل إلى مرحلة الانتفاضة، لكن انتفاضة غير معسكرة، أي غير مسلحة، فنحن نسعى لانتفاضة على نمط الانتفاضة الأولى عام 1987، عبر عصيان مدني وإغلاق للشوارع واستخدام كل وسائل المقاومة الشعبية، وإغلاق الطرق بالوسائل البسيطة بوضع المسامير والزيت وهي وسائل مكلفة للاحتلال".
ويلفت المحيسن إلى "أننا جربنا عام 2002 حين بدأت المقاومة شعبية، وعندما دخلت حركة حماس على الخط دفعت السلطة الوطنية الثمن، وحماس استغلت الوضع وسيطرت على قطاع غزة".
لكن "فتح" الرسمية، هي غير "فتح" في الشارع الفلسطيني، بل إن المراقب يعلم أن هناك أكثر من طيف للحركة، فعلى سبيل المثال "فتح" في جنين ما زالت تحتفظ بالسلاح وتشارك في صد اقتحامات المخيم، وفي سياق مختلف هناك تسّلح بارز بين أنصار حركة "فتح" في الكثير من الأراضي الفلسطينية، تغض السلطة الفلسطينية النظر عنه، فيما تلاحق أي سلاح آخر.
وبعيداً عن هذه المجموعات، هناك عناصر في حركة "فتح" ما زالت تؤمن بالمقاومة المسلحة، لكنها إما قيد الاعتقال لدى الاحتلال، أو السلطة الفلسطينية، أو تعمل بصمت في انتظار الوقت المناسب.
ويرى قدورة فارس، وهو أحد كوادر حركة "فتح"، أن "الحركة تعيش حالة من انفصام الشخصية، بين الفكرة التي يؤمن بها السواد الأعظم من "فتح" وبين اضطرابات السياسة والأكاذيب والأوهام التي صُدّرت لنا". ويؤكد أن "الأمور في نهاية المطاف ستعود لأصولها بالضرورة، وحركة فتح حركة مناضلة من أجل الحرية والاستقلال، وهذه صورتها، ويجب أن تتصرف قيادتها في ضوء الحقيقة وإلا تفقد الحركة سبب وجودها، لأن هناك حالة من الاغتراب في الحركة، وصلت الميدان، هناك اغتراب ما بين الدور الذي يجب أن نقوم به وما بين معطيات السياسة وما رتبته علينا من التزامات".
ويرى أنه "كي تتحرر "فتح" من الاغتراب، فالمطلوب أن نتعامل على ضوء الاستنتاجات على أرض الواقع التي أثبتت أن اتفاق "أوسلو" سحق بأحذية المستوطنين وجنود الاحتلال، وانقلب عليها نتنياهو وأجهزته، لذلك يجب ألا نتعامل مع أوهام، إذا التزموا نلتزم، فالاحتلال لم يلتزم يوماً، والمطلوب، الآن، أن نكون واقعيين ونتصرف في ضوء ما يحدث على الأرض".
اقرأ أيضاً: الشهيد أحمد شراكة.. غابت "شقاوة" الطفولة