استمع إلى الملخص
- الحكومة العراقية بقيادة محمد شياع السوداني طلبت إنهاء ولاية "يونامي"، مؤكدة على تحقيق تقدم واستقرار وأهمية التعاون مع وكالات دولية أخرى، فيما تحذر أصوات معارضة من تقوية الفصائل المسلحة والمليشيات.
- جينين بلاسخارت، رئيسة البعثة، أشارت في إحاطتها الأخيرة إلى الدعم الدولي للحكومة العراقية وأهمية مكافحة الفساد وتعزيز الديمقراطية، مؤكدة على التقدم الذي أحرزه العراق في هذه المجالات.
مثَّل قرار مجلس الأمن إنهاء بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق "يونامي"، الموجودة في البلاد منذ أكثر من 20 عاماً، صدمة بالنسبة للناشطين والحقوقيين وفواعل المجتمع المدني في البلاد، لا سيما أنهم يشعرون بحاجة ملحة لاستمرار عملها، خصوصاً مع عدم انتهاء الأزمات المرتبطة بالاضطرابات السياسية والأمنية والإنسانية، فضلاً عن قضايا الحريات والانتهاكات واللجوء، في حين أن الحكومة والأحزاب الداعمة لها، تقول إنها حققت نصراً بهذا القرار.
وقرّر مجلس الأمن بالإجماع، الجمعة، بناءً على طلب بغداد، سحب بعثته الأممية من العراق نهاية 2025، وفيما تقول بغداد إن هذه الخطوة هي اعتراف أممي باستقرار العراق، لكن مراقبين وأعضاء من مجلس النواب، أكدوا أن انسحاب البعثة، يعني تفشي السلاح وتقويته لدى الفصائل المسلحة والمليشيات على حساب أمن واستقرار وطموحات العراقيين.
وكان رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني قد تحدث عبر رسالة إلى مجلس الأمن الدولي مطلع مايو/أيار الماضي، عن "تطورات إيجابية ونجاحات"، طالباً إنهاء مهمة البعثة الأممية. وجاء في رسالة السوداني: "أوضحنا للفريق (الأممي) موقف الحكومة العراقية بشأن عدم الحاجة لاستمرار بعثة يونامي، مع التأكيد على أهمية التعاون مع الوكالات الدولية المتخصصة العاملة في العراق، والبالغة 22 وكالة دولية، وفق آلية المنسق المقيم. توصلنا إلى نتيجة بعدم الحاجة لاستمرار البعثة الأممية في العراق، وندعو إلى إنهاء ولايتها بشكل نهائي بتاريخ 31 ديسمبر/ كانون الأول 2025".
في السياق، اعتبر المستشار السياسي لدى الحكومة العراقية، فادي الشمري، أن العراق حقّق إنجازاً تاريخياً في إنهاء بعثة الأمم المتحدة "يونامي" من خلال تصويت مجلس الأمن الدولي، مؤكداً في تصريح نقلته وكالة الأنباء العراقية الرسمية، أن "هذا القرار يأتي بفضل الجهود الحثيثة والرؤية الاستراتيجية للحكومة العراقية، التي سعت جاهدةً لتحقيق السيادة الوطنية وتعزيز الاستقلالية للعراق، وأنه يمثل نتيجة للتنسيق المثمر بين العراق والأمم المتحدة، ويعكس تطلعات الشعب العراقي نحو مستقبل يزدهر بالتنمية والثورة العمرانية والتطور في المجالات كافة".
وحظي توجه الحكومة بطلب إنهاء البعثة، بدعم غير محدود من تحالف "قوى الإطار التنسيقي"، الذي يمثل الكيان السياسي الأكثر دعماً وإسناداً لحكومة السوداني، في حين أن مطالبات الأحزاب السنية مثل حزب "الحل" الذي دعا إلى التريث في إنهاء وجود البعثة الأممية، والأحزاب السنية الخمسة الرئيسة في إقليم كردستان، التي قالت مجتمعة إنها تقف بالضد من قرار إنهاء دور "يونامي"، لم تلق اهتماماً واقعياً من مجلس الأمن الذي تعامل مع الموقف الحكومي الرسمي فقط.
وقال عضو تحالف "الإطار التنسيقي" النائب في البرلمان محمد الصيهود، إن "العراق تغلب على معظم التحديات التي واجهته خلال العقدين الماضيين، ولم يعد هناك حاجة لوجود البعثة، كما أن معظم الأسباب التي كانت تؤدي إلى أهمية يونامي أمست غير موجودة، وبشهادة رئيسة البعثة جينين بلاسخارت التي انتهت ولايتها مؤخراً، فإن العراق يحقق تقدماً واستقراراً"، مؤكداً لـ"العربي الجديد"، أن "العراق يسيطر على سيادته، وهو يتقدم في علاقاته الخارجية، كما أن الحكومة تمكنت من تحقيق الاستقرار الكافي لأجل تطبيق جميع الممارسات الديمقراطية، وهذا ما يعرفه مجلس الأمن الدولي الذي اتخذ قراره بناءً على الوضع العراقي الجديد".
لكن النائب المستقل في مجلس النواب العراقي سجاد سالم، أشار إلى أن "العراق لا يزال بحاجة لبعثة يونامي، كونها تمثل حالة حقيقية لضمان متابعة ومراقبة أحداث العراق، والمشكلات التي تحدث فيه، ونقلها إلى المجتمع الدولي، بالإضافة إلى المساعدة في مجالات الإغاثة وتمكين الشرائح المهمشة ودعم منظمات المجتمع المدني، لكن هناك وجهة نظر سياسية لا تريد أن يستمر دورها، لأسباب كثيرة، لعل أبرزها أن خروج يونامي يمثل انتصاراً للمليشيات"، معتبراً في اتصال مع "العربي الجديد"، أن "المليشيات ستجد راحة أكثر في ظل غياب يونامي، كما أن مؤشرات الديمقراطية ستتراجع، ناهيك عن مشاكل سنواجها في الحريات والممارسات السياسية المدنية لصالح القوى التي تملك السلطة والسلاح".
وركزت رئيسة يونامي في العراق، جينين بلاسخارت، في إحاطتها الأخيرة التي قدمتها أمام مجلس الأمن عبر دائرة تلفزيونية، على دعم دولي واضح لرئيس الحكومة محمد شياع السوداني، لكنها عزلت تحالف الإطار التنسيقي ومن خلفه من مليشيات مسلحة عن هذا الدعم. وقالت إن "حكومة العراق اتخذت موقفاً صريحاً وواضحاً ضد الآثار الضارة المترتبة على الفساد، والإصلاحات لن تتجذر إذا خُنقت بالأعشاب الضارة من المحسوبية والكسب غير المشروع، وأن لمؤسسات الدولة المستقلة أهمية بالغة".
وكانت بلاسخارت قد تسلّمت مهام عملها في العراق منذ 17 يناير/كانون الثاني عام 2018، خلفاً لـ"يان كوبيش"، إذ لعبت دوراً كبيراً في الحوارات السياسية والتقت بمختلف قيادات الكتل والأحزاب، وتعرضت لانتقادات شعبية كثيرة على خلفية تقربها من قادة الفصائل المسلحة، لدرجة أنها لُقبت محلياً بـ"الخالة". وتولت بلاسخارت منصب وزيرة الدفاع في هولندا بين عامي 2012 و2017 وهي أول امرأة تشغل هذا المنصب، إضافة إلى كونها عضواً سابقاً في مجلسي النواب الهولندي والأوروبي.