كولومبيا ـ فنزويلا: توتر حدودي متجدد

22 مارس 2021
جنود كولومبيون على الحدود مع فنزويلا في ربيع 2017 (فرانس برس)
+ الخط -

شهدت الحدود الكولومبية ـ الفنزويلية توتراً، مساء  أمس الأحد، إثر وقوع اشتباك بين الجيش الفنزويلي وجماعة مسلحة، لم يسمّها. وأفاد رئيس بلدية أروكيتا الكولومبية الحدودية أتليفيار توريس، بأن الاشتباك وقع في ولاية أبور في جنوب غربي فنزويلا. وأضاف: "استيقظنا على أصوات تفجيرات من سلاح الجو الفنزويلي"، مشيراً إلى أنّ المواجهة أسفرت عن سقوط "عدد كبير من الجرحى والقتلى". كما أعلن الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو عبر التلفزيون الرسمي، أن الجيش اشتبك مع جماعة مسلحة من كولومبيا، من دون أن يعطي تفاصيل إضافية. لكن جنرالاً فنزويلياً يقيم في المنفى، أفاد لوكالة "فرانس برس" بأنّ الجيش هاجم في وقت سابق معسكراً لمنشقين من "حركة القوات المسلّحة الثورية الكولومبية" (فارك).

مادورو: فنزويلا سترد بالقوة على محاولة انتهاك سيادتها
 

وفي السياق، أفاد مادورو بأن فنزويلا "سترد بالقوة" على أي محاولة لقوة النخبة الكولومبية الجديدة التي تشكلت لمواجهة المتمردين "لانتهاك سيادة فنزويلا". وفي فبراير/ شباط الماضي، هدد مادورو نظيره الكولومبي إيفان دوكي بالقول: "إذا تجرأ إيفان دوكي على لمس مليمتر واحد من الأراضي الفنزويلية سأواجهه. لا تكن مجنوناً يا إيفان دوكي. اعرف حدودك واحترم فنزويلا". وسبق أن اتهم الرئيس الكولومبي فنزويلا، في فبراير الماضي، بتوفير "الحماية" للمجموعات التي نأت بنفسها عن اتفاق السلام الذي أبرم في كولومبيا عام 2016، ووضع حداً للحرب الأهلية التي استمرت لنصف قرن، وتم نزع سلاح "فارك" بموجبه في العام التالي. ولهذه الأسباب لا تبدو التطورات الأخيرة بين البلدين مفاجئة، بل هي حصيلة فترة طويلة من التراكمات السلبية بين الطرفين، والتي تتمحور أساساً حول عاملين: تاريخي وسياسي. في التاريخ، ترك الاستعمار الإسباني لأميركا الجنوبية مشاكل حدودية جمّة، وإحداها بين كولومبيا وفنزويلا. وهي خلافات تطورت إلى صدامات سياسية وعسكرية بين الطرفين، على الرغم من بعض المحاولات لتوقيع اتفاقيات تُنهي الخلاف. في المقابل، أدت الحرب التي شنّتها "فارك" على الحكومة الكولومبية، إلى تحويل جزء من الحدود إلى منطقة خارجة عن القانون، لدرجة تساهل كراكاس وبوغوتا إزاء الغارات شنّتها قوات البلدين في أراضي الأخرى، من أجل القضاء على المسلّحين. وعدا الحدود البرية، فإن الخلافات على الحدود البحرية، خصوصاً بما يتعلق بخليج فنزويلا الغني بالنفط، جعلت الطرفين في حالة من الاحتراب السياسي. فنزويلا الغارقة في أزمة اقتصادية قاسية، لا تنوي رسم الحدود البحرية مع كولومبيا كي لا تخسر ثروتها. في المقابل، تحتاج كولومبيا إلى مزيد من الأموال لتمويل مسار السلام الداخلي المتعثر، بعدما سيطرت أموال المخدرات على اقتصادها. وكل ذلك يعني عملياً أن الإشكالات الحدودية مستمرة حتى إشعار آخر. في السياسة، اتخذت كولومبيا مواقف متشددة حيال الحكم التشافيزي في فنزويلا، خصوصاً مع خلف هوغو تشافيز، نيكولاس مادورو، وقطعت العلاقات الدبلوماسية معه. وسعت بوغوتا إلى استغلال اتفاق السلام مع "فارك" عام 2016 من أجل معالجة وضعية المسلّحين، متهمة كراكاس بإيوائهم لضرب كولومبيا. ثم اتخذت منحى حاداً مع اعتراف بوغوتا بسلطة الرئيس المؤقت خوان غوايدو، بل قادت حملة دبلوماسية في الأميركيتين لعزل نظام مادورو. بعدها، ساهمت السلطات الكولومبية، وفق الإدعاءات الفنزويلية، في تسهيل ما سمّتها كركاس "محاولة غزو البلاد بحراً" في مايو/ أيار 2020.

اتخذت كولومبيا مواقف متشددة حيال الحكم التشافيزي في فنزويلا

 

وسبق للرئيس الكولومبي أن ذكر في أغسطس/ آب الماضي، أن فنزويلا تعمل للحصول على صواريخ من حليفتها إيران وتزويد المتمردين الكولومبيين بها. وأوضح أن "هناك معلومات من وكالات استخبارات دولية تعمل معنا، تظهر أن هناك اهتماماً من نظام نيكولاس مادورو الديكتاتوري في الحصول على بعض الصواريخ المتوسطة والطويلة المدى من إيران". وقال "لم تصل بعد"، لكنه أكد أن "وزير الدفاع (الفنزويلي) فلاديمير بادرينو كان مسؤولاً عن اتصال فنزويلا بإيران بشأن الحصول على الأسلحة". وجدد دوكي اتهاماته المتكررة بأن مادورو يحمي ويدعم أعضاء سابقين في جماعة "القوات المسلحة الثورية الكولومبية" (فارك)، الذين يرفضون اتفاق السلام الذي تم توقيعه في 2016، وكذلك "مسلحي جيش التحرير الوطني". وفي سبتمبر/ أيلول الماضي، أجرت القوات المسلحة الفنزويلية مناورات واسعة، نشرت خلالها 7 آلاف جندي على الحدود مع كولومبيا. (العربي الجديد، فرانس برس)

المساهمون