كل ما تجب معرفته عن الانتخابات الرئاسية الجزائرية

02 سبتمبر 2024
جزائري ينظر لصور المرشحين في العاصمة، أغسطس 2024 (بلال بن سالم/Getty)
+ الخط -

تدخل الانتخابات الرئاسية الجزائرية التي ستُجرى في السابع من سبتمبر/أيلول الحالي، مرحلة الحسم مع سقوط أولى أوراق التصويت اليوم الاثنين داخل صناديق الاقتراع في الخارج، وفي المكاتب المتنقلة المخصصة للبدو الرحل ومناطق أقصى الحدود، وذلك على مدار خمسة أيام. وفيما تنتهي غداً الثلاثاء حملة الانتخابات الرئاسية الجزائرية لتبدأ فترة الصمت الانتخابي، بعد نحو ثلاثة أسابيع خاض فيها المرشحون الثلاثة، الرئيس عبد المجيد تبون الذي يطمح إلى ولاية رئاسية ثانية، ورئيس حركة مجتمع السلم، عبد العالي حساني، والسكرتير الأول لجبهة القوى الاشتراكية يوسف أوشيش، عدداً كبيراً من التجمعات والأنشطة الانتخابية في كل الولايات والمناطق لشرح برامجهم وتصوراتهم السياسية لحل معضلات البلاد.

الانتخابات الرئاسية الجزائرية السابعة

وهذه الانتخابات السابعة في تاريخ الجزائر، منذ دخولها عهد التعددية السياسية عام 1989، ومنذ أول انتخابات رئاسية جرت في عهد التعددية السياسية في عام 1995، وهي الثانية بعد الحراك الشعبي الذي كان قد اندلع في فبراير/شباط 2019، لكنها أول انتخابات رئاسية تُجرى في ظل الدستور الجديد، الذي صدر في نوفمبر/تشرين الثاني 2020.

وتُجرى هذه الانتخابات تحت وصاية الهيئة المستقلة للانتخابات وسلطتها. وهي ثاني انتخابات رئاسية بعد 2019، تُجرى تحت إشرافها الكامل، بعد خمسة استحقاقات رئاسية (1995 حتى 2014) كانت قد جرت بإشراف وزارة الداخلية، حيث تأسست الهيئة المستقلة للانتخابات في أعقاب الحراك الشعبي عام 2019. لكنها أيضاً أول انتخابات رئاسية تجري في ظل وضع دستوري جديد (دستور 2020)، الذي كرس سلطة الانتخابات هيئةً دستوريةً مستقلةً في قرارها وسلطتها المادية.

هذه ثاني انتخابات رئاسية تجرى تحت الإشراف الكامل لسلطة الهيئة المستقلة للانتخابات

ويتيح القانون الانتخابي للمرشحين تعيين مراقبين في كل مراكز ومكاتب التصويت، من بداية التصويت في الثامنة صباحاً لغاية غلق المراكز في السادسة مساءً، مع إمكانية أن تقرر سلطة الانتخابات تمديد التصويت في بعض المناطق لساعة أو ساعتين. ويتسلم المراقبون الممثلون لكل مرشح محضر النتائج في الحين، منعاً لأي تزوير أو تلاعب، وإضفاءً للشفافية ونزاهة الانتخابات.

ثلاثة مرشحين

وبخلاف استحقاقات الانتخابات الرئاسية الجزائرية السابقة، فقد اقتصر عدد المرشحين هذه المرة على ثلاثة فقط، تبون وحساني وأوشيش. ويمثل تبون، وهو المرشح الأبرز، كتلة واسعة من التيار الوطني (تسمية تطلق على الأحزاب الموالية للسلطة والمتفرعة من الحزب الأم، جبهة التحرير). وهو خاض خلال ولايته الأولى حرباً على الفساد ولاسترجاع الأموال المنهوبة وإصلاح الاقتصاد وتحرير المبادرة الاقتصادية الفردية، وسعى لانخراط أكبر للشباب في العمل السياسي عبر البرلمان (34 في المائة من النواب من الشباب). واعتمد بالأساس على قوى المجتمع المدني. لكن فترة ولايته تميزت أيضاً بارتفاع كبير في أسعار المواد التموينية وندرتها في بعض الفترات واستمرار معضلات أخرى كالبطالة والسكن والمياه.

وينافس تبون في الانتخابات الرئاسية الجزائرية عبد العالي حساني، الذي قدم من داخل حركة مجتمع السلم (إخوان الجزائر)، حيث تسلم رئاسة الحركة في مارس/آذار 2023. وهو نائب سابق في البرلمان، وكان نائباً لرئيس البرلمان بين 2007 و2012. ومع أنه كان من نوع رجال الظل والهندسة الداخلية للتنظيم الحزبي، ولم يكن معروفاً بشكل كبير على الصعيد السياسي والإعلامي، إلا أنه فضل تصدر المشهد السياسي.

أما المرشح يوسف أوشيش، فيخوض مغامرة سياسية بالمنافسة على الرئاسة، وهو لم يتجاوز 41 عاماً. ويشغل منصب السكرتير الأول لجبهة القوى الاشتراكية، أقدم أحزاب المعارضة الجزائرية، الذي تتمركز حاضنته السياسية بشكل خاص في منطقة القبائل، ذات الغالبية من السكان الأمازيغ، لكنه نجح خلال الحملة الانتخابية من خلق تمركزات مهمة لحزبه في مناطق أخرى.

توزع القوى السياسية

وخلال الانتخابات الرئاسية الجزائرية الحالية توزع المشهد السياسي والقوى الحزبية بشكل لافت على أساس التوجهات والمرجعيات الأيديولوجية. ولوحظَت عودة نسبية لتكتل الأسر والتيارات السياسية في البلاد، فيما انحازت قوى التيار الوطني، وخصوصاً المشكلة للأغلبية النيابية كجبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي وجبهة المستقبل وصوت الشعب، إضافة إلى حركة البناء الوطني، وكذا كبرى النقابات العمالية والتنظيمات المدنية لصالح مرشح السلطة، تبون، الذي يحظى أيضاً بدعم الجيش.

عبد الوهاب يعقوبي: العدد الأكبر من ناخبي الخارج يتواجدون في فرنسا

في المقابل، انضمت أحزاب وقوى إسلامية، كحركة النهضة والعدالة والتنمية، وكتلة من جبهة الإنقاذ المحظورة، وائتلاف المبادرة المستقلة، وشخصيات إسلامية مستقلة، إلى المرشح الإسلامي عبد العالي حساني، فيما تراقب قوى التيار الديمقراطي، كالتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية وحزب العمال وجيل جديد والاتحاد من أجل التغيير والرقي، المشهد، من دون أن تعلن دعماً واضحاً لمرشح التيار يوسف أوشيش.

24.5 مليون ناخب

ويتنافس المرشحون الثلاثة للفوز بأصوات الكتلة الناخبة التي بلغ مجموعها 24.5 مليون ناخب، بينهم أكثر من 300 ألف ناخب جديد، يصوتون في آلاف مكاتب الاقتراع داخل البلاد، فيما يصوت نحو 900 ألف ناخب في الخارج. ويوضح النائب عن الجالية الجزائرية في المهجر، عبد الوهاب يعقوبي، لـ"العربي الجديد"، أنّ "العدد الأكبر من مجموع الناخبين في الخارج، البالغ أكثر من 845 ألف ناخب، يوجدون في فرنسا، حيث إن 82 في المائة من الناخبين الجزائريين في الخارج يصوتون في فرنسا، باعتبارها البلد الذي يضم أكبر جالية جزائرية، وتأتي بعدها كندا وبريطانيا وألمانيا وإسبانيا، إضافة إلى كتلة مهمة من الناخبين في تونس والمغرب ودول عربية أخرى".

لكن مدى تأثير تصويت الجالية في النتيجة النهائية يبقى محدوداً، ما يعني أن العملية الانتخابية بالنسبة إلى الجالية تُعَدّ تكريس انتماء وطني أكثر منه بهدف التأثير في النتائج، فضلاً عن أن الاستحقاقات السابقة، لعدة عوامل سياسية، كانت تصبّ دائماً في صالح المعارضة، بدليل أن ثلاثة من بين ثمانية نواب يمثلون الجالية، محسوبون على المعارضة والمستقلين.

أبرز الولايات ذات الكتلة الناخبة الكبيرة

وسيكون التنافس شديداً في الولايات ذات الكتلة الناخبة الكبيرة على غرار العاصمة، التي تعد 1.2 مليون ناخب، وسطيف شرقي الجزائر التي تعد 1.1 مليون ناخب، ووهران التي تضم أكثر من 1.1 مليون صوت. كذلك ستشدّ ولايات منطقة القبائل، تيزي وزو وبجاية خصوصاً، الأنظار في هذه الانتخابات على مستوى المنافسة فيها بين تبون وأوشيش، لكونها تمثل الحاضنة الأساسية لحزب أوشيش، جبهة القوى الاشتراكية، وعلى صعيد مدى استجابة الناخبين للتصويت، لأنها كانت قد سجلت في انتخابات 2019 أدنى معدل تصويت في مجموعها بأقل من واحد في المائة. وتطمح السلطة والأحزاب السياسية في هذه الانتخابات أساساً إلى رفع نسبة التصويت، التي بلغت في انتخابات عام 2019 نحو 38 في المائة، فيما تبرز مؤشرات عدة على أن نسبة التصويت ستكون أفضل من المرة السابقة.

51 في المائة نسبة الحسم

ويتيح القانون الانتخابي في الجزائر للذي يحصل على أكثر من 51 في المائة من الأصوات الفوز بالمقعد، دون الحاجة إلى دور ثانٍ. وفي حالة الانتخابات الرئاسية الجزائرية السبت المقبل، لا تظهر أية مؤشرات تتيح توقع دور ثانٍ، خصوصاً مع موازين القوى السياسية التي تصبّ في صالح تبون بنسبة كبيرة. 

وعلى عكس الانتخابات النيابية والمحلية التي لا يشاركون فيها، ينتخب أفراد الجيش والشرطة والأسلاك النظامية في الانتخابات الرئاسية الجزائرية، لكنهم يؤدون الانتخابات في مكاتب الاقتراع العادية أو عبر وكالات لعائلاتهم، منذ قرار إلغاء المكاتب الخاصة التي كان ينتخب فيها عناصر الجيش داخل الثكنات في عام 2002.

المساهمون