لم يخرج خطاب القسم لرئيس النظام السوري بشار الأسد، أمس السبت، عن كلماته المألوفة خلال فترة الحرب السورية في السنوات العشر الأخيرة.
قسّم الأسد خطابه أمس إلى ثلاثة أقسام معتادة، الأول تحدث فيه عن "المؤامرة" الكبرى التي استهدفت "الدولة" (يقصد النظام بطبيعة الحال) وكيفية "الانتصار" عليها ووأدها من خلال عوامل التكاتف وتحقيق "التجانس الاجتماعي". الثاني: الوعود، إذ قدّم من خلال هذا القسم وعوداً ذات جانب اقتصادي وإصلاحي، كان قد طرحها في كل خطاباته السابقة، قبل الثورة وبعدها، ولم يطبّق منها أي شيء. أما القسم الثالث من خطابه فخصصه للوعيد والشتائم، فهاجم السوريين الخارجين على حكمه بوصفهم إرهابيين، وخصص جزءاً للتطاول على الأكراد والتنظيمات الكردية (بشكل غير مباشر) لعدم مساندتهم له، كما لم ينس كيل الوعيد لكل من تركيا والولايات المتحدة، وهدد بدعم مقاومة مسلحة ضدهما.
خطاب "العنتريات" هذا، خلا من أي تبرير لحالة التردي المعيشي والاجتماعي التي يعيشها السوريون، تحديداً في المناطق الخاضعة لسيطرة نظامه، والذين لم يتمكنوا حتى من مشاهدة خطابه نظراً لانقطاع الكهرباء، في ظل حالة كارثية تعيشها مناطق النظام بفقدان وانعدام أبسط مستلزمات الحياة، ناهيك عن الوضع الأمني السيئ. وأظهر الأسد نفسه أنه غير مطالب بإيجاد تبريرات للحالة المزرية التي وصلت إليها سورية، بما فيها المناطق الخاضعة لسيطرته، وذلك لأنه يرى نفسه رمزاً يجب تعظيمه فوق كل الأزمات والتحديات، وهو أمر طالب به صراحة في الخطاب، حين أشار إلى ضرورة احترام الرموز الوطنية.
خرج الأسد، كما كل مرة، ليظهر نفسه كمنتصر في هذه المرحلة، بنشوته بإنجاز الانتخابات الرئاسية على الرغم من الضغوط الدولية، وتمرير فوزه فيها، وهو دائماً كان يستغل أي تفوق لنظامه على المعارضة والمجتمع الدولي، ليقدّم نفسه كمنتصر، أنهى الحرب، وأن أشباح الهزيمة لن تعود لتؤرقه. هذا الخطأ يوقع نفسه به دائماً لينكشف عند تعرضه للنكسات والهزات، كما أن سيرورة التاريخ تخبرنا بما لا يدع مجالاً للشك، أن لكل استبداد نهاية، وأن المستبدين مهما تعددت أساليبهم لاستمرار بقاء لعبهم دور المتفوق، لا بد من أن يأتي يوم وتنتهي، وتصبح من الماضي السيئ لتاريخ البلد.