أطلقت قوات الأمن السودانية، مساء الثلاثاء، غازات مسيلة للدموع لتفريق متظاهرين مناهضين للانقلاب العسكري كانوا يغلقون شارعاً رئيسياً في منطقة بري بشرق الخرطوم، بحسب ما أكد شهود لوكالة "فرانس برس"، فيما أُعلنَت عودة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك وأسرته إلى بيته.
وتتواصل الاحتجاجات في السودان، التي امتدت إلى كل مناحي الحياة في البلاد والشوارع الفرعية والرئيسية، حيث رصدت لجنة الأطباء أكثر من 7 قتلى وحوالى 100 من الجرحى، فيما أعلن معتصمو القصر الجمهوري "مجموعة الميثاق الوطني" فكّ الاعتصام بعدما "تمّ تنفيذ ما طالبوا به".
وعقب المؤتمر الصحافي الذي عقده قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، يوم الثلاثاء، خرج مزيد من السودانيين للتنديد بالانقلاب، وأقفلت عدة طرق، في وقت انتشرت فيه قوات الدعم السريع والقوات المسلحة في الطرقات العامة وسط تراشق بين الجانبين.
واشتد الخناق على الخرطوم من كل الجهات الموصلة إليها من مدن بحري وأم درمان وشرق النيل، إذ تتمترس قوات الدعم السريع والجيش على الجسور لمنع وصول المحتجين والمتظاهرين إلى القيادة العامة، حيث يعتزم المواطنون تكرار ما حدث في عام 2019 بالاعتصام أمام القيادة العامة.
وتحدث مواطنون، لـ"العربي الجديد"، عن أنّ دعوات "تجمّع المهنيين السودانيين"، وبيان مكتب رئيس الوزراء، و"قوى الحرية والتغيير"، للحفاظ على الثورة "لن تتحقق إلا بالاعتصام مجدداً أمام القيادة العامة للقوات المسلحة".
وبدأ السودانيون الدخول في إضراب عام وعصيان مدني شامل في عدد من أحياء العاصمة الخرطوم.
ووجه عدد من المساجد في أحياء مختلفة في العاصمة الخرطوم نداءات عبر مكبرات الصوت للمواطنين للدخول في الإضراب العام والعصيان الشامل ضد الانقلاب العسكري.
وقال شهود عيان، لـ"العربي الجديد"، إنّ عدداً من أحياء العاصمة السودانية شهد تظاهرات ضد الانقلاب، وأشاروا إلى أنّ قطاعات واسعة من المواطنين دخلت في إضراب عام وعصيان مدني، وأغلقت وأشعلت إطارات السيارات في الطرق الرئيسية والفرعية.
عبد الله حمدوك في بيته
إلى ذلك، قال مصدر في مكتب رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، ومصدر أمني لـ"رويترز"، إنّ حمدوك قد عاد إلى منزله. ولم يذكرا أي تفاصيل أخرى.
بدوره، قال مسؤول عسكري، لـ""أسوشييتد برس"، إنّ حمدوك وزوجته سمح لهما بالعودة الى منزلهما في الخرطوم، مضيفاً أنّ منزلهما يخضع لـ"حراسة مشددة".
لم يحدد المسؤول، اشترط التكتم على هويته، لكونه غير مخول بإطلاع الصحافة، ما إذا كانت أسرة حمدوك تتمتع بحرية التحرك أو إجراء اتصالات.
وذكر مسؤول عسكري، طلب عدم ذكر اسمه لـ"فرانس برس": "تمت إعادة عبد الله حمدوك إلى منزله في كافوري واتخاذ إجراءات أمنية حول المنزل". ورفض المسؤول الرد على سؤال عمّا إذا كان ذلك يعني الإفراج عنه أو وضعه تحت الإقامة الجبرية.
أعيد حمدوك إلى منزله بعد ساعات من إعلان قائد الجيش عبد الفتاح البرهان أنّ حمدوك موجود معه في منزله.
وفي وقت لاحق، ذكرت وزارة الخارجية الأميركية أنّ الوزير أنتوني بلينكن تحدث مع حمدوك في وقت متأخر من الثلاثاء، ورحب بإطلاق سراحه من الاحتجاز.
وقالت الوزارة، في بيان، إنّ بلينكن عاود تأكيد مطالبته القوات المسلحة السودانية بالإفراج عن جميع القادة المدنيين المعتقلين.
كما قال بلينكن إنه تحدث مع وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، حول الانقلاب في السودان، وملف حقوق الإنسان.
سوليفان: أميركا على اتصال بدول الخليج بشأن الانقلاب في السودان
وفي المواقف، قال جيك سوليفان، مستشار البيت الأبيض للأمن القومي الثلاثاء، إنّ إدارة الرئيس جو بايدن تنظر في جميع الأدوات الاقتصادية المتاحة للتعامل مع الانقلاب العسكري في السودان، وإنها على اتصال وثيق بدول الخليج بشأن الوضع.
وقال سوليفان في إفادة بالبيت الأبيض، إنّ أفعال الجيش السوداني "غير مقبولة بالمرة" و"انتكاسة كبيرة ومقلقة" للسودان.
وأضاف بحسب وكالة "فرانس برس"، أنّ واشنطن على اتصال وثيق بزعماء المنطقة، بما في ذلك منطقة الخليج، "لضمان أن ننسق من كثب ونبعث برسالة واضحة إلى الجيش في السودان بأن عليه الكف عن أي عنف ضد المدنيين الأبرياء والعودة إلى مسار ديمقراطي".
وقال: "سننظر في جميع الأدوات الاقتصادية المتاحة لدينا، بالتنسيق والتشاور مع الأطراف الإقليمية والدول الرئيسية الأخرى، من أجل محاولة دفع العملية السياسية السودانية بأكملها للعودة إلى السير في اتجاه إيجابي".
سفراء السودان في 12 دولة يرفضون الانقلاب
في غضون ذلك، قال مصدر دبلوماسي إنّ سفراء السودان في 12 دولة، منها الولايات المتحدة والإمارات والصين وفرنسا، رفضوا في بيان الانقلاب العسكري. ووقّع على البيان أيضاً سفراء السودان لدى بلجيكا والاتحاد الأوروبي وجنيف ووكالات تابعة للأمم المتحدة وجنوب أفريقيا وقطر والكويت وتركيا والسويد وكندا.
وذكر البيان أن السفراء ينحازون إلى جانب المقاومة الشعبية للانقلاب، بحسب ما نقلت وكالة "رويترز".
اعتقال صديق الصادق المهدي
وعلى صعيد متصل، قالت مصادر عائلية إنّ صديق الصادق المهدي، القيادي في حزب "الأمة" السوداني، قد اعتقل من منزله يوم الثلاثاء.
وأعلن "حزب الأمة" رفضه للانقلاب العسكري في السودان.
تعليق جميع الرحلات من مطار الخرطوم وإليه حتى السبت
ووسط هذه التطورات، تقرر تعليق جميع الرحلات من مطار العاصمة السودانية الخرطوم وإليه، بحسب ما أعلن إبراهيم عدلان، مدير الطيران المدني لـ"فرانس برس".
وقال عدلان: "عُلِّقَت جميع الرحلات الجوية القادمة والمغادرة من مطار الخرطوم حتى يوم 30 أكتوبر/تشرين الأول؛ بسبب الظروف التي تمر بها البلاد".
ويقع مطار الخرطوم في وسط العاصمة السودانية حيث يغلق المتظاهرون والجنود معظم الطرق بالحجارة وإطارات السيارات المشتعلة. ويفصل سور حديدي المطار عن الشوارع الرئيسية للخرطوم.