ينظر الاتحاد الأوروبي إلى ما يحدث على الحدود البيلاروسية البولندية على أنه "هجوم" من نظام الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، يهدف إلى زعزعة الاستقرار الأوروبي.
ويبدو أن الأمور تتجه إلى مزيد من التصعيد بين الجانبين، الأوروبي والبيلاروسي، مع دخول الجانب الروسي على خط الأزمة، خاصة مع إعلان وارسو دراستها إغلاق المعابر الحدودية، سواء عن طريق البر أم عبر السكك الحديدية، بهدف وضع القيادة في مينسك تحت ضغط اقتصادي، فيما تزداد المخاوف من مواجهة عسكرية.
وتسود قناعة بأنه بسبب مواصلة موسكو تقديم الدعم لبيلاروسيا، فإن الأزمة ستكون مشكلة للجميع، وخاصة بولندا وليتوانيا ولاتفيا.
وذكرت شبكة "إيه آر دي" الإخبارية أنه وفي وقت يستعد الاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات جديدة على بيلاروسيا الأسبوع المقبل، رفع لوكاشينكو من حدة لهجته خلال اجتماع مع ضباط رفيعي المستوى في الجيش اليوم الخميس، وتحدث عن احتمال وقف إمدادات الغاز، إذ ينقل جزء صغير من الغاز الروسي عبر أراضيها إلى أوروبا.
يأتي ذلك بعد أن شن الرئيس البيلاروسي لوكاشينكو، في مقابلة بثها التلفزيون الرسمي في مينسك، هجوما لفظيا على الاتحاد الأوروبي، واصفا المسؤولين فيه بـ"الأوغاد"، وبأنهم يشنون حربا ضد بلاده.
وفي مقابلة مع مجلة روسية، أطلق لوكاشينكو تهديدًا مبطنًا ضد الاتحاد، قائلاً"أخشى أن تؤدي هذه التطورات على الحدود بسبب المهاجرين إلى مواجهة مع وجود الاستفزازات الحالية، ومن بينها المروحيات العسكرية البولندية التي تحلق على علو منخفض جدًا"، وفق ما ذكرت صحيفة "بيلد".
وأضاف لوكاشينكو: "إذا ما ارتكب أدنى خطأ، فسوف تتدخل روسيا على الفور".
من جهتها، ذكرت صحيفة "فرانكفورتر ألغماينه" أن روسيا قامت بإرسال قاذفتين من نوع (توبوليف تي يو 22 إم) قادرة على حمل أسلحة نووية، كما نفذت طلعات في المجال الجوي لبيلاروسيا.
وِبحسب الصحيفة، فإن التلفزيون الرسمي في مينسك أشار إلى أن ما حدث كان قضية "دفاع جوي للحلفاء في مواجهة الوضع المتوتر"، مؤكدًا أن "الطلعات ستكون منتطمة من الآن وصاعدًا".
وبرزت مخاوف من مواجهة روسية "أطلسية"، مع إبلاغ مسؤولين في الحلف الأطلسي بولندا بالاستعداد لتقديم المزيد من الدعم لها والحفاظ على أراضيها وسلامة الأمن في المنطقة.
ويأتي ذلك مع تأكيد رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل، أمس الأربعاء، أن الدول الأعضاء تواجه "هجومًا هجينًا ووحشيًا" على حدود الاتحاد الأوروبي، في ظل عمل مينسك على "استخدام محنة المهاجرين سلاحاً بطريقة خبيثة وصادمة".
من جهة ثانية، أشارت صحيفة "بيلد" إلى أن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اقترح على الاتحاد الأوروبي أن "يزود النظام في مينسك بالمال حتى لا يرسل اللاجئين الهاربين إلى الحدود"، وقال لافروف "عندما أتى اللاجئون من تركيا، قدم الاتحاد الأوروبي الأموال لإبقائهم على الأراضي التركية. لماذا لا يساعد بيلاروسيا أيضا؟".
ومن الواضح أن موسكو تأخذ صفقة اللاجئين في تركيا نموذجًا، علمًا أنه ليس هناك مجال للمقارنة، لأن لوكاشينكو يقوم بنقلهم عبر رحلات جوية منظمة وبتأشيرات دخول إلى بلاده، إذ تهدف بيلاروسيا من خلال ذلك إلى إنقاذ اقتصادها المتعثر.
وكان رئيس الوزراء البولندي ماتيوز موراويكي قد قال: "إذا لم يخفف لوكاشينكو من ضغطه، ولم يوقف محاولات ابتزازه، واستمر في استخدام الناس دروعاً بشرية، فسنضطر إلى إغلاق المزيد من المعابر الحدودية، وهذا ما سيؤدي تلقائيا إلى نوع من العقوبات الاقتصادية".
كل ذلك يأتي مع زيادة مأساة المهاجرين عبر الحدود الذين بات عددهم بالآلاف، فيما يعانون من ظروف صعبة مع انخفاض درجات الحرارة إلى ما تحت الصفر ليلا.
ونصب حوالي 800 مهاجر خياما على الجانب البيلاروسي لحماية أنفسهم من البرد، في حين تاه الآلاف منهم في الغابات المجاورة.
بوتين يدعو الاتحاد الأوروبي إلى التواصل مع بيلاروسيا بشأن المهاجرين
بدوره، دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الاتحاد الاوروبي، اليوم الخميس، إلى التواصل مجددا مع بيلاروسيا، وفق ما أفاد الكرملين.
وذكر الكرملين، بحسب ما نقلت وكالة "فرانس برس"، أن الجانبين ناقشا الوضع عند الحدود بين بيلاروسيا وبولندا، حيث علق مئات المهاجرين في ظل انخفاض درجات الحرارة إلى نقطة التجمّد تقريبا، واتفقا على ضرورة حل الأزمة "بما يتوافق مع المعايير الإنسانية الدولية".
واتصلت ميركل بالرئيس الروسي أمس الأربعاء، وطلبت منه "استخدام نفوذه" لدى رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو لإنهاء الأزمة.
ورفضت الدول الأوروبية حتى الآن عقد محادثات مع مينسك رغم القلق المتزايد حيال معاناة المهاجرين، ومعظمهم أكراد قدموا من الشرق الأوسط.
ويتوقع أن يتّخذ الاتحاد الأوروبي قرارا الأسبوع المقبل، بشأن ما إذا كان سيفرض عقوبات جديدة على نظام مينسك ردا على تهريب البشر.