"قسد" تنهي حملتها في الهول... و"داعش" يهاجم

22 سبتمبر 2022
يضمّ مخيم الهول نحو 70 ألف شخص (دليل سليمان/فرانس برس)
+ الخط -

لم تكد "قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، تعلن انتهاء المرحلة الثانية من حملتها الأمنية على مخيّم الهول، في شمال شرقي سورية، والذي يضم عائلات مقاتلين من تنظيم "داعش"، في سياق محاولة جديدة لضبط الأمن داخل المخيم الذي تنشط فيه خلايا للتنظيم، حتى شنّ "داعش" أكثر من هجوم ضد هذه القوات.

حملة "قسد" داخل الهول، التي بدأت أواخر شهر أغسطس/آب الماضي وانتهت الثلاثاء الماضي، بدعم من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، حملت عنوان "الإنسانية والأمن".

حملة الهول: خطر "داعش" لم ينته

وأكد المتحدث الرسمي باسم "قسد"، آرام حنا، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الحملة التي شاركت فيها قوى الأمن الداخلي (الأسايش) التابعة لـ"قسد" حققت مجمل أهدافها، غير أنه أشار إلى أنه "لا يمكن القول إن خطر التنظيم الإرهابي وتهديد خلاياه انتهى تماماً".

وأشار حنا إلى أن المرحلة الثانية من الحملة "عزّزت السيطرة الأمنية داخل أسوار المخيم، حيث وجّهت وحدات مكافحة الإرهاب وقوى الأمن الداخلي ضربات خفضت من خلالها وتيرة النشاط الإرهابي". ولفت إلى أن الحملة "تضمنت تفتيشاً دقيقاً، وإزالة خيام استخدمتها خلايا تنظيم داعش في تنفيذ جرائمها"، متحدثاً عن "ضبط أسلحة وأدوات تعذيب". واعتبر أن ذلك "سيسهم في تقويض حركة التنظيم الإرهابي وأتباعه".

وأعلنت قوى الأمن الداخلي "الأسايش" (التابعة لـ"قسد") حصيلة عملية "الإنسانية والأمن" ضد خلايا "داعش" في مخيم الهول، موضحة أنه "تم اعتقال 226 إرهابياً، بينهم 36 امرأة متشددة شاركن في جرائم القتل والترهيب، والعثور على 25 خندقاً ونفقاً، وتدمير الكثير من النقاط والأوكار المخصصة لتلقين الفكر الإرهابي"، وفق بيان صدر عنها.

وقعت اشتباكات بين "الأسايش" الكردية وخلايا "داعش" في ريف الحسكة

وبيّنت هذه القوى أنها صادرت "3 أسلحة كلاشنكوف، قاذف آر بي جي مع حشوتين، مسدسين، 25 قنبلة يدوية، 25 كيلوغراماً من المواد المتفجرة، وقطعة كاتمة للصوت، 388 طلقة كلاشنكوف، 10 مخازن كلاشنكوف، 9 جعب عسكرية، والعديد من الأدوات الحادة وأدوات التعذيب، والكثير من الأجهزة الخلوية".

وحرّكت الحملة التي قامت "قسد" بها في مخيم الهول، خلايا للتنظيم في ريف الحسكة، إذ جرت مساء الثلاثاء اشتباكات بين قوات "الأسايش" التابعة لـ"قسد"، وخلايا "داعش" في قرية القيروان في ناحية تل حميس في ريف الحسكة، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى من الطرفين.

وفي السياق، ذكرت مصادر مقربة من "قسد" أن اشتباكات مع خلايا للتنظيم وقعت بالقرب من قرية غزيلة شرقي بلدة الهول، حيث قتل وجرح عناصر من التنظيم وجرى اعتقال آخرين كانوا كما يبدو يخططون للهجوم على مخيم الهول بدرّاجات ملغمة. وأشارت إلى أن أحد عناصر الخليّة فجّر نفسه خلال الاشتباك، وانفجرت إحدى السيارات التي كانت مُحمّلة بكميات من الأسلحة والذّخائر، ما أسفر عن إصابة عنصر من قوى الأمن الداخلي "الأسايش".

وهذه ليست الحملة الأولى التي تقوم بها قوات "قسد" في المخيم، إذ سبق أن شنت حملة مماثلة في مارس/آذار من العام الماضي، في سياق محاولات ضبط الأوضاع الأمنية داخل هذا المخيم الأخطر في سورية.

وتدير "الإدارة الذاتية"، التابعة لـ"قسد"، هذا المخيم الذي يقع إلى الجنوب الشرقي من محافظة الحسكة، بنحو 50 كيلومتراً، غير بعيد عن الحدود السورية العراقية. وتحوّل المخيم بدءاً من عام 2017 إلى ملاذ لعائلات مسلحي "داعش" في ذروة الحملة العسكرية عليه في سورية والعراق.

وكانت "قسد" أعلنت نهاية التنظيم في شمال شرقي سورية (شرق الفرات) أوائل عام 2019، إلا أنه تبيّن أن للتنظيم خلايا نشطة وأخرى نائمة وذئاباً منفردة نفذت العديد من العمليات في ريفي دير الزور والحسكة. وشنّ التنظيم هجوماً واسع النطاق في فبراير/شباط الماضي على سجن في الحسكة (سجن غويران) يضم أخطر مسلحي التنظيم، في خطوة أثارت الكثير من علامات الاستفهام في حينه، خصوصاً أن السجن كان شديد الحراسة والتحصين.

رشيد حوراني: قسد تخطط وتنفذ الحملات بطريقة يغلب عليها الطابع الانتقامي، إضافة إلى ضعف المهنية الأمنية

ورأى النقيب المنشق عن قوات النظام السوري، الباحث في "المؤسسة السورية للدراسات وأبحاث الرأي العام"، رشيد حوراني، في حديث مع "العربي الجديد"، أن الفشل في ضبط الأوضاع الأمنية في مخيم الهول "يعود لأسباب عدة، منها ما يتعلق بقوات قسد ذاتها وبنيتها"، مضيفاً أنها (أي "قسد") "تخطط وتنفذ الحملات بطريقة يغلب عليها الطابع الانتقامي، إضافة إلى ضعف المهنية الأمنية لديها".

وأشار حوراني إلى "أن الأطراف المناوئة لقوات قسد مثل النظام وداعش، لديها خبرة في تجنيد العملاء في صفوفها، وتساعدهم في ذلك حالة اللااستقرار التي تعاني منها قسد وتهديدها من قبل تركيا تارة وروسيا والنظام تارة أخرى".

مخيم الهول... انعدام متزايد للأمن

ويضم مخيم الهول نحو 70 ألف شخص، جلهم من الأطفال والنساء، من بينهم 20 ألف سوري، ونحو 30 ألف عراقي. وينتمي الباقون إلى نحو 60 جنسية، إلا أن حكومات الدول التي ينتمي إليها مسلحو "داعش" وعائلاتهم ترفض استلامهم، وهو ما يسبب أزمة كبرى في الشمال الشرقي من سورية. وتبذل "الإدارة الذاتية" جهوداً من أجل تفكيك المخيم من خلال تسليم المقيمين فيه لدولهم وتشكيل محاكم تحت إشراف دولي لمحاكمة آلاف المسلحين الموجودين في سجون الإدارة، إلا أن هذه المحاولات باءت بالفشل.

وتنشط خلايا للتنظيم في المخيم، وتمارس كل أنواع الجرائم، بما فيها القتل نحراً أو باستخدام مسدسات كاتمة للصوت أو بتوجيه عدة طعنات مباشرة بحق نساء ومقيمين. وكانت الأمم المتحدة أعلنت في يونيو/حزيران الماضي أن عدد ضحايا جرائم القتل المرتكبة داخل مخيم الهول للنازحين خلال عام ونصف بلغ قرابة 100 ضحية، معظمهم من النساء.

وأفاد منسق الأمم المتحدة في سورية، عمران رضا، أن مخيم الهول "يعاني انعدام أمن متزايدا، ويحكم على الأطفال المحتجزين فيه بحياة بلا مستقبل"، مشيراً إلى أنه "عندما يبلغ الأولاد 12 و13 و14 سنة، يفصلون عن عائلاتهم ويوضعون في مراكز مختلفة، حيث مستقبلهم هو التطرف والانضمام إلى المليشيات".

وتُتهم قوات "قسد" بالإهمال الأمني للمخيم وهو ما أدى إلى تفاقم الأوضاع داخله من انتشار لعمليات القتل وترويج المخدرات إلى تهريب مقيمين ومقيمات مقابل مبالغ مرتفعة تصل لآلاف الدولارات.