قريباً سيقول الشارع كلمته

03 مارس 2022
ليبيون يحيون ذكرى ثورة 17 فبراير في طرابلس (حازم تركية/الأناضول)
+ الخط -

لا يبدو أن المشهد في ليبيا سيتأخر كثيراً عن استضافة عامل مهم من عوامل محركات الأوضاع، وهو الشارع، الأمر الذي برز قبل أيام، مع بدء مجلس النواب خطواته لفرض خريطة طريق تؤجل الاستحقاق الانتخابي لأكثر من عام، إذ شهدت مدن عدة تظاهرات لم تنتهج انحيازاً لأي من الحكومتين: حكومة الرئيس المكلف من برلمان طبرق فتحي باشاغا وحكومة الوحدة الوطنية.

وطالبت التظاهرات بإسقاط مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، والأجسام التنفيذية التي انبثقت منهما، سواء بالتوافق كما حدث في حكومة عبد الحميد الدبيبة، أو بالاختلاف كما حدث في حكومة باشاغا.

لكن اللافت في تلك الدعوات هو المطالبة بإجراء انتخابات برلمانية سريعاً، من دون التركيز على الانتخابات الرئاسية، ما يعني أن الشارع أدرك مكمن الخلل والخطر الذي تواجهه البلاد، المتمثل في سعي مجلس النواب للتمديد لنفسه، فضلاً عن أن سقوط البرلمان يؤدي إلى سقوط الأجسام الأخرى تلقائياً.

صحيح أن الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الوطنية، يحاول اللعب على وتر مطالب الشارع، معلناً عن طرح خريطة طريق سياسية للبلاد بعنوان "عودة الأمانة للشعب".

ومن المفترض، وفقاً له، أن تفضي هذه الخريطة إلى إجراء الانتخابات البرلمانية قبل شهر يونيو/حزيران المقبل.

وعلى الأثر، طالب مجلس الدولة بتشكيل لجنة مع مجلس النواب لوضع قاعدة دستورية قبل نهاية شهر إبريل/نيسان المقبل، من أجل إجراء الانتخابات قبل شهر يونيو، وفقاً لخريطة طريق ملتقى الحوار السياسي.

ويبدو أن حراك الطرفين ينطلق من أحد أمرين. الأول إقرارهما بخطورة حراك الشارع وقدرته على تغيير الأوضاع، والثاني شعورهما بقرب نهاية عهدهما، وبالتالي من المهم لهما البحث عن خروج آمن.

ولكن السلوك السياسي لكل من الحكومة ومجلس الدولة لم يعد يسعفهما، فالصرف الباذخ للأموال من قبل الدبيبة، بات توصيفه الشائع بأنه عبارة عن "رشى سياسية" لبناء شعبية داعمة لنجاحه في أي انتخابات مقبلة، أما مجلس الدولة فمواقفه المتذبذبة في كل فاصلة من فواصل الأزمة الليبية وعدم حسمه أي ملف، أنقص من وزنه السياسي.

وفي الطرف الآخر، يبدو أن مجلس النواب وصل لمرحلة لم يعد بإمكانه معها ستر حالة التزوير والتدليس الفاضح والمراوغة لإخفاء هدفه الأساسي، وهو البقاء في السلطة.

ولم يسبق أن شهد المجلس جلسة تم فيها تزوير التصويت على أي قرار، كما حدث في عملية التصويت لمنح الثقة لحكومة باشاغا، أول من أمس الثلاثاء، إذ عكست تدوينات عشرات النشطاء والمراقبين متابعة دقيقة للجلسة، ومن بينها كيف لعضو بالمجلس، يحمل صفة نائب ثان لرئيسه، أن يكون ضمن المصوتين ويُحتسب صوته أثناء العد على تشكيلة وزارية هو عضو فيها.

كما طاول التزوير احتساب صوت لعضو آخر، وهو وزير من وزراء الحكومة، فضلاً عن أن ما لا يقل عن ثلاثة وزراء في التشكيلة، هم إخوة لبعض النواب.

ويخشى الكثير من المتابعين من خارج البلاد دخول ليبيا في مرحلة انقسام حكومي جديد، ويبدو أن مشهد منع "المؤتمر الوطني العام" (البرلمان السابق) من التمديد لنفسه في عام 2014، سيتكرر عبر حراك شعبي يملأ الساحات والمدن ويرفع شعار (لا للتمديد).

ويتعزز هذا الاعتقاد بما أن عامل استخدام السلاح لوأد أي انتفاضة جديدة لم يعد ممكناً ولا مجدياً في ظل انكشاف رغبات كامل الطبقة السياسية، وفي ظل فشل كل الأطراف المسلحة في تنفيذ مشاريعها العسكرية للسيطرة على البلاد.

المساهمون