استمع إلى الملخص
- تاريخ وأهمية قاعدة حرير: تأسست في 2003، تقع في إقليم كردستان، وتعتبر مركزاً لوجستياً مهماً للعمليات الأمريكية في شمال سوريا، ونقطة تواصل استراتيجية بين القوات الأمريكية في العراق وسوريا.
- التحديات الأمنية والمستقبل: رغم الاتفاق، التوترات الإقليمية وخطر داعش قد يستدعيان بقاء القوات لفترة أطول، مع وجود ملفات أمنية عالقة. الانتقال إلى قاعدة حرير قد يثير توترات مع الفصائل المعارضة.
من المفترض أن تبدأ الولايات المتحدة اعتباراً من مطلع العام المقبل، عملية الخفض التدريجي لعديد قواتها في العراق، ونقل معدات التحالف الدولي تباعاً من قاعدة عين الأسد في الأنبار ومعسكر فيكتوري في بغداد إلى قاعدة حرير في محافظة أربيل بإقليم كردستان العراق، ضمن الاتفاقات المبدئية بين بغداد وواشنطن. قاعدة حرير يُفترض وفقاً للاتفاق الموقع بين بغداد وواشنطن في سبتمبر/ أيلول الماضي، أن تكون آخر بقع الوجود العسكري الأميركي في العراق، الذي سيستمر خلال عامي 2025 وحتى نهاية عام 2026. غير أن مصادر متقاطعة عسكرية وحكومية عراقية ببغداد كشفت لـ"العربي الجديد"، أن "عدداً من الموظفين المدنيين والمتعاقدين مع الجيش الأميركي في معسكر فيكتوري ببغداد وعين الأسد في الأنبار، قد انسحبوا بالفعل نحو قاعدة حرير في أربيل، في منتصف أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بالتزامن مع إطلاق الفصائل العراقية تهديدات بشأن مخاطر قد تلحق بالأميركيين جرّاء الدعم الأميركي لإسرائيل في حربها على غزة ولبنان". ووصف أحد المصادر الموظفين المنسحبين بأنهم "غير ضروريين بالوقت الحالي في القاعدتين، وهم بين مستشار ومحلل معلومات وبيانات وجوانب إدارية أخرى".
في 27 سبتمبر الماضي، أعلنت بغداد وواشنطن في بيان مشترك عن التوصل إلى اتفاق يقضي بأن تنتهي مهمة التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن ضد تنظيم داعش، خلال 12 شهراً، وفي موعد أقصاه نهاية سبتمبر 2025. كما نص الاتفاق على أن يكون ذلك تدريجياً وعلى مراحل، واعتُبر سبتمبر عام 2026 موعداً لانتهاء عمليات التحالف في سورية أيضاً التي ستبقى خلالها قاعدة حرير في أربيل بمثابة الدعم اللوجستي والعملياتي لها. وبموجب الخطة، ستغادر القوات الأميركية القواعد العراقية وتقلل وجودها، وتنسحب نحو قاعدة حرير في أربيل، وذلك لترتيب العمليات الجارية ضد "داعش" في سورية، بمعنى أن الاتفاق ينص على السماح للقوات الأميركية باستخدام قاعدة حرير لتقديم الدعم للوجود الأميركي في الشرق السوري.
جبار ياور: قرار اللجوء إلى قاعدة حرير هو عراقي، وليس قراراً أميركياً
تاريخ قاعدة حرير
في عام 2003، احتلت القوات الأميركية قاعدة حرير الجوية، التي كانت معروفة باسم باشور، التي استُخدمت خلال الحرب العراقية الإيرانية (1980 ـ 1988)، مطاراً عسكرياً وقاعدة متأخرة للعمليات والدعم الجوي، واستخدمها الجيش الأميركي قاعدةً للطيران المروحي بعد ذلك. تقع القاعدة في ناحية الحرير بإقليم كردستان وتبعد نحو 77 كيلومتراً عن مركز مدينة أربيل من جهة الشرق، وهي أقرب قاعدة جوية أميركية من الحدود الإيرانية، حيث تبعد عنها 115 كيلومتراً. وجرى استخدام القاعدة بشكلٍ رسمي بدءاً من مطلع عام 2015 في إطار عمليات التحالف الدولي ضد "داعش". وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، بدأت القوات الخاصة التابعة لقوة دلتا الأميركية المتمركزة في قاعدة حرير تنفيذ عملية سرية في سورية، أدت إلى استهداف ومقتل قائد "داعش" أبو بكر البغدادي.
في السياق، قال مصدر سياسي قريب من تحالف الإطار التنسيقي لـ"العربي الجديد"، إن التحالف الداعم للحكومة يدفع باتجاه المضي بإنهاء دور قوات التحالف الدولي والقوات الأميركية، لكنه أكد في الوقت ذاته أن "هناك شكوكاً في أن أحداث المنطقة والتجييش العسكري الحالي قد يؤدي إلى إلغاء أو تعطيل الاتفاقية الحالية". ولفت المصدر إلى أن "الاتفاق الحالي يقضي بأن تكون قاعدة حرير نقطة تحشيد القوات الأميركية الأخيرة في الأراضي العراقية، بعد انسحابها من الأنبار وبغداد في الأشهر الأخيرة". وأضاف المصدر أن "الإدارة الأميركية تريد أن تبقى لديها نقطة تواصل بين قاعدة حرير والقواعد العسكرية لها في الحسكة السورية، وتنسيق العمليات في مناطق شمال شرقي سورية، وقد حضّرت الإدارة الأميركية لوجودها في أربيل منذ أعوام، وزاد تركيزها على هذا الملف بعد اغتيال قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني عام 2020، من خلال نقل معدات عسكرية ولوجستية إلى أربيل".
وخلال الأعوام الثلاثة الماضية، جرت في قاعدة حرير أعمال توسيع، تضمنت زيادة السعة الاستيعابية، فضلاً عن إجراء تحصينات داخل القاعدة، كما شملت تشييد ملاجئ تحت الأرض ومستودعات وأماكن مبيت داخل الحرم الرئيسي، التي شهدت أعمال صيانة وتأهيل مماثلة عام 2016، في ذروة التدخل الدولي بالعراق ضد "داعش". ووفق معلومات نشرتها "العربي الجديد" في وقتٍ سابق، فإن قاعدة حرير تحولت إلى شبه مركز لإدارة عمليات للقوات الأميركية الموجودة في المناطق الشمالية السورية، المجاورة لإقليم كردستان، وهي مناطق تسيطر عليها "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، وتنتشر فيها وحدات أميركية صغيرة، تعمل في إطار الدعم اللوجستي والنقل والإمداد.
الأمين السابق لوزارة البيشمركة في حكومة إقليم كردستان جبار ياور، قال لـ"العربي الجديد"، إن "اللجان التي درست الوضع الأمني وقدرة القوات العراقية في المناطق الاتحادية، وفي إقليم كردستان أيضاً، أكدت أن هذه القوات قادرة على مسك الملف الأمني وإنهاء دور القوات الأميركية والتحالف الدولي، وترك جزء قليل من القوات الأميركية في قاعدة حرير، على أن يتم الانسحاب بشكلٍ نهائي من العراق في نهاية عام 2026". وأوضح ياور أن "الوجود في قاعدة حرير يرجع إلى دعم واشنطن قوات قسد، ومع انتقال القوات الأميركية إلى قاعدة حرير، فمن المستبعد أن تتم مهاجمة القاعدة من قبل من يعرّفون أنفسهم بأنهم فصائل المقاومة الإسلامية، لأن قرار اللجوء إلى قاعدة حرير هو عراقي، وليس قراراً أميركياً".
أحمد الشريفي: تطورات الصراع الإقليمي في المنطقة ربما تستدعي بقاء القوات الأميركية
ملفات أمنية عالقة
بدوره، لفت الخبير الأمني العراقي أحمد الشريفي إلى أن "الوضع الأمني وتطورات الصراع الإقليمي في المنطقة، ربما تستدعي بقاء قوات التحالف والقوات الأميركية"، موضحاً في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "التحالف الدولي أُسس لمحاربة داعش، وصحيح أن خطر التنظيم تراجع كثيراً، لكنه لم ينته، وهذا باعتراف السلطات العراقية، كما أن هناك ملفات لا تزال عالقة في الوضع الأمني العراقي، من ضمنها تهريب الدولار والمخدرات وتحديات أمنية أخرى". ورأى أن "انتقال القوات الأميركية إلى قاعدة حرير، قد يؤدي إلى تشنج جديد من قبل القوى التي تتحدى الإرادة الوطنية، وقد يتم استهدافها، على الرغم من الاتفاق بين بغداد وواشنطن"، مضيفاً أن "داعش ما زال يمثل خطراً على العراق والعراقيين، وخلال الفترات الماضية تمكن التحالف الدولي من استهداف مجموعات جوالة من داعش في جبال حمرين".
واستند حوار التعاون الأمني المشترك لعام 2024 إلى المناقشات التي جرت خلال زيارة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني لواشنطن في إبريل/ نيسان الماضي، وحوار التعاون الأمني المشترك الافتتاحي في الصيف الماضي. وخلال حوار التعاون الأمني المشترك الأول، قرر الجانبان إنشاء لجنة ثنائية عسكرية عليا لتحليل ثلاثة عوامل: تهديد تنظيم داعش، والمتطلبات التشغيلية، ومستوى قدرات قوات الأمن العراقية، وذلك من أجل تحديد مستقبل التحالف العسكري الدولي في العراق. واستمر حوار التعاون الأمني المشترك على أساس عمل اللجنة العسكرية العليا على مدى الأشهر الستة الماضية.