اعتبر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق غادي أيزنكوت، تهاوي الوحدة الداخلية للمجتمع الإسرائيلي، خطراً يفوق الخطر الذي تمثّله إيران و"حركة حماس" الفلسطينية و"حزب الله" اللبناني.
وفي مقابلة أجرتها معه صحيفة "معاريف"، ونشرت مقتطفات منها في عددها الصادر اليوم الخميس، قال أيزنكوت، الذي يعمل حالياً باحثاً رئيساً في "مركز أبحاث الأمن القومي" الإسرائيلي: "أعتقد أنّ التهديد الأكبر على مستقبل إسرائيل يتمثل في الصدع الداخلي الذي يعاني منه المجتمع، وتبادل القذف بالتهم وتهاوي مستوى الحكم، وتراجع ثقة الجمهور بمؤسسات الدولة والمحاكم وتعاظم الإجرام؛ فهذا التهديد يفوق التهديد الذي تمثله إيران وحماس وحزب الله"، على حدّ تعبيره.
وأضاف: "أنا لا أقلّص من خطورة التهديدات الخارجية، فأنا واجهت هذه التهديدات طيلة حياتي، لكن الحصانة الوطنية للمجتمع هي المكون الأكثر أهمية في الأمن القومي"، مشيراً إلى أن القلق على مستقبل الدولة بات يتسلّل إلى الجمهور الإسرائيلي، حيث لفت إلى أنه استمع لأمرأة تحدثت إلى إحدى الإذاعات المحلية، وقالت للمذيع إنها تبلغ من العمر 73 عاماً، و"هو نفس عمر دولة إسرائيل، وإنها قلقة على مستقبل الدولة".
وشدد قائد الجيش الإسرائيلي السابق على أن حصانة المجتمع الداخلية وقدرته على الصمود، تمثلان 51% من الأمن القومي، "فالناس هنا غير قلقين من التهديد الإيراني بل من مظاهر الضعف الداخلي، وتهاوي التماسك المجتمعي، وعدم المساواة والاحتكاكات بين القطاعات العرقية، وعدم احتواء أوساط جماهيرية كاملة داخل المجتمع"، مؤكداً أنه "لن يكون هناك أمن قومي بدون تضامن مجتمعي، ولن يكون هناك تضامن مجتمعي بدون أمن قومي".
ولفت إلى أن استراتيجية "بوتقة الصهر"، التي بلورها رئيس الوزراء الأول ديفيد بن غوريون لضمان التماسك الداخلي، والتي كانت الخدمة العسكرية في الجيش إحدى أهم أدواتها، "تواجه مشكلة"، مشيراً إلى أنه عندما تجنّد للجيش عام 1978، كانت نسبة الشباب الذين تجندوا 88%، في حين عندما تجنّد نجله في 2015، كانت النسبة 67%.
وبحسب أيزنكوت، فإنّ الشباب الذين يتجندون للجيش بنسبة كبيرة، يفضلون التطوع للخدمة في وحدات غير قتالية، مثل السايبر والوحدات التكنولوجية، ولا يفضلون الالتحاق بأذرع الجيش التي تتطلب الخدمة فيها "أن تَقتل وأن تُقتل".
وأوضح أنه لا يوجد تكافؤ في الفرص بين الشباب على أساس جغرافي، لافتاً إلى أن الشباب الذين يقطنون في الأطراف، ومدن التطوير، لا يحظون بنفس الفرص التي يحظى بها الآخرون، حتى داخل الجيش ذاته.
وعلى صعيد التعاطي مع القضية الفلسطينية، حذر أيزنكوت من أن تجاهل هذه القضية سيفضي إلى دولة ثنائية القومية، "لا تحتاج أن تكون عبقرياً حتى تدرك تداعيات أن يختلط فينا ملايين الفلسطينيين"، مشيراً إلى أن وضع فلسطينيي الداخل يعقد الأمور أكثر.
واقترح أيزنكوت أن يتم استغلال وجود رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في "آخر أيامه، وأن نعرض على الفلسطينيين حلاً مؤقتاً لمدة 3-5 سنوات، يهدف إلى تحسين الواقع، والشروع في بناء الجسور، وتقليص مستوى العداء، وتعزيز الثقة"، مقترحاً أن يتم تجنيد الولايات المتحدة، مصر، الأردن، والدول الخليجية، لإنجاز هذا المشروع.