فيتو أميركي يُحبط منح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة

19 ابريل 2024
خلال جلسة مجلس الأمن للتصويت على مشروع القرار، 18 إبريل 2024 (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- الجزائر قدمت مشروع قرار لمجلس الأمن الدولي لمنح فلسطين عضوية كاملة في الأمم المتحدة، لكن الولايات المتحدة استخدمت الفيتو مانعةً تبني القرار، بينما امتنعت المملكة المتحدة وسويسرا عن التصويت.
- سفير فلسطين لدى الأمم المتحدة والدول الداعمة للقرار أعربوا عن خيبة أملهم من استخدام الفيتو الأمريكي، مؤكدين على الدعم الدولي الكبير للقضية الفلسطينية وإصرارهم على مواصلة النضال.
- الحدث يعكس الدعم الدولي الواسع لفلسطين والتزام الجزائر والدول الداعمة بمواصلة السعي نحو الاعتراف الدولي بدولة فلسطين، مع التأكيد على أهمية العدالة والسلام الدائمين.

استخدمت الولايات المتحدة حق النقض "الفيتو" ضد مشروع القرار

حظي مشروع القرار بتأييد 12 دولة مقابل امتناع بريطانيا وسويسرا

وصف مندوب فلسطين التصويت بالحدث التاريخي مهما كانت نتائجه

أفشلت الولايات المتحدة، الخميس - الجمعة، تبنّي مجلس الأمن الدولي في نيويورك مشروع قرار جزائري يوصي بقبول فلسطين كدولة ذات عضوية كاملة في الأمم المتحدة. وحصل مشروع القرار على تأييد 12 دولة وامتناع كل من المملكة المتحدة وسويسرا عن التصويت واستخدام الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو).

ويحتاج أي مشروع قرار لتبنيه تسعة أصوات، شرط ألّا تستخدم أي من الدول دائمة العضوية، وهي: فرنسا، الصين، الولايات المتحدة، المملكة المتحدة وروسيا، "الفيتو" ضده. وكان من اللافت تصويت فرنسا لمشروع القرار.

وقال سفير فلسطين لدى الأمم المتحدة رياض منصور بعد التصويت، متحدثا إلى الدول الأعضاء في المجلس: "لم يكن يوما حقنا في تقرير المصير خاضعا للمساومة أو التفاوض. إنه حق طبيعي وقانوني للعيش في وطننا فلسطين كدولة مستقلة حرة ذات سيادة وهو غير قابل للتصرف ولا يرتبط بزمن أو توقيت، ولا يخضع لأي تحكم من قبل إسرائيل، الدولة القائمة بالاحتلال، بالتطهير العرقي والإبادة الجماعية والمنهمكة في طرد شعبنا عن أرضه". وأضاف "لقد بقي الشعب الفلسطيني العظيم على أرضه رغم الاحتلال والقهر والاستعباد والمحاصرة والمطاردة والتشريد والتهجير واللجوء"، مشدداً على أن عدم تبني القرار لن يهزم عزيمة الفلسطينيين بالتوجه مجددا في المستقبل بطلب جديد للحصول على عضوية كاملة".

كما عبر عن امتنانه للدول التي صوتت ودعمت مساعي فلسطين للحصول على عضوية كاملة، مؤكداً أن إسرائيل لا تريد السلام أو دولة فلسطينية، وأشار إلى رفع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لخريطة إسرائيل الكاملة على جميع أراضي فلسطين التاريخية خلال مداخلته أمام الجمعية العام في سبتمبر/أيلول الماضي، وشدد على أن إسرائيل واهمة في اعتقادها أن بإمكانها التخلص من الفلسطينيين. ووجه خطابه للدول الأعضاء قائلا: "هل ستعطون إسرائيل حق الفيتو على حقنا في الوجود، وزهق المزيد من الأرواح والأسلحة.... إن عضوية دولة فلسطين بالأمم المتحدة ليست بالأمر الرمزي، بل هي ذات أهمية لجميع الفلسطينيين وشعوب المنطقة في هذه المرحلة الدقيقة"، وشدد على أن العضوية الكاملة في الأمم المتحدة "لا تنتقص من عضوية أي دولة أو تهددها... نود أن نكون متساوين".

وأضاف منصور "حان وقت الحرية... هناك في فلسطين أبرياء يدفعون حياتهم ثمنا للانحياز الأعمى لإسرائيل وتأجيل العدل والحرية والسلام والمعايير المزدوجة والغطرسة الإسرائيلية."، وتابع "تحمل الشعب الفلسطيني شتى أنواع التنكيل على يد المحتل الإسرائيلي، ولعله أصبح واضحا الآن أكثر من أي وقت مضى، أن هذا الشعب العظيم لم ولن يتنازل عن حقه في أرضه رغم هول المآسي ومرارة الفقدان، ولم يفقد إنسانيته".

وانفجر سفير فلسطين بالبكاء وهو يقول في ختام مداخلته أمام مجلس الأمناء: "شعبنا الفلسطيني الآن يبحث عن بقايا الحياة ولن تجدوا من هو أكثر طوقا لعيش الحياة العادية كشعبنا في غزة، غزة العزة غزة العظيمة... بل إن شعبنا الفلسطيني في كل أماكن وجوده يريد الحياة ويتشبث بها كسائر شعوب الأرض؛ شعب يطوق للحرية والحياة الكريمة... لن يختفي ولن يندثر.. إما أن تنصفوه أو تنصفوه".  

وكان منصور قد تحدث، في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد" قبل التصويت، حول السبب وراء الذهاب للتصويت على الرغم من "الفيتو" الأميركي المتوقع قائلاً: "دولة فلسطين لا تختلف عن الكثير من الدول بما فيها فيتنام وكوبا والأردن وإيطاليا والتي عُطل طلب عضويتها مرات عديدة إلى أن أخذت العضوية الكاملة، وغيرها الكثير من الدول (..) اليوم هو بداية عظيمة من التأييد الهائل من قادة الدول الذين حضروا على مستوى وزراء ومسؤولين كبار ليعلنوا تأييدهم الكبير لعضوية دولة فلسطين وليحثوا من لم يعترفوا على أن يقوموا بذلك"، ووصف التصويت بالحدث التاريخي مهما كانت نتائجه، مؤكداً أن فلسطين ستحاول مجدداً الحصول على العضوية الكاملة.

وعقب التصويت، تحدث سفراء الدول الأعضاء خلال جلسة مجلس الأمن الدولي حول مواقف بلادهم. وقال السفير الروسي فاسيلي نيبنزيا إن التاريخ سيسجل هذا اليوم كيوم قرر فيه المجتمع الدولي، وبعد ثلاثة أرباع القرن تقريبا، أن يأخذ القرار الصائب وتصويب جزء من الظلم التاريخي الذي حل بفلسطين وطموح شعبها البطل". وأضاف "لكن الزملاء الأميركيين قاموا للمرة الخامسة منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة بممارسة حق الفيتو... واشنطن ترى أن الفلسطينين لا يستحقون دولتهم وما هم إلا عثرة على درب تحقيق أهداف إسرائيل، ولهذا الغرض فإن الولايات المتحدة مستعدة أن تبقى مغمضة الأعين عما يحدث من فظائع في غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية". 

وأضاف "إنها تهدف بذلك إلى كسر شوكة الفلسطينيين لترغمهم على الخضوع إلى السلطة المحتلة ليتحولوا إلى خدم ومواطنين من الدرجة الثانية والطرد من وطنهم... ولكن ذلك سيؤدي إلى نتائج معاكسة، والسواد الأعظم من العالم يدعم طلب فلسطين العضوية في المنظمة". ورأى أن الولايات المتحدة تنزلق إلى مستنقع الحرب. وحمل السفير الروسي الولايات المتحدة "المسؤولية الكاملة، مع حليفها الإسرائيلي، عن مقتل عشرات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين، وهذا أمر ليس من مستوى دولة عظمى"، وشدد على ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار في غزة.

إلى ذلك، علل نائب السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة روبرت وود استخدام بلاده للفيتو قائلا "لطالما قلنا بوضوح إن الإجراءات السابقة لأوانها، مهما كانت النوايا حسنة، لن تخدم هذا الغرض... ولا نرى أنها تلبي المعايير لاعتبارها دولة. وحماس، كمنظمة إرهابية، هي التي تفرض سلطتها على غزة، وهي جزء مهم من الدولة".

من جهته، عبر سفير الجزائر لدى الأمم المتحدة عمار بن جامع عن شكره لكل الدول التي صوتت لصالح المشروع، وشدد على أن ذلك الدعم يظهر الدعم الدولي لأحقية فلسطين بعضوية كاملة في الأمم المتحدة، معبراً عن أمله في أن يتم دعم فلسطين وقبولها كدولة ذات عضوية كاملة في الأمم المتحدة في المستقبل القريب.

وقال بن جامع إن بلاده ستجدد المحاولة في الفترة المقبلة بشأن تحقيق مطلب الحصول على عضوية كاملة لفلسطين في الأمم المتحدة. وأضاف "سنعود أقوى وأكثر صخبا بدعم من شرعية الجمعية العامة والدعم الأوسع من أعضاء الأمم المتحدة.. هذه ليست سوى خطوة أخرى في الرحلة نحو العضوية الكاملة لفلسطين". وأضاف "جهود الجزائر لن تتوقف حتى تصبح دولة فلسطين عضوا كامل العضوية في الأمم المتحدة"، وخاصة أن التأييد الساحق لمشروع القرار يبعث برسالة واضحة أن "دولة فلسطين تستحق مكانها الصحيح بين أعضاء الأمم المتحدة".

وعللت كل من سويسرا والمملكة المتحدة الامتناع عن التصويت بحجج مختلفة، من بينها سيطرة حماس على قطاع غزة. وقالت السفيرة البريطانية باربارا ودورد أمام مجلس الأمن بعد التصويت: "لقد امتنعنا عن التصويت على هذا القرار اليوم لأنه يجب علينا أن نواصل تركيزنا على تأمين وقفات (للاقتتال) من أجل إدخال المساعدات وإخراج الرهائن. ثم إحراز تقدم نحو وقف مستدام لإطلاق النار دون العودة إلى الدمار والقتال والخسائر في الأرواح".

 وكانت مصادر دبلوماسية في نيويورك قد أشارت إلى أن الولايات المتحدة حاولت الضغط على الدول الأعضاء كي تمتنع عن التصويت ولا يحصل مشروع القرار على تسعة أصوات وعدم اضطرارها إلى استخدام الفيتو. 

ويوصي مشروع القرار الجمعية العامة بقبول دولة فلسطين كعضو كامل العضوية في الأمم المتحدة. ويمكن لفلسطين العودة مجدداً بعد استخدام الولايات المتحدة "الفيتو" وتقديم الطلب في وقت لاحق، حيث لا يوجد أي تقييد على عدد المرات التي يمكن من خلالها تقديم طلب العضوية. ويُشار إلى أن الحصول على عضوية كاملة كدولة في الأمم المتحدة يتطلب المرور بثلاث محطات: الأمين العام، ومجلس الأمن، والجمعية العامة وموافقتها جميعها.

يشار في هذا السياق إلى أن التصويت ليس على الاعتراف بفلسطين كدولة من عدمه، بل على عضوية كاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة، والاعتراف بالدول هو خطوة دبلوماسية ثنائية تقوم بها الدول في ما بينها ولا علاقة مباشرة للأمم المتحدة بها، كما أن فلسطين دولة مراقبة في الأمم المتحدة والتصويت اليوم كان على عضوية كاملة بدلا من العضوية كدولة مراقبة.

الرئاسة الفلسطينية: الفيتو الأميركي غير أخلاقي

إلى ذلك، أدانت الرئاسة الفلسطينية، مساء الخميس، بأشدّ العبارات استخدام الولايات المتحدة الأميركية حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي لمنع دولة فلسطين من الحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.

وأكدت الرئاسة الفلسطينية في بيان رسمي نشرته وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا)، أن "الفيتو" الأميركي "غير نزيه وغير أخلاقي وغير مبرر، ويتحدى إرادة المجتمع الدولي الذي يؤيد بقوة حصول دولة فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، حيث تعترف أغلبية دول العالم بدولة فلسطينية وذلك منذ عام 2012 عندما صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة على رفع مكانة فلسطين في الأمم المتحدة إلى وضع الدولة المراقب".

وشددت الرئاسة على أن هذه السياسة الأميركية العدوانية تجاه فلسطين وشعبها وحقوقها المشروعة تمثل عدواناً صارخاً على القانون الدولي، وتشجّع استمرار حرب الإبادة الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس المحتلة، وتزيد في دفع المنطقة إلى شفا الهاوية، في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين ومواصلة سياسات العدوان وجرائم الحرب التي تحصل برعاية الولايات المتحدة الأميركية ودعمها.

وأكدت الرئاسة أن هذا الفيتو الأميركي يكشف تناقضات السياسة الأميركية التي تدّعي من جانب أنها تدعم حل الدولتين، فيما هي تمنع المؤسسة الدولية من تنفيذ هذا الحل عبر استخدامها المتكرر للفيتو في مجلس الأمن ضد فلسطين وحقوقها المشروعة. وأضافت أن تحقيق السلام والأمن والاستقرار في المنطقة والعالم رهن بتطبيق قرارات الشرعية الدولية وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين والاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها حقه في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة بعاصمتها القدس الشرقية.

"حماس" تدين استخدام أميركا الفيتو

من جانبها، أدانت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس)، الجمعة، بأشد العبارات استخدام الولايات المتحدة الفيتو في وجه مشروع قرار يدعو لمنح دولة فلسطينية العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.

مصر تأسف لعجز مجلس الأمن عن إصدار قرار

كما عبرت وزارة الخارجية المصرية في بيان، في ساعة مبكرة من صباح اليوم الجمعة، عن أسفها لعجز مجلس الأمن عن إصدار قرار يمكن الدولة الفلسطينية من الحصول على عضوية كاملة في الأمم المتحدة.

وشددت على أن القضية الفلسطينية "تمر بمفترق طرق يحتم على الدول تحمل مسؤوليتها التاريخية باتخاذ موقف داعم للحقوق الفلسطينية وخلق أفق سياسي حقيقي لإعادة إطلاق عملية السلام بهدف التسوية النهائية للقضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين".

وكانت فلسطين قد تقدمت بالطلب لأول مرة رسمياً عام 2011 عن طريق رسالة بعثها الرئيس الفلسطيني محمود عباس آنذاك إلى الأمين العام للأمم المتحدة، الذي حوله بدوره لمجلس الأمن، إلا أن مجلس الأمن، منذ ذلك الحين، لم ينظر في الطلب رسمياً بسبب ضغوط أميركية، إلى أن فُعِّل الطلب أخيراً. 

وتقدمت فلسطين في العام الذي تلاه، عام 2012، بطلب عضوية كدولة مراقبة، وحصلت على تأييد ثلثي الدول في الجمعية العامة. وهناك أكثر من 140 دولة تعترف بدولة فلسطين، على الرغم من أنها ليست عضواً كاملاً في الأمم المتحدة، لكنها دولة مراقبة. وانضمت فلسطين منذ ذلك الحين إلى قرابة 100 اتفاقية ومعاهدة دولية.

 

الأردن يعرب عن "أسفه" لفشل قبول فلسطين عضواً في الأمم المتحدة

أعرب الأردن، اليوم الجمعة، عن "أسفه الشديد" لفشل مجلس الأمن الدولي في تبني قرار بقبول دولة فلسطين عضوا كاملا في الأمم المتحدة نتيجة استخدام الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو).

وأكدت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين في بيان، اليوم، أن المجتمع الدولي يدعم حل الدولتين الذي تقوضه إسرائيل، ما يجعل من الاعتراف بالدولة الفلسطينية واجب على مجلس الأمن لمنع إسرائيل من الاستمرار في حرمان الشعب الفلسطيني من حقه في الحرية والدولة.

وقال الناطق باسم الوزارة سفيان القضاة إن "الأردن يدعو كل الدول للاعتراف بالدولة الفلسطينية التي لن يتحقق الأمن والسلام في المنطقة من دون تجسدها على خطوط الرابع من حزيران (يونيو) العام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية".