أعلنت فصائل فلسطينية وقوى شعبية ومدنية، اليوم الأحد، عن رفضها لاجتماع العقبة الذي تشارك فيه السلطة الفلسطينية إلى جانب كل من مصر والأردن والولايات المتحدة الأميركية بالإضافة إلى الاحتلال الإسرائيلي من أجل مناقشة التهدئة بالضفة الغربية المحتلة.
وعقدت فصائل فلسطينية في مدينة غزة اجتماعًا وطنيًا طارئًا شاركت فيه غالبية الفصائل باستثناء حركة فتح، حيث شاركت حركة حماس والجهاد الإسلامي والجبهتان الشعبية والديمقراطية وممثلون عن قوى يسارية بالإضافة لحركات شعبية وممثلين عن الوجهاء والعشائر والمجتمع المدني.
وقال عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين خالد البطش في البيان الختامي للاجتماع الفصائلي إن قمة العقبة الأمنية تنعقد بمشاركة السلطة الفلسطينية وأطراف عربية وإسرائيلية، برئاسة أميركية، رغم سيل الدم المتدفق في الضفة الغربية المحتلة.
وأضاف البطش في كلمته عن الفصائل والقوى المشاركة أن اجتماع العقبة يأتي كعربون صفح عن جرائم الاحتلال الإسرائيلي، مشددًا على رفض هذا اللقاء الأمني وإدانة المشاركة فيه، مع التحذير من مخرجاته على الفلسطينيين.
وحذر البطش الاحتلال الإسرائيلي من التغول على المسجد الأقصى والقدس المحتلة من خلال الانتهاكات والاستيطان والاقتحامات، مؤكدًا أن المقاومة الفلسطينية والشعب الفلسطيني في الداخل المحتل والضفة والقدس سيتصديان للاحتلال.
تركيع الشعب الفلسطيني
في السياق، قال عضو المكتب السياسي لحركة حماس، سهيل الهندي، إن لقاء العقبة يستهدف تركيع الشعب الفلسطيني ومقاومته من خلال تفاهمات أمنية تستهدف انتفاضة وهبة الفلسطينيين بالضفة الغربية.
وأضاف الهندي لـ"العربي الجديد" أن جميع المؤامرات التي تستهدف الشعب الفلسطيني من وراء لقاء العقبة ستبوء بالفشل وستواصل المقاومة الفلسطينية عملها من أجل التصدي للجرائم الإسرائيلية المتصاعدة في مختلف المناطق، داعياً إلى تصعيد المواجهة والاشتباك مع الاحتلال الإسرائيلي لا سيما في الضفة الغربية المحتلة والقدس لمواجهة مؤتمر العقبة ومخرجاته التي تستهدف بدرجة أساسية المقاومة الفلسطينية.
وأشار الهندي إلى أن مؤتمر العقبة كسابقاته من المؤتمرات التي تبحث عن تعزيز الأمن الإسرائيلي بعيدًا عن الحقوق الفلسطينية، مشدداً على رفض حركة حماس القاطع لمشاركة السلطة الفلسطينية في المؤتمر لا سيما مع ارتفاع وتيرة المجازر الإسرائيلية.
لا رهان على الوعود الأميركية
إلى ذلك، أكد عضو اللجنة المركزية العامة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ماهر مزهر أن مؤتمر العقبة لا يمثل الشعب الفلسطيني رغم الحضور الرسمي الممثل في السلطة الفلسطينية في ظل حالة الرفض الشعبي والفصائلي القاطع له.
وقال مزهر لـ"العربي الجديد" إن المطلوب من الفصائل توفير كافة أشكال الدعم والإسناد للمقاومة في الضفة والقدس والعمل على تعزيز صمود أهلها لمواجهة السياسات العنصرية الإسرائيلية المتصاعدة بوتيرة عالية في عهد حكومة بنيامين نتنياهو.
وبحسب عضو اللجنة المركزية العامة للجبهة الشعبية فإن الفصائل مطالبة بعدم الرهان على الوعود الأميركية أو حتى الاحتلال الإسرائيلي والعمل على تعزيز الوحدة الميدانية بناءً على برنامج عمل وطني مشترك يقوم على المقاومة الشاملة والمواجهة.
وشدد على أن القيادة الفلسطينية ممثلة بالسلطة كان عليها عدم الذهاب للمؤتمر وتشكيل قيادة وطنية موحدة للمقاومة الشعبية وتعزيز الصمود الفلسطيني وإسناد المقاومة بكافة تشكيلاتها ودعوة الأمناء العامين للفصائل للتأسيس لمرحلة جديدة من المقاومة.
بدوره، أوضح القيادي في حركة الجهاد الإسلامي خضر حبيب أن غالبية الفصائل الفلسطينية ترفض مؤتمر العقبة ومخرجاته كونه مؤتمرًا أمنيًا يستهدف المقاومة الفلسطينية لصالح الأمن الإسرائيلي وبعيدًا عن حقوق الشعب الفلسطيني.
وقال حبيب لـ "العربي الجديد" إن الإدارة الأميركية لا تريد مصلحة الشعب الفلسطيني بقدر ما تبحث عن المصالح الإسرائيلية، معتبرًا أن التحركات الأخيرة لواشنطن جاءت بهدف شطب الفلسطينيين ووقف مقاومتهم المتصاعدة.
قرار المشاركة اتخذ بعيدا عن مؤسسات المنظمة
بدورها أعلنت كل من الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين وحزب الشعب الفلسطيني والاتحاد الديمقراطي الفلسطيني (فدا) اليوم الأحد، رفضها لمشاركة السلطة الفلسطينية في قمة العقبة الأمنية، واعتبرتها تستند إلى السياسة الأميركية القائمة على خفض الصراع، مقابل تحسين الأوضاع الاقتصادية، وإطلاق يد حكومة الاحتلال في تنفيذ سياساتها ومخططاتها التوسعية.
وخلال مؤتمر صحافي عقدته الفصائل الثلاثة المنضوية في منظمة التحرير الفلسطينية ظهر اليوم الأحد، قال عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية رمزي رباح، إن اللجنة التنفيذية لم تناقش ولم تقرر هذه المشاركة.
وكشف رباح عن توجيه رسائل للرئيس الفلسطيني محمود عباس حول ذلك بالقول: "طلبنا على مدى الأيام السابقة برسائل مباشرة إلى الرئيس محمود عباس (أبو مازن) ومن خلال بيانات علنية، واليوم في هذا المؤتمر بعدم المشاركة في اجتماع العقبة، وطالبنا بعقد اجتماع فوري للجنة، لتقييم التحركات الفلسطينية واتخاذ الموقف الذي يضمن حقوقنا".
وفي رد على سؤال لـ"العربي الجديد" حول وجود ردود بالإيحاب أو الرفض، أو تجاهل الرد، قال رباح: "لم يجر الرد على الرسائل، ولم تجر حتى اللحظة الدعوة لاجتماعات للجنة التنفيذية"، وفسر ذلك بأنه محاولة لإضعاف وتغييب مؤسسات منظمة التحرير، محذراً في الآن نفسه من أن ذلك سيؤدي إلى تشويه أوضاع المنظمة، وإضعاف مؤسساتها، وإفقادها المصداقية.
وفي إجابة عن سؤال ثان أكد رباح وجود تجاوز وتعطيل لقرارات المؤسسات داخل مؤسسات المنظمة، ومن بينها؛ قرار عدم الدخول في مفاوضات أمنية مع إسرائيل، وعدم الذهاب إلى مسار أمني، ووقف التنسيق الأمني، طالما لم يلتزم الاحتلال باثني عشر شرطا، بينها وقف الاستيطان والإجراءات في القدس، ووقف الهدم والتهجير واقتحام المدن، وملف الأسرى.
وفسر رباح عدم تطبيق تلك القرارات في ظل الضغوط الأميركية بأن السلطة الفلسطينية ومركز القرار في المنظمة، لا يريدان الذهاب إلى مواجهة، لأن تنفيذ تلك القرارات يعني الذهاب إلى تلك المواجهة، إضافة إلى ما تعرضت له المنظمة من تهميش على مدار سنوات اتفاق أوسلو لصالح السلطة الفلسطينية، وسنوات الانقسام الداخلي التي أفسدت الحياة السياسية وغيبت الانتخابات.
وأكد رباح أن مجزرة الاحتلال مؤخرا في نابلس كشفت ألا صحة للحديث المضلل عن تعهدات إسرائيلية بوقف اقتحامات المدن ومسلسل الجرائم، وعمليات الاستيطان والهدم والتهجير.
وأضاف رباح: "ان الضغوط الأميركية والانسياق الخاطئ وراءها للدخول في ترتيبات أمنية جديدة، سيقود إلى نتائج سلبية، قد يترتب عليها إحداث فتنة داخلية تحت شعار ضبط الأمن ومنع المظاهر المسلحة، والعودة للتنسيق الأمني".
وطالب رباح بمراجعة شاملة على مستوى التوصل إلى الاستراتيجية الوطنية والكفاحية الموحدة، ومراجعة أسس الائتلاف والإصلاحات المطلوبة في مؤسسات المنظمة لوقف التفرد وإرساء الشراكة في اتخاذ القرار وتحمل تبعات تنفيذه.
لا مبرر لتغيير الموقف الفلسطيني
بدوره، قال أمين عام حزب الشعب الفلسطيني بسام الصالحي إن "أساس العلاقة مع الاحتلال يجب أن يستند إلى موقف موحد يعتمد على تقييم مشترك قامت به كل القوى الفلسطينية سابقا، أدى إلى قرارات محددة اتخذها المجلسان الوطني والمركزي في المنظمة، واتخذت كذلك في الحوارات الفلسطينية، تقول إن القاعدة هي النضال والصراع بين شعب محتل وقوة احتلال".
وأكد الصالحي أنه لا يوجد أي مبرر لتغيير الموقف الفلسطيني الموحد الذي أيد وقف التنسيق الأمني مؤخرا، بل يجب تطوير ذلك الموقف نحو تنفيذ قرارات المجلسين الوطني والمركزي.
وقال إن "اجتماع العقبة اليوم ليس في هذا الإطار، فالولايات المتحدة وإسرائيل تريدان أخذ الأمر إلى ممارسة ضغوط لتغيير الموقف الفلسطيني، ولإدخال الساحة الفلسطينية في أوهام وارتباكات"، مضيفا: "سنكون سعداء إن لم تنجح هذه القمة في العقبة، وألا تؤدي إلى التزامات فلسطينية في المواضيع الأمنية، لأن غايتنا ليس تسجيل مواقف، بل أن نمنع تحويل القضية إلى مسألة أمنية".
وتساءل أمين عام "فدا" صالح رأفت عن نتائج التجارب مع رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو في حكوماته السابقة، قائلا: "إنه لم ينفذ أي اتفاق مع السلطة الفلسطينية". وأشار إلى أن نتائج الوعود الأميركية مؤخرا بوقف الاعتداءات والاقتحامات الإسرائيلية والاستيطان والهدم كانت عكسية، حيث ارتكب الاحتلال جريمة نابلس، إضافة إلى إقرار الاحتلال بناء ثمانية آلاف وحدة استيطانية، وشرعنة بؤر استيطانية، والاستمرار بالهدم.
وأضاف صالح: "نحن نخطّئ الذهاب إلى اجتماع العقبة، وندعو للانسحاب منه، كما ندعو مصر والأردن للانسحاب منه أيضا".
وتهدف القمة الأمنية إلى عرض خطة المنسق الأميركي مايك فينزل للتهدئة، التي بدأت خطواتها الفعلية في 20 فبراير/ شباط الحالي، حيث وافقت القيادة الفلسطينية على سحب مشروع قرار أمام مجلس الأمن يدين الاستيطان، وقبلت بدلاً منه ببيان رئاسي استبدل إدانة الاستيطان بـ"الشعور بالاستياء والقلق منه".
ويأتي توقيت القمة الأمنية قبل عدة أسابيع من شهر رمضان، الذي تتشارك جميع الأطراف مخاوف أن يحمل تصعيداً وتدهوراً أمنياً في الضفة الغربية، التي تعيش حالة غليان ومجازر إسرائيلية في جنين ونابلس.